| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود الوندي

 

 

 

السبت 13 /10/ 2007



الكورد الفيلية بين ماضيهم وحاضرهم
(1)

محمود الوندي

تحتوي هذه الدراسة المختصرة والموجزة حول تأريخ الكورد الفيلية في الماضي بغية أعطاء فكرة للقارئ الكريم بشكل موضوعي بعد أستعانتي بكتب التأريخ وبعض المقالات عن سبب أضطهادهم من قبل الحكومات المتعاقبة لدست على الحكم في العراق ، والظلم والأجحاف الكبير الذي لحق بهم في التأريخ الحديث ، وما هو دورهم في الحركة الوطنية العراقية والكوردستانية منذ الحرب العالمية الثانية ، وكذلك دعمهم للتنظيمات الإسلامية السياسية منذ بداية تشكيلها ضمن إطارها الوطني العراقي العام ، وأبعادها القومية الكوردية والمذهبية الشيعية ، وما وضعهم الأقتصادي والأجتماعي الحالي داخل المجتمع العراقي ومقارنة مع وضعهم السابق ، ونتساءل ماذا قدمت الحكومات التي تلت السقوط لهذه الشريحة ؟ وماهي مستحقاتهم آلآن في الحكومة الجديدة ؟ وما السبب لحد الآن عدم تمكنها تلبية مطالبهم المشروعة ؟ ولماذا لم تعيد لهم كامل حقوقهم وعلى رأسها حقهم في المواطنة ؟ يجب وضع الحلول الجذرية لهذه المشاكل والمعاناة الطويلة ، وإصدار قرارات سياسية محكمة من الحكومة العراقية والبرلمان العراقي بسن قانون جديد من قبلهم ليكون حدا نهائيا لمعاناتهم وآلامهم وحلاً نهائياً لقضاياهم .

تأريخ الكورد الفيلية :
لقد أثبتت الدراسات التأريخية والتقنيات الأثرية على أن أقدم الأقوام البشرية التي سكنت في المناطق المحصورة بين شرق دجلة وجهتي جبال زاكورس المتاخمة للحدود العراقية الإيرانية هم الكورد الفيلية ، وحكم ولاتهم المنطقة أكثر من 331 سنة وكانت عاصمتهم تقع في منطقة الكميت ضمن محافظة نيسان ، حيث يعود تأريخ سكناهم في هذه المناطق الى أكثر من 5 ألاف عام ، وكانوا مصدراً رئيسياً لصناعة آلات حديدية ونحاسية الى بلاد ما بين النهرين والى بلاد الفرس ، أضافة الى الزراعة وتربية الحيوانات ، ونشأت عليها أقدم الشرائع في حينها وإنتعشت الحركة الثقافية وإزدهرت النهضة العمرانية في ظل حكمهم بسبب نشاطهم العقلي وجهدهم البدني ، يشهد التأريخ بحق هذه الشريحة الكوردية على إنسانيتها وقدرتها وتصميمها الجبار في بناء صرح الإنسانية وتشييد الحضارات البشرية ، وكانوا من الرواد الأوائل في بناء صروح الحضارات الإنسانية من خلال المسيرة التأريخية ، وينحدر الكورد الفيلية من عشائر معروفة مثل عشيرة الجيروان والملكشاهي والكولكولي والشيروان والزركوش والقطبي والشوهان وهناك عشائر كوردية اخرى ، والأصل الحقيقي للكورد الفيلية يعود الى الشعب اللوري وهو جزء من الأمة الكوردية ، وينتمي أغلبهم الى مذهب أهل البيت وهو المذهب الشيعي . يذكر العديد من المؤرخين بأن الشعب اللوري من بقايا العلاميين أو الكوتيين حيث تنتشر هذه الشريحة الكوردية في مدينة بغداد وفي المناطق الوسطى والجنوبية من العراق ( من خانقين شمالاً الى الكوت والعمارة جنوباً ، وغيرها من المدن العراقية بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية) . ولهم لهجتهم الخاصة المشتقة من اللغة الكوردية ، بل أنها الأساس الحقيقي للغة الكوردية . أما مدلول كلمة الفيلي حسب تعريف العلماء فتعني انها الرجولة والشجاعة النادرة والغيرة والأنسانية .

نجح الكورد الفيلية في الاندماج منذ ألاف السنين بالمجتمع العربي العراقي على نحو متكامل أجتماعياً وأقتصادياً وثقافياً وسياسياً ، دون أن يفقدوا حسهم بالانتماء القومي الى الأمة الكوردية وحافظوا على لهجتهم الكوردية اللورية ، شأنهم شأن العديد من الأقليات القومية والدينية الصغيرة ، كما حافظوا على تقاليدهم المذهبية ، والمعروف عن الكورد الفيلية أنهم أناس مسالمون ومحبون للخير والعمل الإنساني ، كما نجحوا في أمتهان العمل التجاري والصناعي والزراعي لأنهم تميزوا بوفاء وأحترام المواثيق والصدق والامانة في نشاطاتهم التجارية والأقتصادية ، وبرزت أسماء متميزة من بينهم في ميدان الحركة الوطنية العراقية والكوردستانية ، وتأريخ العراق السياسي عموماُ من خلال نشاطهم الوطني العراقي ضمن صفوف الحركة الكوردية التحررية وضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي والحركات السياسية الاخرى ، و ظهرت أسماء لامعة في ميدان الثقافة العراقية وفي ميدان الفن والرياضة الى جانب التجار المعروفين في الميدان الاقتصادي ، بالإضافة الى المئات من شهداء الكورد الفيلية الذين ضحوا في سبيل الوطن والشعب داخل سجون ومعتقلات الأنظمة السابقة وفي اقبيتها وأختلطت دمائهم بدماء أبناء العراقيين الشرفاء الذين لم يرضخوا يوماً للحكام الطغاة ، وهناك أمثلة كثيرة سوف نذكرها في الأجزاء القادمة ، كما ضحوا وأستشهدوا دفاعاً عن الشعب الكوردي فوق قمم جبال كوردستان ووديانها ، لا يسعنا ذكرها وإذا أردنا ذلك فالقائمة تطول ، لأن لهم تحت كل شجرة وصخرة جندي مجهول ، وفي كل سجن سفيراً لهم .

كان الكورد الفيلية ضحية التخطيط الأنتقالي للحدود الفارسية والعثمانية في وقتها بسبب سكنهم في المناطق الحدودية بين العراق وإيران كما أشرنا اليها ، وأصبحت مناطقهم أراضي صراع بين الدولتين حتى العقدين الأخرين من القرن الماضي ، أستمرت هذه الحالة بعد سقوط العثمانيين ، وأخرها كانت الحرب الايرانية - العراقية التي أستمرت ثمانية أعوام في القرن الماضي التي دفعت جميع المدن التي تسكنها الكورد الفيلية أهلها وبنيتها التحتية ثمناً باهضاً طيلة سنوات الحرب المدمرة ، حيث القصف العشوائي والتدمير اليومي الذي أصاب البشر والحجر والبساتين وكل شيء حي .

يتبع


المصادر
- الباحثة الألمانية باريار غوتمان : لورستان الغارقة في القدم
- المستشرق هول : تأريخ الشرق الأدنى القديم
- مؤسسة شفق للثقافة والاعلام للكورد الفيليين
 


 

Counters