| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

د. محمد شطب

 

 

 

 

الخميس 3/2/ 2011

 

شباب مصر يفجر ثورة الغضب

د. محمد شطب

إنَّ القوى والحشود التي دوى صوتها في مصر في ميدان التحرير ليملأ العالم كله، قوى خيرة من الشباب الواثقين بأنفسهم والقادرين على التعبير عن أفكارهم وعكس آمالهم وتطلعاتهم، قوى فقدت ثقتها بالنظام ورموزه وأساليب عملهم وإستهتارهم الفج بأبسط المقومات التي يتوق إليها إبن القرن ال 21 إنها:

قوى وطنية، ديمقراطية، علمانية، يسارية في تركيبتها وتوجهاتها بالدرجة الأولى.
قوى غير منتظمة/ بمعنى غير مسيسة من جميع فئات وطبقات الشعب المصري بمختلف قومياته وأديانه، نساءه ورجاله، وبمختلف فئاته العمرية.
قوى سبقت بطوفانها أبطال السياسه المترهلين، الذين أصابهم الشلل بفعل قساوات الحاكمين، وتغيير الأولويات في عالمنا المتغير، غير المستكين.
إستفادت من مجمل التطورات العلمية والتكنلوجية المتعددة الأشكال والألوان وفي مقدمتها الشبكات العنكبوتية لوسائل الإتصالات الحديثة مثل المحطات التلفزيونية الحديثة والتلفونات الجوالة وشبكة الإنترنت واليوتيوب والتويتر وغيرها.

تم توظيف هذه الإمكانيات في أساليب نضالية متقدمة ومتحررة ومتطورة بعيداً عن مخلفات الماضي لخدمة أهدافهم السياسية والتنظيمية والإعلامية.
كانت شعارات الثائرين واضحة، محددة، قصيرة ومفهومة من قبل الجميع تنادي بالمطالبة بالتداول السلمي والديمقراطي للسلطة ، وصاروا يصدحون بإسقاط الدكتاتورية والمطالبة بالحريات العامة والدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة العامة والعدالة الإجتماعية إنها فعلاً لثورة :
ــ ضد الفقر والجوع ونتائجها، التي يعاني منها الملايين من سكان مصر الحبيبة
ــ ضد البطالة التي شملت حتى خيرة شباب مصر والمتعلمين منهم واصحاب الطاقات والشهادات والكفاءات، الذين تشردوا في دول العالم طلبا للعمل والعيش.
ــ وضد الفساد، الذي ينخر في كل مكان من جسم الشعب والوطن والمتمثل بأبشع أشكاله بالثالوث غير المقدس للفساد السياسي والمالي والإداري.

إعتمدت قوى الشباب إختيار أماكن متعددة ومختلفة مثل المدارس ودور العبادة والمؤسسات العامة كأماكن للقاء الغاضبين وتحركهم إلى ميدان التحرير، وقد وضَّفوا عنصر الإتصال المباشر/ الشفاهي بالجماهير التي لا تملك وسائل الإتصال المشار إليها أعلاه بحكم إمكانياتها المادية المتواضعة أو عدم تمكنها من إستخدامها وتنويرهم بأهداف ثورة الغضب وكسبهم للمشاركة في الثورة.

لقد إلتزموا بالنظام والأمن والسلام، وتحلَّوا بقدر رفيع من الأخلاق بين بعضهم البعض بغض النظر عن تنوعهم المختلف والمتعدد الوجوه، وجنَّدوا الآلاف من المواطنين للحفاظ على المال العام والأملاك الخاصة والحريات الشخصية، وضحوا بحياتهم دفاعاً عن الأمن العام.

فما كان بهذا النظام العفن المتهري الغارق بالعمالة والخنوع لغير المصريين، والمسلط سيوفه وسياط جلاوزته على رقاب الطيبين من أبناء مصر إلا أن يلجأ إلى  :
ــ التشهير بهؤلاء الشباب ووصفهم بالمخربين والمندسين والمشاغبين وغيرها من الأوصاف، التي تعلمها من، أو علمها هو إلى جلاد العراق السابق صدام حسين، تلك التي إستخدمها ضد المخلصين من أبناء العراق حين وقفوا آنذاك ضد حكمه المقيت.
ــ وأن يطلق أجهزته الأمنية والعسكرية لتضييق الخناق على الثائرين الشجعان.
ــ وأن يوجه التعليمات الخسيسة لأزلامه في الشرطة والأمن الخاص بإفراغ مراكزهم ودوائرهم والإنسحاب من كل الأماكن التي كان من واجبهم حراستها وتأمينها من أيدي العابثين، ليقوموا بدلاً من ذلك بتجنيد حثالات مصر ومجرميها وبلطجيتها للقيام بأعمال التخريب والسرقات وحرق المنشئات وغيرها من الرذائل بعد إن تركت قوات النظام الإبواب مشرعة في وجوههم، لكي تنسب أعمالهم المخزية هذه لخيرة شباب مصر، ولتشويه سمعتهم وإثارة حقد المواطنين ضدهم.
ــ نشر قوات الجيش في الشوارع تحت غطاء حماية الممتلكات العامة، في الوقت الذي كان هدفها الأساسي هو تطويق الثائرين وشل حركة الوافدين اليهم والمتضامنين معهم وتضييق الخناق على حشودهم وسد الطرقات والمنافذ في وجوههم وبالتالي الإنقضاض عليهم في الساعة الحاسمة.
ــ أوعزت بإيقاف كافة أجهزت الإتصالات والمواصلات لتقطيع أوصال المشاركين ووضع الموانع والحواجز أمامهم كي لا يوسعوا من دائرة الإتصال بالمواطنين الآخرين ويدفعوهم إلى المشاركة في ثورة الشعب العارمة.
ــ وأخيرها تجنيد أزلامه ومرتزقته وتزويدهم بما يحتاجون من وسائل الإنتقام والقتل للإنقضاض على الثائرين مستخدمين أرذل وأخس الوسائل مما أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى ضحايا أبرياء كي يبقى الدكتاتور البائس وزمرته وأزلامه في سدة الحكم.
ــ إقدام فرعون مصر بل جلادها، ومخيب بل خائن آمال وطموحات أبنائها، إلى التشويش على المواطنين من خلال كلماته البائسة الحزينة، التي تعكس هزيمته هو وأقزامه، يستجدي بها عواطف المصريين ويطلب منهم العون والمساعدة بعد إن أمعن في تذويقهم أشكال الذل والهوان.

لن تجدي كل المحاولات التي قام بها الطيبون من أبناء مصر، ولا الصيحات التي أطلقتها المنظمات والجمعيات الإنسانية في مشارق الأرض ومغاربها نفعاً، تلك التي أرادت من خلالها حقن الدماء وتجنيب العباد والبلاد من الويلات التي تعرضت إليها، فقد إستمر الجلاد بغيَّه وعناده وتكبره المغلف بالغباء والعمى، متمسكاً بسلطته العفنة.

وكأنه لا يريد أن يرى ويتحسس أويتلمس لمس اليد ثورة الشعب، ثورة الغضب العارمة، ناسياً أو متانسياً ما أذاقه هو وجلاوزته لهذا الشعب العريق من ويلات ومآسي وآلام.
الثورة مستمرة ويوم الطغات قريب،
غداً تشرق الشمس من جديد،
غداً الجمعة، وغداً لناضره قريب،
فإنه يوم الخلاص المنتظر.

 

free web counter