| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد زيدان

 

 

 

الثلاثاء 10/3/ 2009



مآسي الكرد الفيليين

ماجد زيدان
 
شاهدت وقائع احدى جلسات المحكمة الجنائية الخاصة بقضية اعدام الاف من الكرد الفيليين وتهجير ذويهم ، وقد اكملت الجلسة بصعوبة لما ورد فيها من مآسي تدمي القلب وقصص اغرب من الخيال في انتهاك سافر للقانون والدستور الذي شرعه النظام البائد ذاته ، وليس دستور النظام الديمقراطي .

ففي احدى الشهادات ابرزت المشتكية وثيقة باعدام مائة وعشرين مواطنا عراقيا بقرار من ما سمي محكمة الثورة تضمن سطرا واحدا لا فيه دفوعات ولا محامين عن المتهمين ولا نصوص استندت عليها المحكمة في اصدار قرارها “ القرقوشي “ .

ومن بين المعدومين من كان عمره اقل من عشرين عاما ، وهو ما يخالف الدستور والقانون الذي وضعوه آنذاك ، اي انهم لا يحترمون حتى ما يشرّعون . فيما يحظى المتهمون والجناة اليوم بجلسات علنية وتوكيل محامين ويعطون الوقت الكافي للدفاع عن انفسهم والبعض منهم يخرج عن حدود الادب والاحترام كاشفا عن طبيعته ونفسيته .

المآسي التي يتعرض لها الكرد الفيليين ، وهم عراقيون اصلاء ومنا وفينا لم يشهد لها العالم مثيل .

المؤسف والمؤلم ان بعضا منهم ما يزال لم يحصل على املاكه وتعويضه عن الجريمة البشعة ، فأحدى اللواتي شهدت في المحكمة ذكرت انها اقامت دعوى لاسترداد اربعة بيوت وبستان وخان بعضها وهبها النظام السابق لمريديه ، في هيئة حل نزاعات الملكية العقارية منذ عام 2005 ولم تحسم الدعوى لغاية الان ، رغم توكيلها لمحامي عنها بسبب البطء في الاجراءات وبيروقراطية الهيئة والتأجيلات المتكررة . مشاكل عويصة بين دول تحل في مثل هذه الفترة . وحالتها حالة كل الذين استمعت اليهم المحكمة في هذه الجلسة ولا ندري متى ستحصل على حقوقها المغتصبة ؟

ان هذه الهيئة بحاجة الى اعادة النظر في عملها وتحسين ادائها وكفاءة العاملين فيها ، خاصة وان هناك لغطا كبيرا يدور بين المتضررين بشأن ذلك ، واصبحت هما وعبئا عليهم .

ليس من المعقول ان يستمر المواطن باللهاث وراء حقه المغتصب كل هذه السنين الطوال .

الحكومة تدعو المواطنين المتضررين من النظام الصدامي الى العودة للوطن والمساهمة في نبائه واعماره ، ولكن في ذات الوقت لا توفر بعض هيئات الدولة مستلزمات العودة وازالة مخلفات الدكتاتورية وما كلفت به بعض الهيئات . بل انها في الواقع العملي تعرقلها وتساهم في استمرار الظلم والضرر بدلا من الاسراع في تخفيفه عن كاهل المتضررين والمساعدة على تجاوز مآسي وكوارث الحقبة الماضية .

من الضروري ان تهتم الحكومة بما يعيق هذه العودة والالتفات الى معالجة الاداء الاداري الذي يسلب جوهر توجهاتها من معانيه ومقاصده . فلا معنى ان تصدر قوانين وقرارات ودوائر اخرى لا تسرع في تطبيقها او تعمل على افراغها من محتواها .

لا يكفي تسليط الضوء على جرائم النظام المقبور ، ما لم تعالج ، ولا أن ننكئ الجراح دون مداواتها لانها تحدث شرخا جديدا في النفوس ويعقد المصالحة بين العراقيين ، على مؤسسات الدولة ان تقرن القول بالفعل ليلمسوا فرقا بين احوالهم الحالية والسابقة ، وهي مشكلة لا تخص الكرد الفيليين وحدهم ، وانما كل من تضرر من النظام الدكتاتوري.




 

free web counter