| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود الوندي

 

 

 

السبت 20 /9/ 2008



سخرية ومهزلة البرلمان العراقي

محمود الوندي

من خلال متابعتي الأحداث بكل تفاصيلها في البرلمان العراقي والاعتداء على السيد مثال الالوسي وربما لم يفاجئني عندما وقعت الواقعة في أروقة البرلمان لأن اعضاءه الذين رُشحوا من قبل أحزابهم ، ليسوا بمستوى المسؤولية وأكثرهم ملطخة أياديهم بدماء شعبنا (أقصدهم بالبلطجية ) ولا يستمدون قيمتهم من عبقرية يتمتعون بها .
لكن ما يعنيني هي ردود افعال المثقفين والشارع العراقي عندما يُهاجم السيد الالوسي في البرلمان امام عدسات التلفزة قولا وفعلا ، لكما وتجريحا ومن ثم يتهم بالخيانة الوطنية وترفع الحصانة البرلمانية عنه ، ومنعه مـن السفـر ، عقاباً له على زيارته الثانية لإسرائيل تلبية لدعوة للمشاركة في المؤتمر العالمي الثامن لمكافحة الارهاب ( والذي شاركت فيه أكثر من 60 دولة بينها دول عربية وإسلامية ، وبحضور أكثر من ألف شخصية من الباحثين والخبراء والإعلاميين والسياسيين من مختلف أنحاء العالم ) ، وهذا يعبـر عـن شراسـة طائفيـة عنصريـة متأثرة بايديولوجية البعث الشوفيني ، ويُذكرنا هؤلاء الأشاوس بالمصطلحات البعثية المستهلكة . وهذه الخصال بحد ذاتها تشكل خطراً كبيراً على أي إنسان عراقي في بلد غارق بالنفاق والانتهازية والإجرام والإرهاب وبالاخص من يطالب بحقوق المظلومين ويدافع عنهم .
أنا لست بصـدد الدفاع عـن سفـر السيد مثال الألوسي الى اسرائيـل او التبرير لسفره ولـكـن : اعترض على الإجراءات التي اتخذت بحقه داخـل مجلس النواب والتي كانت مفتعلة ومنافقـة حـد الأبتذال وضعف كفاءة عملية وإداء الواجب والذي جعل من جلسته كقاعة من قاعات محكمة الثورة الدموية ، ليحاكم فيها شخصاً وطنياً  بتهمة غير واضحة المعالم ولا معنى لها البتة سوى ان الضغائن البدائية والرغبة في تصفية حسابات تحركهم ، ولم يكونوا ينتظرون سوى المناسبة ، ليقذفوا سؤاتهم بوجوهه !!! وكذلك اعترض على تصرفات البعض داخل مجلس النواب بالأخلاقيـة المشينـة التي مُورست بالأعتداء الرخيص على الالوسي داخـل المجلس بحجة الخيانة الوطنية والتي في مفهومها هي أوسع بكثير مما ان يحصره البعض في خانة الزيارة إسرائيل !!! .
لان مفهوم الخيانة الوطنية وأفظعها وأقذرها هو التعاون مع أعداء العراق ضد الشعب والوطن وبيادق خشبية متحركة على أيدي مخابرات دول مجاورة طامعة بالعراق ومتآمرة عليه على طول الخط والتاريخ بواسطة عملائها ، ومن يتاجر بدماء أبنائه لأرضاء أسيادهم في تلك الدول ، هؤلاء جميعهم في خانة الخيانة الوطنية وليس زيارة الالوسي الى إسرائيل .
ومن المعلوم ان هذه عناصر ركزت ارهابها على الشعب العراقي فقط واستثنت الامريكان وحلفائهم . وأدهى من ذلك نرى البعض من هؤلاء الارهابيين الذين أستثنوا الأمريكان في محاولة لأرضاءهم والتشبث بكرسي الحكم ، لأن بقاءهم مرهون بولائهم وشمولهم بالرضى السامي ، والبعض الأخر طمعا باعادتهم من قبل الامريكان الى السلطة او المشاركة بها كما هو وارد في حكومة الوحدة الوطنية الملغمة بالبعثية .
وحقيقة لا اعرف لماذا هذه التحامل ضد مثال الألوسي من قبل اعضاء البرلمان العراقي الذي اصدر قرارا بقطع رواتب حمايته لكي يتفرقوا من حوله ويتركونه يواجه مصيره المحتوم ، افلا يعني هذا تهديده بالتصفية الجسديـة ؟ لأن الحدث داخل البرلمان كان مجرد هراء وثرثرة فارغة لا قيمة لها بحيث تحوّل البرلمان في ذلك الاجتماع إلى غابة مليئة بالوحوش الضارية السائبة ، تفترس كل من حولها وخاصة الشرفاء منهم او من كان نزيهاً ومخلصاً لوطنه وشعبه .
ومن طرف اخر لم أرى أي نائب في مجلس البرلمان يشير الى معاناة وهموم شعبنا او قد أخذته غيرته وحميته للمواطن العراقي المسكين الذي يعاني من جميع الأهوال المادية والمعنوية ، من الفقر الجوع والجهـل والمرض ، ولم يعلن عن آرائه بصراحة متناهية لمحاسبـة رموز الفساد الأداري المالي الذي ينتشر مثل الوباء داخل هياكل الدوائر والهيئات الحكومية ، ومحاسبة كل مسؤول عما أقترفت يداه جنائياً او امنيا او سياسيا ، ولم يجرأ أحداً منهم بكشف عن أعداء العراق الحقيقيين الذين يتعاونون مع إيران وسوريا والسعودية وغيرها من الدول دون وجل .
كثير من النواب لا يزالون ولحد هذه اللحظة اللعينة قد جعلوا من قبلتهم تتجه باتجاه تنظيم القاعدة والارهابيين البعثيين العراقيين التي دبت على شعبنا من الدول المجاورة العربية والإسلامية ومتعاونا معهم ومحتضنا لهم ومقدما لهم كل فصول الطاعة !!! وقسم أخر ما زالوا يتباركون بنعمة الاطلاعات الإيرانية وتمرغ أياديهم بدماء الشعب العراقي من خلال ميليشياتهم !!! وهؤلاء يعرفهم القاصي والداني وللاسف لم تتخذ أية إجراءات قانونية بحقهم . بسبب ما يتوفر لهم  من ظهر قوي وحصانة قوية تجعلهم فوق القانون .
ورغم مطالبة الشخصيات الوطنية عبر الفضائيات وكثير من المثقفين من خلال كتاباتهم بغلق الحدود السورية لأن هذا الحدود مصدر رئيسي للارهابيين !!! وكذلك الحال مع النظام الإيراني الذي درب وساعد الميليشيات الاسلامية لقتل العراقيين وتدمير البنية التحتية للعراق !!! ولكن لم نجد أذان صاغية لتلك النداءات  من قبل البرلمان . مما يدل بأن أعضاء البرلمان غير معنيون بالإنسان العراقي ، ولا ثمن للشعب الذي أنتخبهم وانخدع بأقوالهم ووعودهم الكاذبة .
كان الأجـدر بالبرلمان العراقي ان يجتمع ويأخذ موقفاً شجاعاً وصريحاً ومنصفاً وبعيداً عن أي تطرف لجهة دون اخرى وتشكيل لجنة خاصة في هذه الحالات لتقصي حقائق الموضوع وطرحها على الشارع العراقي بعد ان تنهي اللجنة أعمالها ومهمتها وتحدد أوجه الخطأ والمسؤولية ، وكان من المفروض ان يأخذ البرلمان الاجراءات المماثلة بحق الاعضاء الذين أجرموا بحق شعبنا واشتركـوا فـي اعمال ارهابيـة موثقـة والمتهمين مع الأثبات بسرقـة وتهريب الثروات الوطنيـة وشفط ارزاق الناس ومن ثم تقديمهم الى العدالة ورفع الحصانة البرلمانية عنهم بدلا ان يتستر عليهم ، لكن أحداً لم يحاسب حتى هذه اللحظة .. وللأسف فإن هذا العرف يعرفونه جيداً ولكنهم لا يمارسونه ولا يأخذونه على محمل الجد .
ومن نافلة القول بان أعضاء البرلمان في واد والشعب في واد أخر ، لأنهم تركوا وراءهم كل هموم ومصائب ملايين البشر التي تتضور جوعا وتفتك بها الامراض وليس اقلها الوباء الأخير " الكوليرا " في جيوبهم الخلفية ، حيث نسوا وتناسوا المشاكل الرئيسية للمواطن العراقي من انعدام الخدمات الإنسانية والحياتية "الماء ، الكهرباء ، والنفط"..الخ ، فضلا عن تفشي الأمية والجهل والتخلف حتى اصبح شعبا في الدرك الأسفل من الشعوب المتخلفة .


 

free web counter