| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى صالح كريم
M_s_kareem@yahoo.com

 

 

 

 

الأربعاء 7/2/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

اللقاء الذي لم يتم!


مصطفى صالح كريم *

تعود بي الذاكرة الى الرابع من شهر نوفمبرعام 1998 وهواليوم الذي وصلنا مطار موسكو لغرض المشاركة في المهرجان المئوي للصحافة الكردية الذي أقامه مركز الدراسات الكردية في موسكو بالتعاون مع أكاديمية العلوم الروسية و كان يوماً شتائياً قارص البرد ما أن خرجنا من بهو المطار حتى فوجئنا بالأخوان شورش خالد وموفق دركلي وشيرزاد الذين أستقبلونا بحرارة وأشتياق يتقدمهم رجل وقور وأنيق عانقنا والإبتسامة مرتسمة على شفتيه حين قال: لقد جئتم بالثلج معكم. تصوروا انه اليوم الاول الذي تشهد فيه موسكو هذا العام سقوط الثلج بهذه الغزارة. عرفنا من الأخ شورش ان هذا الرجل الفاضل هوالأستاذ البروفيسور شاكروي خدوى محو حامل درجة اكاديمية العلوم الأرمنية التى هي اعلى درجة علمية فى العلوم الأرمنية ورئيس مركز الدراسات الكردية في موسكو وفور وصولنا فندق مولدافيا كان قد أمر البروفيسورمسبقاً بإقامة حفل استقبال شيق لنا استمعنا بشغف خلاله الى أحاديثه الشيقة واستمتعنا بروحه المرحة وتعلمنا اول كلمة روسية منه (توست) بمعنى (نخب).
*كان الرجل عالماً متواضعا، نشأ من عائلة كردية إزدية من عشيرة سبكي التي هاجرت الى ارمينستان بسبب هجمات العثمانيين، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة يريفان وعمل فترة رئيساً لتحرير الصحيفة الذائعة الصيت (رياتازه-الطريق الجديد) وكانت الأطروحة التي نال عنها شهادة الدكتوراه هي (الحركة التحررية للشعب الكردي) في العراق بعد الحرب العالمية الثانية. وعمل فترة طويلة أستاذاً في معهد الاستشراق ولكنه الآن متفرغ لمركز الدراسات الكردية الذي يقدم خدمات جليلة للمكتبة الكردية. كان البروفيسور ملازماً لنا طوال الايام التى أمضيناها في موسكو، كانت رفقته حلوة ذا معشر لطيف سرعان ما تصادقنا وكأننا نعرفه منذ أمد بعيد وكانت جعبته مليئة دائماً بالأحاديث الشيقة، كم كانت الانخاب عنده ذات أهمية فقد كان معتزاً بكرديته حريصا على مصالح شعبه فخوراً بتحرير الكرد في كردستان العراق وتشكيلهم حكومتهم الكردية المناضلة وحين كان يرفع كأسه وقبل أن يرتشف منها يتحدث عن الشخصيات السياسية الكردية ويهدي النخب اليها.
** حين غادرنا موسكو بعد ستة وثلاثين يوماً قضيناها فيها بسب تأخر تأشيرة السفرمن طهران،كان البروفيسور يتمتع بعطلته التى يقضيها على ساحل البحر الاسود، وهي امتياز خاص لأساتذة الجامعات ومن منتجعه خابرنا مودعاً ومتمنياً لنا سلامة العودة. وبعد عام على تلك الزيارة تشرفت مع عدد من اساتذة الجامعة لاستقباله في (كويه) قادماً الينا بزيارة خاصة لكردستان حبيبته التى كانت لاتفارق مخيلته وقضى في ربوع كردستان اياماً كان سعيداً جداً خلالها.
** وفي خريف عام 2005 حضر الى السليمانية بدعوة من مؤسسة الأديب الراحل الأستاذ ابراهيم احمد التى كرمته بمنحه جائزة (بيره ميرد) كان فخوراً بها وسعيداً بأنه تسلم جائزة من مؤسسة كردية داخل اقليم كردستان الذي يتمتع بالفدرالية ويعيش حراً في ظل حكومته وبرلمانه.
وحين ودعناه، كنا ننتظرمنه لقاءات اخرى كما وعدنا، وقبل شهر تقريباً اتصلت به هاتفياً لأخبره بأنه من المتوقع ان أزور موسكو في مايو القادم، كان سعيداً بالخبر، لم أكن أعلم بأني لن ألتقي به ثانية .
** لقد كان مفاجأة مؤلمة وصدمة عنيفة حين تلقيت خبر رحيله في احد مستشفيات موسكو صبيحة اليوم الأول من شباط الحالي. ايها الراحل العزيز، ستبقى ذكراك خالدة، وستبقى المكتبة الكردية مدينة لك بمؤلفاتك القيمة وخدماتك التاريخية والثقافية الجليلة وا أسفي لمركز الدراسات الكردية الذي سيكون خالياً من راعيه الذي كان يرعاه كرعاية الأب لابنه
M_s_kreem الوحيد..وداعاً ايها البروفيسور الودود الأستاذ شاكروى الصديق الوفي والعالم الجليل.

* نائب رئيس تحرير(الاتحاد) بغداد