| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الخميس 16/6/ 2011                                                                                                   

 

العراق ... إكرام الميت دفنه

مصطفى الأدهم *

ولدت حكومة ´الشراكة الوطنية الحالية´ ميتة، لا حياة فيها، لأنها جاءت على أسنة رماح التناحر السياسي والإختلاف حول الثوابت والمتحركات ضمن ملعب العملية السياسية. فالكتل النيابية التي يفترض أنها تشاركت معا من أجل انجاب هذه الحكومة، التي أسموها بحكومة الشراكة الوطنية، لم يتشاركوا في شيء قط، سوى الاتفاق "غير الرسمي" على عدم الإتفاق، في كل شيء وحول كل شيء تقريبا!
فمنذ انطلاقتها وهي الموؤدة تحت رمال صحراء العملية السياسية في العراق، تناوشها ´الأباء المؤسسون´ بالقنص والتصويب، وهي التي رسمت بريشهم، وزرائها من كتلهم واحزابهم. بل هم أنفسهم من قاتل حتى الرمق الأخير من أجل الحصول على أكبر حصة ممكنة من كعكتها!! - وان كان وفق صيغة المحاصصة التي ادعوا شرف محاربتها والترفع عنها. كان ذلك أثناء الحملات الإنتخابية و ´لزوم الشيء´ من العنتريات الأعلامية، لكن ما أن وضعت حرب الانتخابات أوزارها، حتى خاض نفس "الزعماء" وكتلتهم غمار حرب جديدة، هدفها، المحاصصة؟! نعم المحاصصة لاغير. فتلك الأصوات التي صدعت رؤوسنا عن الترفع على هكذا محاصصة طائفية مقيتة، هي نفسها ومن ينطق بأسمها، من صدع روؤسنا مرة أخرى، تحت ذريعة الإستحقاق الإنتخابي تارة، والوطني تارة أخرى. والأخير هو غربال، أريد به تغطية عورة المطالبة بحصة طائفية في التشكيلة الوزارية...

لا يوجد شيء في العمل السياسي أو في الديمقراطيات المحترمة أسمه استحقاق انتخابي، خصوصا بالمعنى "العراقي" المشوه. حيث لا يمكن لأي كتلة نيابية فازت في الإنتخابات وجلست تحت قبة البرلمان، المطالبة بحصة في الحكومة، على أساس  الإختراع العراقي المسمى بالأستحقاق الإتنخابي (للإستزادة راجع مقالة الأستاذ محمد عبدالجبار الشبوط حول هذه الجزئية), كما لا يوجد شيء أسمه الإستحقاق الوطني، لأن الحكومة هي الحكومة الخادمة لكل من الشعب والوطن، لكل من المعارضة والموالاة.
لكنه ´دولاب هوة´ العميلة السياسية في العراق الذي يري صاعديه العجب العجاب!!..

أن المنزلق المخجل الذي وصلت اليه سياقات التعامل بين أقطاب التشكيلة الحكومة وما لهم من خلفيات كتلية - نيابية، اثبتت صعوبة التعايش الوزاري بين هذه الكتل، ولهذا انعكاساته السلبية على الشارع, من خدمات وأمن وغيرهما ... لذلك فأن فض هذه الشراكة الخاسرة، للشركاء الأعداء، يعد بحد ذاته انجاز يحسب للأخوة الأعداء.
أن فض الشراكة الفاشلة لهذه الحكومة أصبح ضرورة ملحة، لأن الشركاء قد أمعنوا التمثيل بجثة حكومتهم لل "ألشراكة الوطنية" وسحلوها وسحولوها في فروع ومحلات التقاتل السياسي المقزز.

وبما أن ´اكرام أليت دفنه´، كما يقولون، وصيغة الحكومة الحالية ولدت كما قلنا ميتة، وقتلتها هم آبائها الكثر من الكتل النيابية المتصارعة على السلطة، وبما أن ´الحي أبقى من الميت´، كما يقولون أيضا، عليه فأن الحي هنا، هو حكومة الأغلبية النيابية (الأقرب للديمقراطية)، فأنها لن تكون أصعب من ضرتها الحكومة الحالية.

أن فض اللاشراكة للحكومة الحالية، ستكون بداية جديدة، لصفحة جديد، أول سطر يكتب فيها، هو, الشعب يريد حكومة أغلبية برلمانية، تعمل على توفير الخدمات، وتعزيز الأمن، ومحاربة الفساد بكل اشكاله. وعلى المنتخب أن يعلم أن حكومة الأغلبية النيابية، هي سلاح ذو حدين، لأنها أن نجحت رفعت من شعبية الناجحين، الذين لا يشاركهم أحد في نجاحهم، كما هو الحال في الموؤدة من الحكومة الحالية. وان هي فشلت، فالحساب سيكون عسيرا وشخصيا من قبل الناخبين مع الفاشلين، لأنه لان يمكنهم حينها، رمي كرة الفشل على، غيرهم من الشركاء، أو كثرة الإختلافات بين الأفرقاء أو بسبب تعدد الآراء، كما هو الحال أيضا في المرحومة حكومة "الشراكة الوطنية"...

الخلاصة، هي، كما قلنا ويقولون، ´أن اكرام الميت دفه´، والصيغة الحالية، لحكومة اليوم ماتت، بسبب طعنات ´الأباء المؤسسين´ وكتلتهم النيابية لها. وبما أن ´الحي أبقى من الميت´ فأن أحياء صيغة حكومة الأغلبية النيابية، هو الأبقى من ميت الشراكة الوطنية الحكومية الحالية.

 

16.06.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter