| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود الوندي

 

 

 

الخميس 1/7/ 2010



الصراع بين القوى السياسية يحرم العراق من حل معضلاته

محمود الوندي

يعيش العراق بعد الانتخابات التشريعية في ظل الازمة السياسية بسبب الصراع بين القوى السياسية الفائزة على منصب رئيس الحكومة ، التي ادت الى أزمة خانقة في جميع مرافق ومؤسسات الدولة وهياكلها ، واخذ كل طرف يناور ويكذب من اجل الفوز بالسلطة ، وتزايدت نسبة الاحتقان والجمود السياسي بين مختلف الفرقاء الفائزين في الانتخابات التشريعية التي تعتبر الركيزة الاساسية لتشكيل المشهد السياسي العراقي خلال السنوات المقبلة ، ومن الطبيعي ان هذه الظاهرة غير سليمة وليست لمصلحة البلاد لانها تهدد الوضع الامني بمخاطر جديدة وتضر بالعملية الديمقراطية ، ولا تحقق ابدا اي من اهداف وتطلعات واماني المواطن العراقي ، وثبتت للجميع بأن هذه القوى السياسية بعيدة كل البعد عن القيم والمبادئ الديمقراطية .

دول الجوار لها دور مهم في خلق هذه الازمة وتطعيم هذا الصراع لتزيد من تفسخ المجتمع العراقي وانشطاراته العديدة إذ لم ترق لهم التحولات الجذرية والايجابية الحاصلة في العراق بعد 2003 ، وتوجه العراق نحو البناء الديمقراطي والتطور الاجتماعي والاقتصادي ، مستغلين بذلك التناحر المذهبي ضمن سياقات سياسية في العراق ، وانهم يعملون نهارا وجهارا على هذا الوتر لعرقلة الديمقراطية التي يدعي بها المواطن العراقي من خلال اثارتهم لصراعات بين المذاهب .

هذا الصراع فتح المجال امام الدول الاقليمية التي التغلغل في العملية السياسية العراقية والتي اصبحت الحجرة العثرة في عملية تشكيل الحكومة العراقية ، وكل جهة سياسية عراقية بدأت تتحرك لمصلحة الدول الاقليمية وتريد ان تمرر اجندتها ومشاريعها الخاصة بها حتى تستطيع من خلالها التدخل في شؤون العراق والتأثير المباشر على استقلالية القرار العراقي ، حيث تعمل هذه الدول بجهد ومثابرة على تأسيس قاعدة سياسية واقتصادية بشكل متين في العراق من اجل فرض نفسها على السياسة العراقية ( لابد للسياسي العراقي ان يدركها ) ، وهذا الواقع يكون مخالفا لامنيات المواطن العراقي الذي يحلم بالامان والاستقرار وتقديم الخدمات الافضل منذ العام 2003 .

ماهي فائدة الانتخابات التشريعية ؟؟؟
الشعب العراقي الذي يفتقر الى ابسط مستلزمات الحياة وابسط الحقوق الخدماتية بسبب انشغال المسؤولين بكراسي السلطة اكثر من اهتماتهم بالخدمات العامة ، وجعلوا الإنسان العراقي هو ضحية الأزمات ، والإرهاب ، والجريمة المنظمة ، والتطرف الديني ... وغيرها كثير من المشاكل خلال سبع سنوات عجاف ماضية بسبب التناحر الطائفي والحزبي ، وناهيك الى تفشي الفساد الإداري والرشوة في هياكل الدولة ، وتدمير البيئة ومنشئاته الاقتصادية ، والمصيبة الكل يشكي ويشتكي من وعلى اصحاب الكراسي الذين اخترناهم لمساعدة الشعب والحقيقة الملموسة .

من اجل ايقاف هذه المعاناة والأزمات الذي يعاني منه ابناء شعبنا على ايدي الحكام الجدد ، وحرمانه من ابسط الحقوق الخدماتية طيلة سنوات حكم هذه النخب الذين جاءوا الى الحكم تحت شعار تطبيق الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، لقد اوهموا بهم العراقيين بانهم حكام مثاليون إلا ان البلاد وصلت بفضلهم الى اسوأ حالاتها واحلك مراحلها فقرا وبؤسا وقتلا ودمارا ، حيث أضطر المواطن العراقي التوجه الى صناديق الاقتراع لاختيار الافضل لا بد انتشاله من اوضاعه المزرية الذي يعيشه في هذه الاوقات العصيرة ، كما انه امس الحاجة لخدمات الحياتية والكرامة والعيش الآمن .
متأملا المواطن العراقي من اهم وابرز مهام الفائز الذي منح صوته له ان يخدمه لا يحكمه والاستخفاف به ، وحل المشاكل العالقة التي يواجهها المجتمع وايصال مظلوميته لمن يعنيهم الامر ، وتوفير الخدمات له ان كانت خدمات الحياتية او الإنسانية وتأمين مستلزمات الحياة اليومية بكل اشكالها .

كيف تطبق الديمقراطية في الحكومة الحرامية ؟؟؟!!!
مرت اكثر من اربعة شهور على الانتخابات التشريعية وعدم تشكيل الحكومة مما زيد في الطين بلة ، بسبب الصراع المستمر بين القوى السياسية على منصب رئيس الحكومة بأساليب تتنافى عن الديمقراطية ، واهمالهم لهموم والام الشعب العراقي وتلهفهم الى المنصب والمال وعدم المبالات عن مدى هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في البلاد ، لانهم يتصورن بان الجماهير في حالة غياب الوعي .

بعد ان لمس لدى البعض من الناس البسطاء عن عجز الحكومة استجابة لمطالبها ، لذلك بدأ هؤلاء الناس لتعرب سخطها وغضبها ضد الوضع الحالي ، وخرجت بمظاهرات احتجاجية في سبيل متطلبات حياتها وتضع حدا للمسؤولين الفاشلين في الدولة ومحاسبة المقصرين ، وطالبت بالاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة بعيدا عن الطائفية والحزبية (الذين يتاجرون فيها من بعض سماسرة السياسة) لكي تأخذ على عاتقها معالجة الازمات وتقديم افضل الخدمات للمواطن العراقي في جميع مرافق الحياة التي عجزت عنها الحكومة المحاصصة طيلة اربع سنوات ماضية ، وتكون صادقا بوعودها اتجاه العراقيين .

وهنا تبين حقيقة الأمر هي ان العراق يحكمه مجموعة من لصوصية وحرامية الوطن باسم الديمقراطية ودون التفاتهم الى معاناة المواطن الذي صوت لهم ، ولا دخل لهم بما يجري للمواطن ، لانهم ليس يسيل لعابهم للمعاناة والام الشعب العراقي ، بل يسيل لعابهم للمنصب وللصلاحيات الهائلة وللرواتب والمخصصات الضخمة والمغرية وتتحقق اهدافهم في جني وقطف كل الثمرات ، لان هؤلاء جاءوا ليعيش في نعيم ونعيم فاحش والامتيازات الاخرى التي لا يفكر بها اي سياسي في العالم ولم يحلم بها لانه يدرك بمسؤوليته تجاه ابناء جلدته فلا يحب ان يتميز عنهم ...!!!!

ان الديمقراطية التي استبشر بها العراقيين لبناء دولتهم على اسس حقيقية ومعايير سليمة وتكرس ادواتها بشكل الصحيح ، تحولت الى كابوس ثقيل جاثم على صدورهم بفعل عدم اهلية الاحزاب والقوى السياسية العراقية لاستخدامها الاستخدام الامثل لمصلحة بلدهم نتيجة عدم ثقة هذه القوى السياسية ببعضها البعض والتي تكالبت على بعضها البعض لاستحصال حصصها من الغنيمة من جهة ، ومن الجهة الاخرى انهم يسبحون دائما في فلك سياسات الدول المجاورة ويعملون وفق اجنداتهم ، حيث يحاولون ان يمرروا مشاريع الدول الاقليمية من خلال استلام السلطة والاعتماد عليهم للاحتفاظ بكراسهم من خلال دعمهم ماديا ومعنويا لهم . لو كانت قواه السياسية متضمانة ومتعاونة بصورة حقيقية في ما بينهم وبعيدة عن ممارسة الطائفية والمصلحة الخاصة في السياسة لم يكن في مقدروة الدول الاقليمية ان تغلغل في العملية السياسية وتفرض إرادتها على السياسة العراقية وتدخلها الفظ في الشأن العراقي .

اصبح واضحا امام المجتمع العراقي بان كل طرف يحاول ان ينفرد بالسلطة دون مشاركة الاخرين في القرارات الحاسمة ، لذلك نشاهد من اهم الصراعات الآن على الساحة السياسية العراقية هو الصراع حول موقع رئيس الوزراء ، حيث يصبح المسؤول الاول في الدولة ويتخذ القرارات بوحده وسوف يكون واجهة البلد امام العالم ، ولكن لا يفكر ان يستثمر هذا المنصب استثمارا صحيحا . ومن خلاله تقديم الخدمات للمواطن بشكل احسن ويرضى ضميره ، والعمل من اجل إيقاف التدخلات المتواصلة للدول الاقليمية في الشأن العراقي لكي يحضى بدعم وتأييد المواطن له وخاصة هؤلاء الذين انتخبوا ، للأسف من يتقلد هذا المنصب محاولا لتقوية قوته ونفوذه داخل السلطة ويستثمرهما لمصلحته الشخصية والحزبية ، وتقريب المقربين والمتزلفين له ويكونون في المناصب برغم لا يملكون أية مهنية في عملهم وهذا ما نراه في عراقنا الجريح ..

الصراع السياسي على السلطة لا تعبر عن وعي ديمقراطي ولا يجسد مفهوم التدوال السلمي والديمقراطي للسلطة ، بل يضع العراق على كف عفريت ، لان هذا الصراع سوف يعقد الامور اكثر فاكثر وتزيد من تفسخ المجتمع وانشطاراته العديدة وتلحق بالشعب العراقي الازمات والكوارث ويحرم العراق في حل المعضلات التي تواجهه ، ويمعن بزرع الخلافات والأحقاد بين مكونات الشعب وستجعل العراق ينزلق نحو الهاوية ، وهذه الحالة ليس من مصلحة الفرقاء انفسهم وبالاخص إذا اندلعت الحرب الطائفية مرة اخرى .

 

 

free web counter