| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأحد 17/7/ 2011                                                                                                   

 

البحرين: وماذا في اسقاط النظام؟

مصطفى الأدهم *

منذ انطلاق شرارة الثورة السلمية لشعب البحرين، ضد نظام التمييز الطائفي الحاكم، والإعلام السعودي، يعمل ليل نهار على تكريس فكرة أساسية، لها بعدها الإستراتيجي، مفادها ´أن البحرين غير!´ على وزن ´جدة غير´، مع الفارق النوعي بين ´الغيرين´.
هذه الفكرة السعودية؛ هي مسخ طائفي. يقول؛ إن كل الثورات في فضاء الربيع العربي، انما هي ثورات لها مشروعيتها (وان كانت السعودية تشعر بالقلق الواضح منها، مع فتور جلي في التعاطي معها، وعمل باطني على اجهاضها، خوفا من التمدد الربيعي على صحرائها السياسية القاحلة) ألا الثورة في البحرين؟!
ولا يخفى، أن هذه الرؤية السعودية للثورية البحرينية، انما هي رؤية طائفية، لعين طائفية، في وجه طائفي، لنظام تكفيري متخلف من القرون الوسطى. ومن سبل الإعلام السعودي للتعامل مع الثورة البحرينية، استخدام أدوات ´التفزيع الطائفي´، وما يرافقها من استحضار للمفردات التسقيطية، من قبيل "المجوسية" و"الصفوية" و"الفارسية" ، ألخ من قاموس البذاء الذي يجيد اللسان السعودي الزفر تلفظ مفرداته. يضاف إلى ما سبق، استضافة فرق الإنشاد الطائفي. مع الوصلة التكفيرية السعودية بحق الشعب البحريني وثورته.
فتكون المحصلة، عبارة عن: ردح طائفي، ونعق تكفيري، يطلق عليها تغطية اعلامية!
أن هذه النعوت السخيفة أعلاه، والتي دأب الإعلام السعودي على اجترارها بحق مخالفي طائفيته وتخلفه، قد ملت نفسها، لكثرة تكريرها من قبل أفواه واقلام سعودية تعاني من ´السعار الطائفي´ ، واصبحت سبة بحق قائلها.

أن النقطة المركزية، التي يدور حولها هذا ´السعار الطائفي´  في الإعلام السعودي، هو شعار ´اسقاط النظام´ الذي رفع من قبل جزء من المتظاهرين في البحرين. والأساس الذي يرتكز عليه الهجوم الإعلامي السعودي هنا هو؛ أنها ليست ثورة، بل تخريب وطائفية، والدليل على وزن "ألولو"، والألولو هنا، هي،  شعار بعض من المعارضة، والذي كان ب´نعم لإسقاط النظام´ - نظام آل خليفة.
بربكم، هل توجد ثورة في العالم، تقوم من أجل عدم اسقاط النظام الذي هي ثائرة عليه؟!
وهل يوجد تعريف للثورة في ´أبجد هوز´ علم السياسة، يعرف الثورة على أنها لا تشمل القول والعمل على اسقاط النظام القائم، واقتلاعه من جذوره، واحلال نظام جديد محله، يكون على قطيعة تامة مع النظام المقلوع !!
أليس هذا التخريف السعودي، دليل اضافي، على بلوغ زهايمره الطائفي مراحله المتقدمة؟ الجواب بكل تأكيد، هو، نعم. 
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو، وماذا في شعار ´نعم لإسقاط النظام في البحرين´ ؟
ما العيب في رفع مثل هذا الشعار؟ - خصوصا مع سلمية الدعوة والوسيلة!
وماذا لو أن، كل، أو جزء من المعارضة البحرينية، قد رفعت هذا الشعار؟ بل حتى لو أنها عملت على تحقيقه؟

أن الإعتراض السعودي على هذا الشعار في البحرين، والتصفيق له خارج البحرين، يكشف عورة طائفية يصعب على النظام السعودي سترها.
وكأني بلسان الحال السعودي الطائفي، يزعم أن النظام في البحرين، هو نظام ملائكي. أو نظام رسولي. أو نظام أحد الخلفاء الراشدين! لا داعي لإسقاطه، بل لا يجوز اسقاطه .. أو كأن نظام آل خليفة الطائفي، هو نظام دولة أفلاطون! أو أنه جعل من البحرين، واحة الديمقراطية الأمثل!
أن حرية التعبية عن الرأي، تكفل للمواطن حرية التفكير والقول بأسقاط النظام في البحرين، لأنه نظام استبدادي، غير ديمقراطي، وغير منتخب، ومتسلط بقوة احتلال ورعاية خارجية على رقاب الشعب في البحرين. وكما أن حقوق الإنسان، تكفل للفرد، حرية العمل السياسي السلمي. وان كانت نتيجة هذا العمل السياسي، هي، تغيير النظام الحاكم، أو تغيير صيغة الحكم أو شكل النظام، أو تحديثه، بما يحوز على تأييد ورضا الغالبية الشعبية العظمى. 
لا يمكن ألإستمرار في فرض صيغة حكم، أو شكل نظام، على شعب ما، رغما عن ارادته، وان كانت وسائل الفرض، هي؛ القوة، والتحالفات الخارجية.
ولن يسع أي نظام ألإستمرار بنيل مشروعيته في مواصلة الممارسة في الحكم، من خلال الترهيب الأمني، أو استيراد المشروعية بأستيراد شعب موالي أو أقلية موالية، تجنس لأغراض طائفية أو تخادم سياسي.
كما لا يمكن تغطية اللا شرعية التي يسبغها الشعب على نظام ما، بشرعية مشتراة من حليف أستراتيجي لتقاطع المصالح.

وعليه، لن ينفع النظام الحاكم في البحرين، استمراره في دفن رأسه في الرمال السعودية، واظهار عورته لشعبه، من أجل استفزاز مرؤته، كي لا يجهز عليه، انفة من النظر الإجباري لها، حال ما أراد ألإستمرار في الوصول اليه. لذلك، فأن مواصلة النظام في البحرين، لسياسة "الشماعة"، والردح الطائفي، والتهديد بالبعبع المذهبي، واستيراد الموالاة، وشراء الشرعية؛ بالتجنيس، والتحالفات الدولية وحتى بأقذر وسائلها؛ من الإحتلال السعودي، لن تجديه نفعا. لأنها وسائل مسكنة؛ أي مرحلية، لا تقضي على المرض، الذي يعانيه النظام البحريني، وسيعود الإحساس بالوجع ما أن يزول مفعولها الوقتي. 
أن الشرعية تكتسب، ولا تفرض. تشبغ، ولا تشترى. والشرعية يعطيها الشعب، أو غالبيته العظمى. ولا يمكن الإستعاضة عن الشرعية الممنوحة من الشعب، بشرعية ممنوحة من التوازنات الدولية أو من الراعي السعودي الطائفي.

وعليه، على النظام البحريني، أن أراد ايجاد حل للمرض الذي يعانيه، وهو ´نقص الشرعية المكتسبة´، عليه، أن يدخل في حوار جدي، غير مشروط مع الشعب البحريني، ممثلا في الخصم الحقيقي، صاحب التمثيل الشعبي الحقيقي، الذي يفوق أضعاف ما يمكن للنظام أن يحوز عليه من المشترى من التمثيل. فمسرحية ´حوار الطرشان´ الجارية الأن في المنامة، لن تؤدي إلى نتيجة حقيقة، أو حل ستراتيجي. وهذا ما أوضحته في مقال سابق، عنوانه (البحرين وحوار الطرشان).
أن النظام الطائفي في البحرين، يقف الأن عاري من ملابس الشرعية أمام الشعب، الذي أسقطها عنه، فلا بد للنظام أن ينال رضا الشعب، كي يلبسها اياه. طبعا أن أراد الشعب ذلك. فالحكم للشعب وهو مصدر السلطات وشرعيتها، وليس الإحتلال السعودي وطائفيته.
واللبيب بالإشارة يفهم. أن أبقت الطائفية من لب لنظام شرع أبواب بلاده للإحتلال...

 

16.07.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter