| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود الوندي

 

 

 

 

الأربعاء 7/2/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس



يبقى 8 شباط اسوداً في تاريخ العراق


محمود الوندي

بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 تعرض الشعب العراقي وقيادته الوطنية الى مؤامرات خبيثة وشرسة من قبل دول الجوار العربية والأسلامية وعملائهم في داخل العراق من رواسب الشوفينية العربية والفاشية الأتاتوركية والعنصرية الشاهنشاهية أي الفارسية ، تحالفت هذه القوي الشريرة والظلامية وبدعم ومساندة الدول الاستعمارية للأنقضاض على وليدة هذه الثورة والنيل من قائدها الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم وجماهير الشعب التي أيدت تلك الثورة المجيدة ، جاهدوا جميعهم بكل ثقلهم داعماً للقوميين والبعثيين بالمال والسلاح لعرقلة إنجازات الثورة والألتفاف عليها وأجهاض على قائدها ( بالطبع الوضع الجديد للعراق أنذاك كان بمثابة الخنجر في عيون أعداء العراق الممثلين بالدول العربية والأسلامية المحيطة بالعراق كما هو اليوم ) ، فكان الشهيد عبد الكريم قاسم اول إنسان عراقى وطنى سكن قلوب العراقيين لأنه عمل وجاهد فى سبيل عزتهم وكرامتهم و سعادتهم وتوجيه طاقاته نحو تطور المجتمع من اجل بناء عراق قوى مستقل و مزدهر، شرع العديد من القوانين التقدمية لخدمة العراق ، وخاصة صدور القانون رقم 80 وقانون الإصلاح الزراعي التى تضررت مصالح دول الكبرى ودول الأقليمية والأقطاعيين داخل العراق نتيجة تلك القوانين لثورة 14 تموز المجيدة ، لذلك حاولوا بكل السبل قضاء عليها وطمس حقيقة قائدهاعبد الكريم قاسم وماهيته ووطنيته وإنسانيته ، وخططوا لتغيير النظام الذي تضرر مصالحهم من قيامه ، لأنها تباينت بصورة متناقضة ردود أفعال القوىالرجعية العربية والاسلامية والعناصرالمشبوهة المرتبطة بالشركات النفط العالمية والصهيونية ، وكانت اولى صفحاتهم تأجيج الصراعات الداخلية وتأليب القوى السياسية الواحدة منها ضد الأخرى وتجنيد العناصرالبعثية والقومية المتطرفة للعب دور مخلب القط التي أستعملتهم تلك الشركات والدول للأنقضاض على الثورة وعلى قائدها ، وفعلاً أنقضت عليها بالأنقلاب الأسود الدموي ليوم الثامن من شباط ( الرابع عشر من رمضان ) عام 1963 قاده البعثيون والقوميون وبأسناد مباشر من مخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ومخابرات الدول الاقليمية الى الانقلابيين ، لاطماعهم في ثروت بلادنا ، واغرق العراق في لجة بحر من الدماء كما يحدث اليوم ، ويعتبر ذلك اليوم الأسود مذبحة دموية شنيعة الذي مورس بحق أبناء شعبنا وقواه الوطنية وبحراب الجيش العراقي على مرئ ومسمع العالم الذي لم يحرك ساكناً ولو ببصيص أنساني ، وأنتهت شخصية الزعيم الوطنى الخالد الشهيد عبدالكريم قاسم بأيدي أعداء الشعب العراقي .
لقد أستباح الإنقلابيون كل شيء وعبر بيان 13 سيء الصيت الذي أباح الإبادة الجماعية للشيوعيين والوطنيين ولكل محبي الزعيم من النساء والرجال وبعد أن تحول العراق الى سجن كبير من قبلهم ، وقد جرت عمليات تعذيب بحق أبناء شعبنا من جميع طوائفه على أيدي قوىالردة وقطعان ماسمي ب(الحرس القومي ) ، مما سبب لآستشهاد الألوف منهم ، عندما تحولت المتنزهات والنوادي الرياضية الى ساحات اعدام ، وحكم الشعب بالحديد والنار طوال اربعين عاما .

بعد هذه المقدمة أدلف الى صلب الموضوع
كيف هبت الجماهير العراقية ومن مختلف القوميات والأديان والطوائف ليس في مدينة بغداد وحدها، بل في جميع المدن العراقية وكيف تصدت للانقلابيين ؟ في ذلك اليوم المشؤوم من صبيحة الرابع عشرمن رمضان والمصادف الثامن من شباط الاسود عام 1963على أغتيال ثورة الرابع عشرمن تموز 1958، وكيف وقفت تلك الجماهير بوجه المتأمرين لتدافع على الثورة بروحها وجسدها وحفاظ على مكتسباتها ؟
في هذه المقالة نؤشرالى مقاومة أهالي مدينة بغداد وأطرافها من جميع أطيافه وقومياته للانقلابيين في ذلك اليوم الاسود كيف نزلوا الى الشارع وكيف توجهوا صوب وزارة الدفاع ؟ وهم يطالبون الزعيم عبد الكريم قاسم بالسلاح لمقاتلة أنقلابيين ، وكان رد الزعيم (لا تخافوا سنقضي على الانقلابيين خلال ساعات ) .
رغم الأنقلابيين جابهوا مقاومة شعبية ضارية كان الشيوعيون في طليعتها وخاضوا معارك باسلة للتصدي للانقلابيين وافشال مؤامرتهم ، للأسف الشديد ولم تمض إلا ساعات وسيطرت الانقلابيون من المجرمين الأقزام والخونة على الاذاعة في صالحية لتصدير بياناتهم لتهديد وتخدير الشعب العراقي في آن واحد ، كما استمرتحليق الطائرات علی وزارة الدفاعذلك اليوم وقصفها المتواصل عليها (واستطاعت بطارية الحماية الجوية ان تسقط احدى طائرات) ، وبدأت دبابات المتمردين بالوصول الی منطقة الميدان وباب المعظم وأخذت تطلق عيارات نارية في اتجاه الوزارة أيضاً ، في ذلك الحين حيث أشتد الصراع بين الشعب العراقى وقواه الوطنية من جهة ليناصر زعيم الامة وأبا الفقراء وبين أنقلابين ( بدعم مالى وتسليحى ومخابراتى من دول الجوار ) من جهة اخرى ، عندما هاجم المتظاهرون دبابات الانقلابيين ومنعوهم من تقدم وأحرقوا دبابتين وأخرجوا الخونة منهما وقتلوهم ، فاضطر قائد المجموعة الى الانسحاب والتراجع بما تبقی من دباباته أمام الجماهير الغاضبة والعودة الی جانب الکرخ . وعادت الدبابات مرة أخرى التي انسحبت الی جانب الکرخ باتجاه وزارة الدفاع ثانية وهي تحمل هذه المرة صور الزعيم لخداع الجماهير المحتشدة من مؤيدي الزعيم أمام وزراة الدفاع ، وقد ظنت تلك الجماهير المحتشدة ان الدبابات جاءت لتحمي الزعيم فقابلتها بالتصفيق والهتافات وسمحت لها بالتقدم بأتجاه وزراة الدفاع ، وعندما وصلت الدبابات الى مدخل الوزارة وأخذت مواقعها ، بدات باطلاق النار الکثيف علی الجماهير الواقفة أمام الوزارة فقتلت وجرحت الکثير منهم ، وساندت تلك الدبابات اللواء الثامن متكون منَ ثلاثة أفواج ، الذي طوّق وزارة الدفاع استعداداً لاقتحامها ، هنا تجلت أروع صور التضحية للشعب العراقي من أجل الوطن والثورة وقائدها الذيعرف عن حبه للطبقات الفقيرة التي كان ينتمي لها ، نعم ، سقطت بغداد عاصمة الحرية والتآخي والسلام وسقطت الحكومة الوطنية بعد أن إنتهت المقاومة بعد ثلاثة ايام بلياليها قاوموا البعثيين وحثالاتهم من الحرس القومي ( وكانوا سيقاومون أيام وليالي أخرى لو كانوا يملكون السلاح حتى تسقط الانقلابيون ) ، ونجح المخططون لهذه المؤامرة الخبيثة لأغتيال الثورة وقائدها بالأسناد الأمريكي والأسرائيلي والدعم الأقليمي المشبوه لتحقيق الخطة الاستراتيجية الكبرى لمصالحهم ، فإن اعتراف علي صالح السعدي أحد أبرز القياديين في حزب البعث واحد أبرز المشاركين في انقلاب 8 شباط حيث قال وبالحرف الواحد (اننا جئنا الى السلطة بقطار اميركي ) ، وهكذا أغتيلت ثورة 14 تموز - وطويت صفحة عبد الكريم قاسم واعدم في شهر رمضان وكان صائما حين نفذ فيه حكم الاعدام رميا بالرصاص في مبنى الاذاعة والتلفزيون بدون اي محاكمة ، ذلك البطل رفض عصب عينيه عند اعدامه وقبل اطلاق الناروقف وهتف باسم العراق ونزف آخر قطرة من دمه من أجل العراق ، وهكذا كانت الحال في جميع مدن ومحافظات العراقية خلال مقاومتهم البطولية للانقلابيين ، وقدموا الاف من الشهداء من ابناءهم من أجل الوطن وحفاظ على ثورة 14 تموز ومنجزاتها وعلى قائدها الزعيم عبد الكريم قاسم ، الذي لم تغب صورته عن صفحة القمر ، وذكراه لازالت خالدة في قلوبهم وضمائرهم .
وأخيراً نقول :
( سيبقى يوم 14 تموز خالداً في التاريخ مثلما يبقى 8 شباط اسوداً في تاريخ العراق )

الملاحظة :
بعد سقوط النظام البعثي رغم مرور 43 عاما على استشهاد الزعيم تم انجاز النصب التذكاري للزعيم بمساعدة غرفة تجارة بغداد واتحاد الصناعيين العراقيين وبتنظيم من الحزب الشيوعي العراقي ومتطوعين اخرين بجمع تبرعات مالية ووضعه في ساحة في وسط بغداد محل نصب ل''عبد الوهاب الغريري'' احد المشاركين بأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم .

شباط الاسود - د. محمد الأزرقي - في موقع ناصرية