| الناس | الثقافية | ذكريات | صحف ومواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

د. محمد شطب

 

 

 

 

                                                                                                 الخميس 10/3/ 2011

          

لا تسرقوا أحلامنا

د. محمد شطب

آهاة،

تسائلات،

آلام وحسرات،

دردشة مع النفس،

أخذ وعطاء، مع الذات،

خزين من المفردات والمتناقضات،

بل هو صراع يقوى تارات ويهدء أخرى،

جحافل بشرية، وجوه غاضبة، متحدية، حالمة،

صور ومكبرات صوت ومشاهدات لا تفارق المخيلة،

جالت في شوارع بغداد وساحاتها وبقية مدن المحافظات،

ندائات تعددت منابعها، ومطالبات إتسعت دوائر مستحقيها،

أسإلة قد يخجل المرء من طرحها على الآخرين بصوت مسموع،

وإجابات لن نتمناها ولم يخطر ببالنا أن نسمعها أو تطرق مسامعنا،

كل هذا، بل وغيره الكثير، ممكن بل هو واقع معاش في عراق اليوم،

عراق ما بعد الحروب والموت والسجون والتهجير والتطهير والملاحقات،

ما بعد الغزو، والإحتلال، والإستباحة والإظطهاد والإحتراب الداخلي والتناحرات،

بعد إن غصَّت أفواه الأمهات وسالت دماء العراقيين الأبرياء وتناثرت جثث المجهولين،

وبعد إن رضينا مجبرين، بما تم تسويقه إلينا من بضاعة فاسدة، مؤملين النفس بخير آت،

وإذا بنا ننام ونصحوا على مفاجئات ورهانات ومزايدات بعيدة عن كل هذه الآمال والتطلعات،

كنّا نُأَمِل أنفسنا بصحوة قادتنا بعد سبات طال العديد من السنوات، وذلك بإنحيازهم إلى جانب المظطهدين والمشردين والمغيبين، إلى إلتفاتهم لسماع أصوات اليتامى والثكلى والأرامل والمعوقين والعاطلين عن العمل، إلى ردم منابع الفقر والمرض والجوع وإنتشال الوطن من الوحل الذي هو فيه، إلى إحتضان أبناء العراق البرره وفسح المجال لهم للمشاركة في بناء المواطن وإعادة بناء الوطن، بعد إن ساد الجهل وإنتشر الظلام، وساد الفساد وعشعش الكسل وفسدت الأخلاق، وتلاشت الأحلام، فإذا بالمفاجئة تأتينا بشكل عكسي، وهذه المرَّة بأوامر صريحة، واضحة، موثقة بكتابٍ رسمي يحمل توقيع وختم رأس السلطة التنفيذية، يتم تسليمه إلى جحافل القوات المسلحة الوطنية، المؤتمرة بأمرته، مفاده  تصويب السهام إلى صدور الناهضين، وكتم أفواه المارقين، وتغييب الثائرين أفراداً كانوا أم مجاميع، فتقطعت أوصال البلاد لتشتيت شمل العباد، وحجبت وسائل الإعلام وتم إعتقال النشطاء والصحفيين والمُنَظِمين، وإطلاق الرصاص المطاطي والحي  وإستخدام خراطيم المياه والطائرات المروحيَّة والمدرعات لتفريق المتظاهرين العُزَّل، وسقط العديد من الجرحى والقتلى ـ نعم جرحى وقتلى ـ لا زالت أصابعهم مخضبة بلون الحبر البنفسجي، حين ذهبوا إلى صناديق الإقتراع لمنح أصواتهم وإنتخاب من تسبب لهم في كل هذه الويلات، فسالت دماء بريئة من أجسادٍ خاوية أنهكها الخنوع والذل والركض وراء لقمة العيش الكريم،  في بلدٍ تعددت فيه مصادر الثروات وتنوعت فيه أنواع الخيرات.

ولم تهدأ خواطرنا بعد حتى تأتينا المفاجأة الآخرى، ونحن نرى من على شاشات التلفزة صوراً لجحافل الشرطة الإتحادية وهي تحاصر مقرّات ومكاتب لقوى وطنيَّة، مشهود لها بتضحياتها ونظافة وصلابة مناضليها وإستبسالهم في الذود عن الوطن وخدمة مواطنيه، تطالبها بإخلاء هذه المقرّات وعلى وجه السرعة. ضننا بأن السيد رئيس الوزراء وتنفيذاً لما وعد به وخلال * 100 * يوم سيقوم بتجفيف منابع الفقر والفساد والقضاء على الرشوة والمحسوبية ووقف نهب المال العام، تلبية منه لتنفيذ مطالب الجماهير وتسديد رماحه وسهامه وسيوفه وجحافله إلى قوى الفساد والرشوة والخيانة والعمالة، وتنظيف الوطن من أردانهم، وتخليص المواطن من عللهم، لنقف كلنا معه ونساهم في تصحيح الخطأ ودمل الجراح ولم الشمل وزرع فسائل الفرح والأمل والعمل، كي يقوى الوطن ويشمخ أبناءه، ليتنعموا بخيراته ويشيدوا بناءه، ويتفاخروا بأن لهم وطن يحميهم وقيادة تذود عنهم.

free web counter