| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

السبت 18/8/ 2012                                                                                                   


 

المعركة مع الإرهاب .. بين المالكي والوكيل ؟

مصطفى الأدهم

في لقاءه مع القادة والضباط والمراتب الذي احبطوا محاولة اقتحام سجن التاجي، بتاريخ 06.08.2012، صرح رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بـ"أن المعركة مع الإرهاب قد انتهت، وان المتبقي هو خلايا تبحث هنا وهناك عن فرصة أو ثغرة". (1).

 

يومها هالني التصريح، لأنه معاكس للواقع على الأرض، ومخالف لكل من النظرية العلمية والوقائع العملية. فكتبت مقالتي الموسومة بـ"العراق.. المعركة مع الإرهاب لم تنتهي" - أوضحت فيها وجهت نظري في عدم انتهاء الحرب على الإرهاب أو المعركة معه - معززة بالحجج والشواهد. لكن التصريح مر مرور الكرام.. رغم خطورته على الشعب وعلى رئيس الوزراء نفسه.

 

وبتاريخ 15.08.2012، صرح المتحدث بأسم قيادة عمليات بغداد، العقيد ضياء الوكيل، "أن المعركة مع تنظيم القاعدة انتهت بصورة كاملة وان القوات الأمنية تبحث عما تبقى من فلولها الإرهابية". (2)

 

بعد هذا التصريح الساذج التي جاء بعد تصريح رئيس الوزراء المرتجل والمرسل، بساعات حدثت سلسلة من العمليات الإرهابية، راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى. الأمر الذي يعد دليلا ملموسا على عدم انتهاء المعركة مع الإرهاب عموما ونتظيم القاعدة الإرهابي خصوصا - ولم نكن بحاجة إلى هكذا دليل دموي - حتى تكتشف القيادات العسكرية والأمنية هذه الحقيقة المرة. لكنه الإستعجال، وتحقيق المكاسب بخلق انتصارات وهمية. 

 

نعم، الحرب على الإرهاب حققت نجاحات رائعة. والقيادات والمراتب العسكرية والأمنية أضافة الى السياسية لها دور في هذه النجاحات. لكن، هذا لا يعني بأي حال أن المعركة على الإرهاب قد انتهت. ببساطة لأنها معركة مفروضة علينا - كشعب وسلطة - من قبل العدو الإرهابي، فلا يمكننا الإعلان عن انتهاء هذه المعركة معه، دون أن يعلن هو خسارته، أو أن نمنيه بهزيمة ساحقة تعد نصرا كاسحا لنا - وبكلمات أخرى نفقده القدرة على النجاح في "التخطيط والإختراق والتنفيذ" - من خلال احباط عملياته قبل وقوعها، بالجهد الإستخباري، وتجفيف البيئة الحاضنة، والردع. الأمر الذي لم يتحقق بالنسبة المطلوبة حتى الساعة. 

 

اليوم، طالعني الخبر التالي: ذكر مصدر مقرب من مكتب القائد العام للقوات المسلحة، بحسب وكالة "أور"؛ أن "المالكي اتصل بالعقيد ضياء الوكيل، المتحدث الرسمي بأسم قيادة عمليات بغداد، هاتفيا ليل الخميس وقال له لا تصرح من دون علم، فالمعركة مع الإرهاب طويلة". واوضح أن "الوكيل وضع في موضع حرج بعد أن تعرض لتوبيخ لاذع من المالكي الذي هدده بتجميده في حال صرح بمعلومات أمنية ليست من اختصاصه". (3)

 

حيرة!

اليس كذلك؟

 

قبل أيام يعلن رئيس الوزراء القائد للقوات المسلحة انتهاء المعركة مع الإرهاب. بعدها بأيام يحاول المتحدث الوكيل تقفي أثر قائده العام، فيجتر تصرحيه بأنتهاء المعركة مع الإرهاب، ويتبرع العقيد الوكيل، ويضيف من عندياته أن المعركة انتهت بشكل "كامل" مع الإرهاب محددا تنظيم القاعدة بشكل خاص!، وما هي الا ساعات حتى يرد تنظيم القاعدة الارهابية دمويا، بعدها يوبخ المالكي الوكيل، ويقول ان "المعركة مع الارهاب طويلة" بمعنى لم تنتهي بعد.

ان تصريح الوكيل واضافاته دليل أمية عسكرية وامنية واعلامية تدعو إلى الحزن. فالرجل لا يعي دوره كعسكري واعلامي، فيصرح بما ليس له، ولا من اختصاصه.. بل في أمور أكبر منه ومن رتبته واختصاصه. المعركة مع الإرهاب لا تحسم في شاشات الإعلام، ولا من خلال التصريحات والأمنيات.. ولا بتوهم النصر. 

 

المعركة على الإرهاب تحسم بحقائق الأرض، وتحتاج لإعلانها تهيئة أجواء، وادلة مبنية على شواهد ودراسات ووقائع علمية وعملية تعاضد بعضها بعضا من أجل المصداقية للقيادة السياسية العليا التي تعلن عن هكذا خبر مهم - وليس ضابط مهما علت رتبه. والمصداقية تشمل أيضا القيادات الإستخبارية والأمنية والعسكرية التي جمعت، ودرست وحللت هذه الأدلة.. ووصلت إلى هذه النتيجة الجازمة والقاطعة، التي لم تصل لها دول كبرى، لا تتعرض مثلنا للخطر الإرهابي اليومي الذي ينجح في الغالب، وامكانياتها الإستخبارية والأمنية والعسكرية خيالية بالمقارنة معنا - كالولايات المتحدة التي رغم قتلها لأبن لادن واسقاطها نظام طالبان ونظام صدام وقتلها العشرات من القيادات الإرهابية حول العالم، وعدم نجاح الإرهاب بتنفيذ اعماله على اراضيها لم تتجرأ وتعلن انتهاء الحرب على الإرهاب - فلماذا هذه العلجة عندنا؟ 

 

من ناحية أخرى، فأنه من الإيجابي أن يوبخ المالكي الوكيل، هذا مؤشر جيد، على أن القائد يتابع، ولا يرضى بتصريحات قد تكون شعبوية حماسية لكنها فاقدة للمصداقية ومضرة بالأمن القومي.

لكن، من سيحاسب المالكي على تصريحه بأنتهاء المعركة مع الإرهاب؟ التصريح الذي جرنا إلى تصريح الوكيل، وخبر اليوم أن صح بتوبيخ المالكي له؟

 

قلت في المقالة السابقة والمشار اليها أعلاه، أن الأسلم لرئيس الوزراء هو التراجع عن تصريحيه هذا. لأنها مصداقيته كرئيس وزراء وكقائد عام للقوات المسلحة، ودماء شعب هو مؤتمن عليها - فهل يفعلها؟

 

 

18.08.2012

(1) http://www.pmo.iq/ArticleShow.aspx?ID=627
(2)
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=20797
(3)
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=20901
 

 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter