| الناس | الثقافية | ذكريات | صحف ومواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

د. محمد شطب

 

 

 

 

                                                                                                 الأربعاء 27/4/ 2011

          

نعم ل قانون الأحزاب

د. محمد شطب

إنتشرت في العراق، بعد نهاية النظام المقبور وسيطرة قوى الإحتلال الأمريكي، العشرات بل المئات من الأحزاب السياسية بمختلف الأنواع والأشكال والألوان، كل على هواه، دون أسس أو تشريعات دستوريَّة أو قانونيَّة، منها ما نبع من أهل العراق وأرضه ولمصلحتهما، ومنها بتوجيهات وإملاءات خارجيَّة، أخذت تصول وتجول حسبما تشاء بلا حسيب أو رقيب، تأمر وتنهي، تحلل وتحرم، تسرق وتنهب، تبيح وتقتل وتقيم الصلوات، وما على المواطنين إلا السمع والطاعة.

فما كان نتيجة لذلك إلا إفساد للحياة السياسية، الفاسدة أصلاً، وإنتهاك واضح لأبسط حقوق المواطن والوطن على السواء، رافقته فوضى عارمة، تم التخطيط لها وبرمجتها في دوائر بعيدة عن العراق وأهله، وغريبة عن أخلاقهم وطموحاتهم، ترتبت عليها إشاعة التناحرات بكل ألوانها وإقامة الفتن بكل أشكالها وشرعنة المحرمات في عراق خرج لتوه من أكداس من الويلات.

ولكن في دولة تتطلع إلى تغييرات في بناء أجهزتها المختلفة لكي تتلائم مع طموحات مواطنيها، وتعتمد الدستور والقانون والإنتخابات في إختيار السلطات وأعضائها، وتنظر إلى الكثير من الأحزاب المتواجدة بمقدار من المسؤلية، وخاصة إذا علمنا بأن البعض من هذه الأحزاب في الساحة تؤدي وظائف مهمة وأساسية في حياة المجتمع وتوجهات البلاد، فتقوم بإعداد الكوادر الوطنية وتقديمها للمشاركة في خوض الإنتخابات المحلية والبرلمانية وغيرها، وتؤهلها لإستلام وظائف سياسية وإدارية في الدولة والمجتمع تتحمل فيها الأحزاب السياسية المسؤلية المعنوية عن مجمل تصرفاتهم وأساليبهم الإدارية في العمل، وإن العديد من هذه الأحزاب صار بمثابة حلقة الوصل بين المواطن وبين الدولة ومؤسساتها، فهي تقوم بصياغة وبلورة مطاليب قطاعات واسعة من المواطنين والتعبير عنها والمطالبة بتحقيقها من قبل أجهزة الدولة المختلفة ومن القائمين عليها، بدأً بمجلس النواب مروراً بمجلس الوزراء وصولاً إلى مجالس المحافظات والبلديات، وبنفس الوقت تقوم بشرح سياسة الدولة وتوضيح قراراتها وإجراءاتها أمام هؤلاء المواطنين. ومن أجل تعزيز وتطوير أواصر الصلة هذه بين المجتمع والدولة يتوجب توفير الأسس السليمة لبناء وتشكيل أحزاب سياسية رصينة، تعتمد الأسس الدستورية والقانونية، التي يجب توفرها والركون إليها، لتمكين هذه الأحزاب من ممارسة عملها بشكل قانوني ودستوري وبالتالي وضع برامجها الوطنية، التي تمكنها من كسب أكبر عدد من المواطنين إليها والإلتفاف حولها والإستعانة بهم من أجل تنفيذ هذه البرامج لخدمتهم وبالتالي لخدمة الوطن. وهنا يجب القول بأن البعض من الأحزاب المتواجدة إعتمدت على موضوعة اللعب في الفراغ وإغتنام الفرص وإستغلال الظروف المؤاتية وركب الموجة العارمة دون مراعاة المهنية في العمل الحزبي ودون إدراك ضرورات وضع البرامج اللازمة أو إعداد الأنظمة الداخلية لتثبيت الأسس السليمة للبناء الداخلي وبالتالي لكيفية قيادة الجماهير. ومن هنا صارت الحاجة اليوم، ماسة جداً، إلى تشريع قانون وطني ديمقراطي ذي أفق واسع وأبعاد مستقبليَّة، بعيداً عن الإعتبارات والتناحرات السياسيَّة الآنيَّة، يؤسس لحياة حزبية مستقيمة في العراق، تُحْتَرَم فيها كرامة المواطنين و تصان كرامة الوطن ومؤسساته على مدى الأجيال القادمة. قانون يحترم مبادىء التعددية وتنوع أشكال الطيف العراقي وفسيفساءه العريضة ويراعي مفردات ومضامين الديمقراطية والعمل الديمقراطي، ويجسد ويعبر عن إرادة أبناء الشعب بكل إنتمائاتهم القومية والدينية والفكرية والسياسية، دون إقصاء أو تهميش أو إهمال أو نسيان متعمد، بعيداً عن روحيَّة الحزب والفكر والنهج الواحد المهيمن والمسيطر على كل شيء وصاحب القرار والحل والربط في كل صغيرة وكبيرة، هذه الروحيَّة التي تَجَرَّعَ أبناء الشعب العراقي في ضلِّها أنواع المشقّات، وذاقوا مُرَّ العيش، حتى صارت حياتهم مرهونة بإستعدادهم لتنفيذ سياسة هذا الحزب والترويج والتسويق لإفرازات أقزامه. قانون يضمن كامل الحرية للمواطنين في تشكيل الأحزاب والنقابات والمنظمات والجمعيات التي يرتؤها، والتي تهدف إلى تنظيم نشاطاتهم السلميَّة وعكس رغباتهم وطموحاتهم وإستعدادهم للمشاركة في عملية البناء والتجديد والتغيير العامة للبلد. كما يجب الإستفادة من مجمل الثورات والتطورات التي حدثت وتحدث في عالمنا العربي والدول المحيطة، والتي كانت تمثل بشكل كبير إنعكاساً لمصادرة حريّات الناس وكم أفواههم والتلاعب بمقدراتهم وعدم إحترام آرائهم أوالإهتمام بتطلعاتهم.

فلابد من وضع ضوابط وأسس متينة ومحددة وواضحة لتشكيل الأحزاب الجديدة وكذا للمتواجد منها إحتراماً وإنسجاماً مع تطلعات المواطنين ورغباتهم في إعتماد الأساليب الدستورية والقانونية في تنظيم أمور حياتهم ورسم سياسات مستقبلهم ووضع حداً للإنتهاكات والتجاوزات وسياسات المحاصصة البغيضة كأن يصار إلى:

ــ تشكيل لجنة خاصة، مستقلة تضم في صفوفها مجموعة من السياسيين والمشرعين من بنات وأبناء العراق المشهود لهم بالتجربة والحيادية والنزاهة، تقوم بدراسة الطلبات المتعلقة بتشكيل الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وحتى المنظمات الجماهيرية ووضع الأسس والمبررات اللازمة والمُقنِعَة للقبول أو الرفض، أي وضع دليل من مجموعة من المعايير التي يمكن الإعتماد عليها في تقييم الأسباب الداعية لتشكيل الحزب والبرنامج والنظام الداخلي له وربما سيرة حياة اللجان القيادية لمقدمي الطلبات وخلفياتهم الإجتماعية والسياسية قدر تعلق الأمر بمواد الدستور أو القوانين النافذة. وهنا لابد من طرح سؤالين مهمين لتعلقهما بالأمر:
(هل يجوز للأشخاص غير العراقيين تأسيس أحزاب لهم، وما هي الشروط اللازمة لذلك؟)
(وهل يجوز لغير العراقيين الإنتماء إلى الأحزاب العراقية والعمل في صفوفها؟)

ــ تقديم طلب من الأعضاء الراغبين في تأسيس حزب سياسي، يتم التوقيع عليه من قبل هيئة قيادية منتخبة من قبل مجموعة من الأعضاء في مؤتمر تأسيسي للحزب الذي يبتغون، على أن لا يقل الحد الأدنى لهؤلاء عن 320 شخص، أي بنسبة 1 من كل 100.000 مواطن من أبناء الشعب العراقي. وأن يتم في هذا المؤتمر طرح ومناقشة البرنامج والنظام الداخلي للحزب، وتثبت الآراء المطروحة بعد الموافقة عليها من قبل الأعضاء الحاضرين، في محاضر مكتوبة يتم التوقيع عليها من قبل الجميع ويتم رفعها مع الطلب المقدم إلى الجهة المعنية، وأن تحدد اللجان القيادية للحزب وتتم الإشارة إلى الكيفية التي تم بموجبها هذا الإختيار، كما يجب التطرق إلى ذكر الأسباب الموجبة لتشكيل الحزب.
ــ أن يقدم هؤلاء برنامجاً واضحاً، لا يتعارض في مضمونه مع مبادىء الدستور ونصوص القوانين النافذة،
يحددون فيه الخطوط العامة لتوجهات الحزب السياسيَّة والإقتصادية والإجتماعية.
ــ وكذا تقديم نظاماً داخلياً للحزب، يتم فيه تحديد ووضع الخطوط العامة لبناءه وتركيبته الداخلية وأساليب
عمله، بالإضافة إلى تحديد منابع موارده المالية، شريطة أن تكون هي الأخرى منسجمة مع مبادىء الدستور
والقوانين المرعيَّة.
ــ أن تكون هذه الأحزاب مؤمنة بمبادىء الديمقراطية والمساوات والإصلاح والتجديد والتقدم والتطور وتحترم
حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الوطنية والدولية وتدعو إلى حماية البيئة.
ــ أن يتم التأكيد على ضرورة تحريم كافة النَزَعات الشوفينية والعنصرية والتعصب القومي والطائفي والمذهبي والمناطقي بكل أنواعها في برامج وأدبيات الأحزاب التي سيتم التصريح لها بممارسة نشاطها.
ــ أن تكون الأحزاب المُرَخَّصَة، أحزاباً ذات طابع شمولي للوطن وللشعب العراقي عامة، أو ضمن إقليم ما من أقاليمه، تساهم في صياغة السياسة العامة للوطن أو الإقليم، ويمكنها الإشارة أو التأكيد في برامجها عن دفاعها بشكل خاص عن مكون أو فئة إجتماعية أو قومية أو أقليَّة بسبب إضطهاد أو ظلم تعرضت له.
ــ أن تعتمد الأعمال السلميَّة في تحقيق برامجها وترفض اللجوء إلى إستعمال القوَّة.
ــ أن يلتزم أعضاء الحزب وخلال فترة دورتين إنتخابيتين من كسب عدد من أصوات الناخبين إلى برنامجهم
في الإنتخابات البلدية أو البرلمانية، التي تؤهلهم للفوز ببعض من مقاعدها، وبخلافه يجب أن يُحَل الحزب،
لإنتفاء الحاجة إليه، حيث يفقد مبررات وجوده في الساحة السياسية.
ــ أن تخضع مالية الأحزاب (وارداتها ونفقاتها) للرقابة الرسمية، وأن تحدد أجهزة مستقلة تتولى القيام بهذه المهام، وتحدد المبالغ القصوى التي يحق للحزب إستلامها كمساعدات، وبخلافة فإنها تعتبر رشاوى مرفوضة.
ــ تحريم الولاء لِ أو الإرتباط بِ الدول والمؤسسات والأشخاص غير العراقيين خارج الوطن، بما يفضي إلى
إستلام المساعدات أو التعليمات والإملاءات منهم أو تسريب المعلومات اليهم أو ما شابه ذلك.
ــ تلتزم الأحزاب بتطوير وتعديل برامجها وأنظمتها الداخلية بشكل دوري بما ينسجم مع التطورات الجارية
في البلاد وأن ينشر ذلك في الصحافة.
ــ تحديد الحقوق والواجبات والإلتزامات المترتبة على الأحزاب والمنظمات في حال تواجدها في السلطة أو
في المعارضة.
ــ التأكيد على ضرورة المساواة في التعامل مع كافة الأحزاب المُرَخَّصة أمام مؤسسات الدولة والمسؤلين فيها، وبخاصة فيما يخص فرص خوض الإنتخابات وحساب الأصوات وكيفية التعامل معها وتخصيص الوقت اللازم للدعاية لهذه الأحزاب في وسائل الإعلام الحكومية، وأن يجري التعامل مع الأحزاب حسب كفائاتها وقدراتها السليمة والعادلة بالحصول على أصوات الناخبين.
ــ منع وتحريم أي نوع او نشاط من أعمال التشهير والتهديد والملاحقات والتجاوزات اللاقانونية واللاشرعية
ضد أي حزب أو نتظيم أو جمعية من الأحزاب المجازة.
ــ تحديد الموقف القانوني حيال القوى والأحزاب والمنظمات التي تمارس نشاطها بشكل غير رسمي، أو تلك
التي تمارس أعمالاً مغايرة لما هو مُدون في برامجها المعلنة.
ــ تحديد الجهة المسؤلة عن منح الرخص، كأن تكون وزارة العدل أو الداخلية أو جهات أخرى.
ــ أن يُفتح سجلاً خاصاً بالأحزاب السياسية في العراق تدون فيه الأمور التالية:

. أرقام وتواريخ الرخص الرسمية الممنوحة لهذه الأحزاب.
. تدوين تأريخ منح الرخصة، أو سحب الثقة، أو التجمييد أو الحل أو العقوبات الصادرة بحق هذا الحزب.
. تحديد اسم الحزب، ومقره الرئيسي، والهيئة القيادية له، والناطق الرسمي بإسمه وصحيفته المركزية ... الخ.
. الإحتفاظ بنسخة من البرنامج والنظام الداخلي للحزب المعني لدى الجهة مانحة الرخصة، كما يلتزم الحزب بتزويد الجهة المعنية بنسخة جديدة من البرنامج أو النظام الداخلي كلما تم تغيير ذلك في مسيرة هذا الحزب.
. إلزام الأحزاب بالخضوع لرقابة الدولة، وبخاصة فيما يتعلق بمصادرها المالية وإرتباطاتها الخارجية.
. الإلتزام بالدستور والقوانين المرعية.
. تحديد المحاكم التي تتولى المرافعات الخاصة بالأحزاب والجهات القانونية التي تقوم بدراسة الطلبات.
. تحديد الجهة التي تقوم بتمثيل هذه الأحزاب أمام المحاكم في حالة المرافعات القضائية.
. تحديد نوع المساعدات التي تقدمها الدولة لهذه الأحزاب وشروط منحها، بغض النظر عن وجود الحزب في إدارة السلطة السياسية أو في المعارضة داخل قبة البرلمان أو حتى خارجها. فمثلاً يمكن ربط هذه المساعدة بقدرة الحزب وكفائته على كسب الجماهير إلى برامجه، كأن يخصص مبلغ محدد لكل صوت يتمكن الحزب من الحصول عليه في الإنتخابات البلدية أو البرلمانية.
. تثبيت كافة ممتلكات ودور نشر وصحافة ومحطات ومالية الحزب، وتحديد مصادرها وكيفية كسبها، وإقرار خضوعها للمراقبة المستمرة من قبل الجهات المسؤولة وتجديد تثبيت هذه المعلومات سنوياً.
 

free web counter