| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 21/11/ 2008

 

الديمقراطية مبدأ سياسي
Δημοκρατία, *** δήμος [démos] *** κρατία [kratía]

د. محمد شطب

الديمقراطية: كلمة يونانية الأصل تعني سلطة الشعب.
تتكون هذه الكلمة من شقّين، ألأول (ديموس) وتعني العامة، أي الشعب و الثاني (قراطية) وتعني الحكم، أي السلطة.
وهذا مبدأ سياسي يستطيع الشعب بالإعتماد عليه ومن خلال إنتخابات حرّة المشاركة في ممارسة الحكم في الدولة.
ويمكن أن تعني الديمقراطيَّة: نظام حكم يستطيع من خِلالِه ممثلو الشعب المنتخبون ممارسة السلطة.
وتعني أيضاُ: دولة ذات دستور ديمقراطي، أي شعب يُحْكَم بِطريقة ديمقراطِيَّة.
وأخيراُ يمكن أن تعني: مبدأ حُرّ ومتساوٍ لصنع ألإرادة و المشاركة في الحكم لكافة المجاميع المكوِنَة للمجتمع.(1)
أوَّل من وضع هذا المصطلح وعمل به هو الفيلسوف اليوناني ديموقرت 460 – 371 ق.م.، وهو فيلسوف ماديّ ومؤسس مذهب الجوهر (المضمون)، وقد أسماه كل من ماركس و إنجلس *أَوَّل موسوعة عقليَّة* من بين الفلاسفة اليونان.(2)

أما أوَّل من عرَّف الديمقراطية بمضمونها السياسي فهو رجل الدولة اليوناني بَرِيكْلَس 500 – 429 ق.م. حيث قال (الدستور الذي نملكه يسمى ديمقراطية، لأن الدولة أُسِسَت لا على ألأقليَّة من المواطنين بل على ألأكثريَّة.)(3)

عملياُ كان المقصود بكلمة الشعب في ذلك العصر، أي في مرحلة ألأسياد والعبودية، أِلأسياد فقط، أي سادة المجتمع من أصحاب الملك والمال والموقع والجاه، وإنَّ حق ألإنتخاب كان حصراُ لهم فقط، أما العبيد، الذين كانوا يمثلون في حينها من تكبلوا بالديون لغيرهم وأسرى الحروب التي خاضتها اليونان ضد غيرها من الدول وضعاف الحال في المجتمع فقد حُرِموا من هذا الحق، وهذا يعني في نهاية المطاف بأنَّ أكثر من أربعة أخماس المجتمع من الرجال لم يشاركوا في ألإجتماعات الشعبية لِلإنتخابات. بالإضافة إلى ذلك فإن حق ألإنتخاب كان حصراُ على الرجال في المجتمع دون غيرهم، ولم يُسمح للنساء بممارسة هذا الحق.

بقي حق المشاركة في الإنتخابات في المجتمعات حصراُ بالأسياد أولاُ، ثم حصراُ بالرجال لاحقاُ حتى إندلاع الثورة الفرنسية الكبرى في 14 تموز1789 التي رفعت ولأول مرَّة في تأريخ البشرية شعارات الحرية والمساواة والإخاء بين المواطنين، وكان شعار المساواة يعني بالدرجة الأولى المساواة بين المرأة والرجل، بين الفقير والغني، بين السيد والعبد أمام القانون، أي في كافة الحقوق و الواجبات ويشمل ذلك حق المشاركة في ألإنتخابات بما فيه الترشيح والإنتخاب.
إستمر العمل بعدم مشاركة المرأة في الإنتخابات حتى بدايات القرن العشرين، حيث تمكن جمهور النساء العاملات وفي مختلف الدول الأوربية من فرض حقوقهن تدريجياُ وخاصة في المجتمعات الصناعية، ومنها امتد ذلك ليشمل دولا أخرى في كافة أرجاء المعمورة بما فيها دول الملوك والسلاطين والدكتاتوريات.

ظهر مصطلح الديمقراطية لأول مرَّة في كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت 484 – 425 ق.م. حيث يشير إلى أنَّ كلايِسْتِنِس هو أوَّل من أرسى نظام الديمقراطية في أثينا في القرن الخامِس قبل الميلاد.

إلا أنَّ الديمقراطية المعمول بها في القرن الخامس قبل الميلاد لقيت إنتقاداُ حاداُ من الفلاسفة اليونان أمثال بلاتون 427 – 347 ق.م. و أرسطوطاليس 384 – 322 ق.م.، حيث وصفوها بكونها حكم الرعاع، أي حكم الفقراء والمتخلفين.

أمّا سياسياُ فتُعَرَّف الديمقراطية كونها سلطة الشعب، فهي نظام حكم يتحدد مضمونها إرتباطاُ بصفة الدولة المعنيَّة.(4) ويعرِّفها لينين (الديمقراطية هي نظام حكم، هي واحدة من أنواع الدول.)(5)

يتحدد مضمون الديمقراطية وفي كل مراحل التأريخ من خلال الصفة الطبقية للدولة. يقول لينين (الديمقراطية ليست مطابقة لخضوع الأقلية للأكثرية، الديمقراطية هي إحدى أشكال خضوع الأقلية للأكثرية في دولة معترف بها، وهذا يعني أنَّ الديمقراطية منظمة لشكل منسق من استخدام القوة من قبل طبقة ضد الآخرين، جزء من المواطنين ضد الآخرين.)(6)

إِنَّ مصطلح (الديمقراطية) يشمل ضمنياُ على مصطلحين أساسيين هما مصطلح الشعب الذي يمارس الحكم على نفسه بنفسه من خلال إختياره لحكومته عن طريق ألإنتخابات الحُرَّة، وعلى مصطلح الأرض، أي الوطن، الذي يعني الرقعة الجغرافية التي يتواجد عليها هذا الشعب، شريطة أن يكون هذا الشعب وأن يكون هذا الوطن يتمتعان بالإستقلالية الكاملة، وبخاصة أن تكون الحكومة المنتخبة من قبل الشعب حُرَّة في إتخاذ القرارات التي تمليها عليها مصلحة هذا الشعب ومصلحة الوطن الذي يتواجد فيه هذا الشعب دون تدخل من أيةِ جهة أخرى، ودون أن تجرى هذه الإنتخابات تحت حراب المحتل مثلاُ، وهذا فقط ما يؤهلهم للتمتع بالحقوق التي يضمنها هذا المصطلح.

في الأنظمة التي تشيَّد على أسس ديمقراطية يجب أن تُؤَمَّن فيها مبادئ أساسيَّة وفي مقدمتها الحفاظ على حريات المواطنين وبكافة أشكالها، ثم تأمين الأمن وتوفير السلام لهؤلاء المواطنين، كل هذا يتم تحت ترسيخ مبادئ القانون التي تَعتبر تحقيق وصيانة الحريات والأمن من الوظائف الجوهرية لها.

يجب أن تُربط توجهات الحكومات المنتخبة ديمقراطياُ برغبات المواطنين والتحقق من ذلك عن طريق متابعة مستمرة ورقابة دائمية تؤديها أيادي أمينة وتشرف عليها لجان الشعب المنتخبة، وأن يكون ذلك ليس بشكل إعتباطي ولكن بإستخدام واعٍ لقوانين مكتوبة يتم تشريعها من قبل ممثلي الشعب أنفسهم.

لا يختلف إثنان على أن الأكثرية الفائزة في الإنتخابات في أجواء الديمقراطية المتاحة في بلد ما يمكنها تشريع القوانين التي تقترحها هي وبإستطاعتها تعديل هذه القوانين أو إلغائها، كذلك تستطيع متابعة تنفيذ هذه القوانين، ويمكنها أيضاُ الإساءة إلى حقوق ألأقليات وحتى العبث بفكرة الحق والقانون من خلال حق ألأكثرية التي ضمنتها لها صناديق ألإقتراع، إلا إن الديمقراطية الحقيقية بصيغتها النهائية تحمي ليس فقط من هذه ألإنزلاقات المحتملة والمتوقعة، بل إنها تضمن بأن لا يكون للأكثرية إمكانية اضطهاد الأقلية أوالعبث بحقوقها.
العديد من الدول التي إعتمدت الديمقراطية كنهج لها عجزت عن تهيئة الظروف الملائمة لتأمين الحرية و صيانة الأمن وسيادة القانون لمواطنيها، وفي عراقنا الجريح، وفي ظل ألإحتلال وغياب الديمقراطية لعقود من الزمن وللتركة الدكتاتورية الثقيلة وإنتشار الجهل والأمية في صفوف الملايين من المواطنين وإشاعة ثقافة التعتيم، بالإضافة إلى عدم الثقة القائمة من قبل الكل ضد الكل بسبب ألإجراءات الصورية للإنتخابات وتدخل المرجعيات الدينية السلبي في ذلك وتشكيل الحكومة المبني على المحاصصة الطائفية الكريهه، التي أسس لها بريمر، والصراعات القائمة بين مختلف المكونات السياسية من أجل الحصول على مكاسب شخصية وحزبية، طائفية وقومية وتقديم كل ذلك على مصلحة الشعب والوطن، فإن هذه الديمقراطية تبدو هشَّة ومشوَّهة .

إنَّ ترسيخ مبادئ القانون وإشاعة الثِقَة بالمؤَسسات الرسمية وإنهاء مظاهر المحاصصة التي دبَّت وسَرَت في كافة مرافق الدولة العراقية بإمكانَها فَقط هدم عدم الثقة القائمة بين أبناء الشعب العراقي والإسهام في بناء ونمو ثقة متعددة الأوجه بين بعضهم البعض، بينهم وبين سلطات الدولة الثلاث وبالمستقبل، ثقة تنمو وتتطور بخطوات راسخة واضعة نصب أهدافها حماية المواطن والوطن من عبث العابثين، ترافقها رقابة مستمرة مستوحاة من الإيمان بشرعية القانون. ومن جانب آخر فإن هذا يسهم وبشكل فعّال في عملية ألإستقرار السياسي للبلد وخفض بل إنهاء وتيرة ألإرهاب المُفْتَعَل/الداخلي و المُصَدَّر والقضاء على الفساد المالي وألإداري المستشري حتى النخاع في أجهزة الدولة، كذلك المساهمة في ترسيخ وتدعيم وتطويرعملية البناء وألإنماء وعلى كافة المستويات والقضاء على مظاهر الجهل والتخلف البشري و الإقتصادي الموروثة والمفتعلة ومن أجل إرساء دولة قانون وضمان سيادة القانون و إحترام الإستقلالية التامة للسلطات الثلاث، التي تُعتبر الركائز ألأساسية لأي مجتمع ديمقراطي، وعدم التدخل في شؤون أي منها وعدم إستغلالها من قبل أي شَخْصٍ أو جهة، أو توضيفها لصالح أي شَخْصٍ أو جهة، كل هذا يُمَكِّن من خلق مؤَسسات و طرائق عمل بإمكانها أن تبني الثقة بين المواطنين وتربط السلطة بالقانون.

Demokratie ist eine politische Prinzip

(1) قاموس الكلمات ألأجنبية الكبير Das große Fremdwörterbuch/ Duden 2000
(2) قاموس المنطق ص 122 Wörterbuch der Logik/ Leipzig 1972 Seite 122 في المانياالمركز ألإتحادي للتربية السياسية
(3) Bundeszentrale für politische Bildung Heft 284 (Demokratie – Geschichte eines Begriffs)
(4)
القاموس الفلسفي الجزء الأول ص 256 Philosophisches Wörterbuch/ Leipzig 1976 Teil 1 Seite 256
(5) لينين/ المؤلفات الكاملة المجلد 25 ص 486 Lenin Gesamtwerke Band 25 Seite 486
(6) لينين/ المؤلفات الكاملة المجلد 20 ص 469 Lenin Gesamtwerke Band 20 Seite 469


 shatup@gmx.net
 

free web counter

 

أرشيف المقالات