| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد زيدان

 

 

 

الثلاثاء 28/4/ 2009



تغيير المناهج

ماجد زيدان

قبل خمسين عاماً قرأت قصة ليلى والذئب في المنهج المقرر للمدارس الابتدائية ودرستها ابنتي بعد ثلاثين سنة ومن ثم حفيدتي الآن. ولا يقتصر الأمر على منهج الدراسة الأولية، فلاحظت احصاءات في منهج الجغرافية في بعض الكليات الذي يدّرس الآن تعود الى ثلاثين عاماً وأكثر فمثلاً نفوس العراق 12 مليون. اما الكتب الانسانية الأُخرى فحدث ولا حرج فما زالت تتضمن فصولا عن النظام البائد، وان كان مؤشر عليها ترك. تذكرت هذا وغيره وانا اسمع تصريحات جديدة عن تغيير المناهج ما انفك يرددها المسؤولون في المؤسسات التعليمية والتربوية .

ان المناهج في كل المراحل الدراسية متخلفة ولا تواكب العصر والتطور، فهي لم يجر تحديث جدي عليها، ونحن في عصر التكنولوجيا ويسر الوصول الى المعلومة، ونمو القدرات العقلية للأطفال، فالعابهم البيتية فيها مهارات عقلية وتفكير علمي تتفوق على ماهو موجود في المنهج الدراسي، ويشاهدون التلفزيون ويلاحظون التناقضات بين ما يرد في كتبهم المدرسية ويدرسونه والواقع الملموس... ببساطة عندما احكي من الكتاب المدرسي قصة لحفيدتي تبادرني فوراً غير صحيح “ جدو شوف فلم الكارتون الفلاني...”

اما مناهج الكليات الانسانية فهي تحوي احصاءات ومعلومات لم يعد لها وجود في الواقع لا تأخذ في الحسبان الأحداث الجارية، جرى تأليف اغلبها منذ اكثر من ثلاثين عاماً. فمثلاً تشير الى نفوس الوطن العربي 120 مليوناً وندرس مجتمع تغيرت تركيبته وبنيته الاجتماعية، فآخر الاحصاءات الواردة فيها لعام 1977، وعلى هذا الصعيد كان البدو يشكلون ربع سكان العراق وفي الثمانينات يشكلون اقل من واحد بالألف ويفرد لهم حيزاً من الكتاب كبير يتحدث عن حياتهم وحيواناتهم، وهم اليوم تركوا الجمال ويستخدمون “البيك - أب دبل قمارة” في حلهم وترحالهم واودعوا الجمال في حضائرها.

والأكثر دهشة كسل الاستاذ الذي يدّرس المادة الذي لا يكلف نفسه ما في وسعها مشواراً الى وزارة التجارة ليعرف عدد السكان او لوزارة التخطيط ليقف على آخر تطورات البنية الاجتماعية وفئات السكان او على الاقل يدخل على مواقع الانترنيت في كليته اذا لم يكن ببيته خطاً للأنترنيت. ان المطلوب قبل تغيير المناهج اقرار فلسفة للتعليم والتربية على اساس مشروع الدولة العصرية المدنية، ثم تليها الخطوات الأُخرى وتغيير المناهج لتعكس القيم والمبادىء العلمية الحديثة لا تتبدل بتبدل الوزراء او الحكومات. لن تكون هناك اجتهادات بشأن الكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم، وانما حول الموضوعات والعلوم الانسانية فأي اسلوب للبحث نختار ؟

واي ثقافة نريد ان تشاع في المجتمع ، ثقافة التسامح ام التطرف، السلوك العلمي ام الكسل والاتكال؟ واي نوع من مخرجات التعليم نريد ان تعكس فلسفتنا؟ هذه بعض من الاسئلة التي يشير اليها ليس التربويون والمختصون وانما الناس في نقاشاتهم وتجربتهم.

 

free web counter