| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأربعاء 18/5/ 2011                                                                                                   

 

البرلمان العراقي واهمال التصويت الألي!

مصطفى الأدهم *

آلية التصويت هي من أساسيات العمل البرلماني. فكل تشريع لا يرى نور الإقرار إلا من رحم التصويت. كما وان أي مشروع قانون أو مقترح لا يدفن في مقبرة الرفض وفشل الإقرار إلا بمعول التصويت. ومجلس النواب العراقي لا يختلف عن اشقائه من البرلمانات الأخرى في العالم من حيث اعتماده آلية التصويت لحسم المختلف من الأمور من خلال الإتفاق على رفضها أو قبولها وفق نتائج التصويت.
لكن مجلس النواب العراقي يشذ عن اشقائه الأكثر رشدا من برلمانات العالم في الدول الأكثر رسوخا في الديمقراطية وممارسة العمل النيابي، حيث تعتمد تلك البرلمانات آلية التصويت ب"جيلها الجديد"  المسمى بنظام التصويت الآلي أو الإليكتروني. وهو النسخة الحديثة من نظام التصويت القديم المعروف بالتصويت اليدوي الذي مازال بدوره يمارس في البرلمان العراقي ونحن في عام 2011!
لا شك أن العمل بنظام التصويت الألي له مزاياه المتفوقة على النظام الكلاسيكي. حيث السرعة والخصوصية والحرية هي سمات نظام التصويت الإليكتروني فمن خلاله يتمكن كل النواب وبشكل منفرد من ممارسة حقهم بالتصويت ب"نعم" أو "لا" على التشريعات والإقتراحات والطلبات المعروضة عليهم للإقرار أو الرفض. وبما إن الأمانة مع الناخب والعمل على خدمته هي قلب العمل النيابي الذي يجب أن يضطلع به النائب المنتخب بتوكيل مدته أربع سنوات قابلة للتجديد أو السحب من قبل الناخب. لذلك على النائب أن يكون حرا بقراره مالكا لإرادته كي يكون أمينا وصادقا مع ناخبه. ولن تتحقق الحرية للنائب والتي تمكنه من الإمساك وحده بزمام قراره، ما لم يتم الإعتماد على نظام التصويت الآلي، الذي سيحرر الكثير من النواب من أسر زعماء الكتل النيابية لهم، الذين يسجنون بدورهم قرار أعضاء كتلهم في بعض الأحيان، من خلال الدفع بنواب كتلهم الى التصويت على ما يتماشى مع مصحلة الزعيم, صائبا كان ام مخطأ.
فكم من مرة تم اقرار قوانين وتم تمرير صفقات لا ترضي الشارع-الناخب ، بل أثارت سخطه ونقمته ، مما دفع ببعض النواب إلى التبرير بأنهم وتحت ضغط من زعمائهم يضطرون إلى مجاراتهم في عملية التصويت. 
أما خلفية هذه المجاراة فهي شبكة المصالح الشخصية والحزبية والمجالات السياسية على حساب المصلحة العامة للناخب وعلى حساب جوهر العمل النيابي الذي هو تمثيلي أي أن يكون النائب ممثلا لإرادة ناخبه. وهذا لا يعني أن ينسلخ النواب عن كتلتهم النيابية و احزابهم السياسية أو يعلنوا العصيان على زعمائهم، لكن عليهم أن يكونوا واضحين في قراراتهم فلا يصوت احدهم بنعم فيخرج للإعلام فيقول "والله كنت مجبور، وماكو مجال كدامي، بس لو آكو نظام الكتروني لتصويت جان صوطت غير شكل".. على هذه النغمة يعزف النواب ولهم شيء من "ألحق" في شكواهم، ولنا ألحق بأن يكون من انتخبنا ممثلا لنا أولا ومقتنعا بعمله ثانيا سواء أجاء متوازيا مع رأينا أو متقطعا معه. وعلى هذا التقارب والتباعد تجدد أو تسحب الوكالة النيابية من قبل الناخب.
وكما هو معلوم وبحسب تصريحات عدد من النواب فأن مجلس النواب العراقي كان قد اشترى أجهزة التصويت الألي وصرف عليها الملايين ولكن ومع ذلك فلم يعتمد العمل بها والحجة هي "أسباب فنية" ولا ندري كيف ولدت هذه الأسباب الفنية الأن؟
- ولماذا لم يتم أخذها بعين الإعتبار عندما تم العمل على شراء النظام ؟
- ولماذا صرفت هذه المبالغ ولم يتم الإستفادة منها حتى الساعة؟
- وما هو مصير الأجهزة التي تم شرائها؟
أن كانت العوائق التي تمنع البرلمان من اعتماد آلية التصويت الإلكتروني هي عدم معرفة النواب بها؟ - فيمكن حلها بدورة تعليمية على كيفية الإستخدام. 
لكن وكما صرح بعض النواب فأن الأسباب الكامنة في عدم حسم آلية التصويت من النظام البدائي إلى النظام الحديث، هي أسباب سياسية بحتة. حيث يخشى زعماء الكتل أن يشق أعضاء كتلهم عصى طاعتهم ساعة التصويت.

اذن على مجلس النواب العراقي ، اعتماد آلية التصويت الآلي التي اشتراها سابقا وان يلحق بركاب البرلمانات الأكثر رشدا منه كي يغادر مرحلة ´الحبو النيابي´إلى مرحلة ´المشي النيابي´ عبر تعمله ´السلم الموسيقي´ للعزف البرلماني الصحيح. واول "درجة" في هذا السلم هي نظام التصويت الحديث.

 

18.05.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter