| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

السبت 11/6/ 2011                                                                                                   

 

العراق: نفذوا الأحكام كي لا يشرعن الإنتقام...

مصطفى الأدهم *

أصبح موضوع تنفيذ أحكام الإعدام بحق مستحقيها من الإرهابيين والمجرمين أزمة جديدة تضاف إلى "قائمة الأزمات" التي تؤرق المواطن من جهة وتشغل حيزا من الأخذ والرد المتبادل ضمن "دولاب هوى" العملية السياسية. حيث أهل السياسة في كل من السلطتين التشريعية - البرلمان , والتنفيذية بشقيها ؛ رئاسة الجمهورية والحكومة، يتقاذفون كرة الصلاحية عن كل من تنفيذ الأحكام الصادرة وعدم أحقية التنفيذ!
أن القضاء العراقي, هو السلطة الثالثة والمستقلة ضمن السلطات الثلاثة في العراق الجديد. وهذا القضاء كان قد أصدر العديد من أحكام الإعدام التي اكتسبت الدرجة القطعية بحق ازلام الإرهاب والإجرام من النظام البائد وخلفائه من بعده في مسيرة اهلاك الحرث والنسل من التنظيمات الإرهابية، لكن هذه الأحكام القطعية لم تنفذ في كثير من الأحيان وما زالت معلقة إلى الأن! - والسبب أو الأسباب أما مبهمة أو غير مقبولة على الإطلاق، بل وتدخل في بعض الأحيان في خانة "المستحة" من التنفيذ، أو الخوف من عواقب التنفيذ، لما لهذا المدان من علاقات دولية، أو شبكة اقليمية، أو "ضلع" سياسي ثقيل، قد يزعل على العملية السياسية، ألخ. ألخ من سلة التبريرات الواهية..

ولا نكشف سرا، بالقول، إن وراء كل جريمة، مجرم. وبالتالي أن وراء كل مجرم، ضحية، وعليه أن وراء كل ضحية، عائلة, واهل, واقارب, وعشيرة, واصحاب. مما يعني بالعراقي الفصيح؛ ´ماكو واحد طالع من زرف الحايط´ - وهذا يؤدي إلى؛ أن لك فرد في المجتمع العراقي "ظهرا" وعزوة، ترتبط معه بأواصر وروابط ومصالح مشتركة ومتعددة، وان هذا ´الظهر´ يفترض أن ´ينتجي´ عليه كل عراقي ساعة الشدة، ووقت الحاجة. لكن هذا يفترض أنه كان في, كان يا ما كان في قديم الزمان، يحكى أن العائلة, والعشيرة, أو الطائفة, أو الجغرافية بمعناها المجازي, هي من تحمي الفرد حين تعرضه إلى الخطر. والسبب واحد من اثنين لا ثالث لهما, أما غياب الدولة, أو عدم عدالتها. وكما أن وجوه غياب الدولة متعددة, فأن وجوه عدم العدالة كذلك. وبما أن العراق الجديد, هو عراق ديمقراطي، يفصل بين السلطات الثلاث، مما يعني وجود قضاء حر، عادل، ومستقل يقاضي ويحاكم ويصدر الأحكام بميزان العدالة وبظل القانون وتحت خيمة الدستور. وبعدها على السلطة التنفيذية مسيرة غير مخيرة تنفيذ ما حكم به القضاء. فينال كل ذي حق حقه، كأحد مباديء العدالة واحد وجوه تطبيق القانون على الجميع; تؤشر إلى وجود سلطة في دولة فيها منظومة حقوق و واجبات تسري على الجميع بالتساوي دون تمييز أو أستثناء. ومن هنا تنتفي حاجة الفرد إلى العودة إلى استخدام الوسائل البدائية للدفاع عن النفس، أو نيل الحقوق أو تحقيق العدالة، لأن الدولة هنا هي الراعية لمنظومة الحقوق والواجبات بسلطاتها الثلاث المستقلة والعادلة.
أن المواطن عندما يرى أن حقه وحق أهله واقاربه لم يذهب أدراج الرياح، فأنه والحال هذه يطمئن الى الدولة الراعية، كي تأخذ له حقه المسلوب وتشيع العدالة بقوة القانون، وهذا يدفعه إلى التمسك بها والاحتماء بظلها وعدم الركون إلى "الظهر" سالف الذكر، لأن الدولة بقضائها وسلطتها التنفيذية هي الظهر الذي ´ينتجي´ عليه. وهذه مدنية يجب تعزيزها.
لكن حينما يرى المواطن حقه يضيع أو يضيع (بضم الياء) من باب المصالحة الوطنية تارة، أو شباك الوفاق الوطني تارة أخرى، أو يخضع لحسابات السياسة والتحالفات، فهذه تعد بمثابة دعوة للمواطن إلى أخذ حقه بيده ودفعه إلى العودة إلى الوراء والبحث عن "ظهر" يسنده، ويحميه ويساعده في العمل على تحصيل حقه المهدور.

ملخص الكلام، أن عدم الإسراع بل التباطؤ غير المبرر، بتنفيذ أحكام الإعدام المكتسبة الدرجة القطعية بحق مستحقيها، تعد كارثة وطنية بأمتياز، لأنها توصل عدة رسائل خاطئة إلى كل من الداخل والخارج، منها خوف السلطة التنفيذية أو عجزها عن تنفيذ واجباتها لأسباب غير قانونية، مما يعني حماية مؤقتة للمحكومين، تشجع غيرهم على خوض التجربة. ´فمن أمن العقاب ساء الأدب´ ، وفي نفس الوقت تدفع بالمتضررين من الإرهاب والجريمة إلى منطق الإنتقام والثأر، لإحقاق العدالة ونيل الحقوق وتحقيق "توازن الرعب" بين كل من الضحية والجلاد!

لذلك فأن تنفيذ أحكام الإعدام  يعد خطوة قانونية فعالة لمنع أتنشار ثقافة الثائر والإنتقام...
 

11.06.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter