| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

د. محمد شطب

 

 

 

 

الجمعة 19/2/ 2009

 

المشاركة في الإنتخابات
حق دستوري وواجب وطني

د. محمد شطب

قانون الإنتخابات الخاص بإنتخاب مجالس المحافظات ومثله قوانين الإنتخابات العامة القديم والجديد، الذي تجري الإنتخابات الحالية بموجبه، والكثير الآخر من القوانين المُشَرَّعَة من قبل مجلس النواب الحالي، الذي تربَّعَ الأغلبية الساحقة من أعضائه على مقاعدهم بغفلة من الزمن، فلم يكن لهم فيه أي مكان من الإعراب، شغلوا المقاعد وغالبا ما إستُخدِموا فقط لرفع الأيدي لزيادة عدد الأصوات التي ترجح هذه الكفة أو تلك من الآفات المتناحرة فيه، لا يفقهون بأمور التشريع ولا تهمهم مصالح البلاد ولا تعنيهم شؤون العباد، قوانين تمت صياغتها وفق عملية المحاصصة الخبيثة ورغبات الحيتان المقيته، لذا يجب تعريتها والعمل على ضرورة تغييرها ووضع القوانين البديلة التي تتناسب مع الواقع العراقي الجديد، وهذا غير ممكن بدون العمل على وصول تركيبة جديدة لمجلس النواب القادم، التي لا تتم إلا من خلال صناديق الإقتراع ومن خلال منافسة إنتخابية نزيهة، عن طريق منح أصوات الناخبين إلى وجوه جديدة كفوءة، متطلعة نحو مستقبل واعد يليق بالعراق والعراقيين، وإنتخاب من يؤمن بالمواطن وسعادته ويحترم كرامته، ينبض بمصلحته ويتحسس إحتياجاته، كما يتمسك بالوطن وإستقلاله وحريته، إنتخاب مدافعين حقيقيين يضعون حداً لنهج المحاصصة والتشرذم والسياسات التوفيقية العبثية، أناس يؤمنون بالإنسان والمستقبل ويتفانون من أجل الحياة، أوطاد للسلام وحرّاس له، يضعوا حداً للفتنة الوطنية والإحتراب الطائفي وهدر المال العام والطاقات الوطنية ويوقفوا المجرى الآخذ بالإتساع للفساد المالي والإداري، الذي ينخر بجسم الدولة ويشل قدراتها، نعم إنتخاب أناس تم تجاوزهم وإهمالهم والإلتفاف عليهم بعمد في الدورة الإنتخابية السابقة ولإعتبارات شتى تحت خيمة المحتل وتدخلاته ودق طبول الهيجان المذهبي والطائفي وإثارة العنجهيات القومية وسيادة القوانين التعسفية.

دعوة لكل الغيارى للإسهام في إنتخاب العراق بتأريخه وحضارته وأمجاده وطيبة أهله، لإنتشاله من طاحونة الموت والخراب التي تمزقه والآفات التي تفترسه والمحن التي مسكت بجلابيبه، لكي ينهض من كبوته ويتعافى من مصائبه ويبقى رغم كيد الكائدين وطناً آمنا للجميع يتفيئون بظله ويتنعمون بخيراته.

والتعامل مع المشاركة في الإنتخابات القادمة ليس فقط كونها حقاً ضمنه الدستور العراقي لكل مواطن ومواطنة يخضعون للمواصفات المثبته فيه، بل هي أيضاً:

واجب وطني مهم جداً، يتطلب من المشمولين بممارسته من كل ألأحزاب والكيانات والكتل السياسية، الإرتقاء إلى مستوى المسؤليَّة، في الإختيارالصائب للأشخاص المُرَشَحين، والوضع الدقيق للبرامج التي يطرحونها، وإعتماد الأساليب النظيفة والسليمة والبنّاءة في العمل.

وهي تعني في نهاية المطاف بالنسبة للمنُتَخِبين ليس فقط الإختيار الشكلي غير الواعي لمن يمثلهم للوصول إلى المقعد البرلماني، بل يتوجب عليهم الإمعان في وضع هذا المُنْتَخَبْ تحت المجهر وفحص مجموعة من العوامل التي تتعلق بشخصه بدأ بسلوكه ونزاهته وعلاقاته ومواقفه الوطنية وصولاً إلى إمكانياته العلمية وقدراته العملية وقابلياته على البذل والعطاء للصالح العام وتقديمه المصالح العامة على المصالح الشخصية والطائفية والمذهبية والقومية والحزبية.

من يأتوا إلى البرلمان، يجب أن لا يكونوا أشخاص مجهولين، عديمي اللون والطعم والرائحة، لا يتميزون إلا بولائهم لهذا الحزب أو ذاك الكيان أو تلك الكتلة، يأتمرون بأوامرهم وينفذون بشكل أعمى توجيهاتهم ووصاياهم ويمررون مخططاتهم، وكأنهم بنادق شطرنج عديمي الإرادة تحركهم أيادي خفيَّة، ومثل هؤلاء يتم إملائهم على الناخبين بالرغم من إرادتهم. يجب أن يتمتع النواب بمواصفات علمية وفكرية راقية وإمكانيات إدارية متفوقة وخبرات عملية إيجابية، كما يجب أن يكون من مواصفاتهم الولاء للمواطن الذي إنتخبهم والدفاع عن الوطن الذي أنجبهم، فهؤلاء هم من سيقوموا من خلال تشريعاتهم بوضع الأسس المطلوبة التي يُبْنى عليها المجتمع وتتجذر مؤسساته ويتضح نهجه وتتحدد معالمه.

لذا يتوجب على الناخب الكريم أن لا يعطي صوته إلا لمن يعرفهم، وإختبرهم وتأكد من صلاحيتهم لهذا الموقع، لمن زَكَّتهم الحياة وخبرتهم المحن، تعالوا على الدسائس والرذائل، لم تتلطخ أياديهم بالدماء، ولن يختلسوا لقمة خبز المواطنين أو يساهموا في تخريب مؤسساتهم وتدمير البنى التحتية لوطنهم، لمن يضمن تواصله معهم ويتابع معهم كيفية تحقيق طموحاته، ويحاسبهم عند التقصير.

وهنا نداء إلى كل المواطنين الشرفاء من الرجال والنساء، الذين لن ينتموا إلى حزب سياسي أو كيان إنتخابي، وهم الأغلبية الساحقة من بنات وأبناء العراق، أن يلتزموا بضرورة الحياديَّة والدقة في إختيار من يَنتَخِبون، وأن لا يخضعوا للضغوطات والإبتزازات أي كان نوعها ومصدرها، أن ينتخبوا ضميرهم، ومن يحرصوا على تحقيق طموحاتهم وأمانيهم ويلبوا مصالحهم ومصالح أبنائهم الآنية والمستقبلية، من يؤمنوا قولاً وعملاً بمضامين مبادىء الديمقراطية والحرية والمساواة بين المرأة والرجل وحقوق الإنسان، ويتعاملون مع الحياة وفق التوجهات العلمية وبمقاسات الحضارة والتقدم ومنجزاتها. عليهم أن لا يرتكبوا حماقة يمكن أن يعانوا من جِرّائها من تأنيب الضمير، أو يلوموا أنفسهم يوماً عليها، وأن يكونوا عيوناً ساهرة وحريصة على مراقبة ومتابعة سير العملية الإنتخابية بالشكل الصحيح، وكذا عمل الجهات المناط لها النهوض بهذه المسؤلية بالمستوى المطلوب.

أن لا يسمحوا لأية جهة بإستغبائهم وإستغفالهم والتلاعب بمشاعرهم وحرف مواقفهم وشراء أصواتهم بسعر بخس، فبيع الصوت يعني بيع الضمير، بل بيع الأهل والوطن، وإستذلال الكرامة وسلب الجرأة والشجاعة على الوقوف بوجه من يستهين بالآخرين ويستهتر بمقدراتهم، فمن يتجرد من ضميره لا يتمكن من رفع صوته بوجه من سمح لهم بإذلاله.

على المفوضية المستقلة للإنتخابات أن تمارس عملها بكل جِدِّيَّة ونزاهة ووطنية، وأن تقف من جميع الكتل والكيانات المشاركة في العملية الإنتخابية على مسافة واحدة، أن تتعالى على الإنحياز لهذا الطرف أو ذاك، وأن تبين هذا بالملموس، أن تضع نفسها وبكامل طاقمها وبكافة الجهات المرتبطة بها سواء في داخل العراق أم في خارجه في خدمة هذه المهمة الوطنيَّة، وأن تقوم بفضح كل الممارسات والسلوكيات اللاقانونيَّة واللاشرعية التي ترافقها، وأن تشير إلى الواقفين وراء الخروقات وتطالب بإنزال أقسى العقوبات اللازمة بحقهم. عليها أن تنهض فعلاً بما أنيط بها من مسؤلية جسيمة، وأن تفضح التدخلات الخارجية بكل أشكالها وتلاوينها، وأن تشير إلى مصادر الأموال الوفيرة التي تسربت من خارج الحدود لشراء الذمم وإفساد النفوس من أجل أن تمهد الطريق لفسح المجال واسعاً أمام من سمحوا لأنفسهم في الإرتماء في أحضان أعداء الوطن من تنفيذ أجنداتهم التخريبيَّة عند وصولهم إلى قبة البرلمان.

وكذا يتوجب على هذه اللجنة من تشديد الرقابة كي لا يتم إستغلال أماكن العبادة أو الرموز والشعائر الدينية لأغراض الدعاية الإنتخابية لهذه الطائفة أو تلك، لهذا الحزب أو ذاك، فهذه من الإمور الدينية المقدسة، التي يجب الإرتقاء بها عن هذه الممارسات، كما يجب أن تعلو على هذه أو تلك من التوجهات السياسية الآنِيَّة، ولا يجوز وضعها في خدمة القضايا الدنيوية، كما لا يحق لأي طرف كان إستغلالها لصالح التحبيب لبرنامجه أو الترغيب لمرشحيه أوالتشهير بمنافسيه.

وعليها أيضاً أن تكون ساهرة وحريصة وأمينة على عدم السماح للأحزاب المتنفذة حالياً في إدارة شؤون الدولة والمجتمع بإستخدام أجهزة الدولة ومؤسساتها وإمكانياتها المالية والإدارية والإعلامية وتوظيفها لتنفيذ برامجها الخاصة أو تجنيدها للوقوف وراء مرشحيها وتمييزهم على سواهم أو وضع العراقيل بوجه من يخالفوهم في التوجهات.
 

 

free web counter