| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى صالح كريم
M_s_kareem@yahoo.com

 

 

 

 

الأحد 18/3/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس



حلبجة في ذاكرة التاريخ


مصطفى صالح كريم *

في صبيحة السادس عشر من آذار عام 1988،شرب صدام حسين كأس النصر حتى الثمالة حين سجل انتصاره على مواطنين آمنين كان قد أمر بإبادتهم،فانقضت طائراته تفترس حلبجة بوحشية،ألوف الأطفال والنساء والشباب والشيوخ أصبحوا في عداد الأموات خلال لحظات.
وفي حينه انبرى عدد كبير من المثقفين العراقيين والعرب لفضح هذه الجريمة النكراء ودانوا نظام صدام حسين الذي ارتكب هذه الجريمة .وأفاق العالم فيما بعد على هول مجزرة الخمس الأخير من القرن العشرين التي ارتكبها رجل ديكتاتور اطلق عليه اعوانه صفات "المجاهد"و"المؤمن"و"القائد الضرورة"بينما كانت يداه ملطختين بدماء الأبرياء،أفاق العالم على مذبحة ستظل حضارة البشر تخجل منها،ويجب ان يخجل منها كل من يدافع عن صدام حسين وكل من كان يتغنى باسمه القذر وكل الذين يحاولون دون حياء ايجاد التبريرات لجرائمه ولا عجب ان نرى طارق عزيز الذي كان خادماً أمينا لذلك النظام اكثر من ثلاثة عقود يدافع في المحكمة عن مخدومه ويصفه بالبطل والأنكى من كل ذلك يأتي المحامي المأفون بديع عارف عزت دون حياء أو خجل ليقول بأن هناك في سوريا من يشهد على ان ايران هو الذي قصف حلبجة.رغم ان هذا الموضوع لا يحتاج الى الإثبات والبراهين،ولكن لمعلومات اولئك الذين يقفون وراء هذا المحامي الحرباء الذي اقحم اسم سوريا،لقد كتبت صحيفة (العراق الديمقراطي)التي كانت تصدر في سوريا في عددها 28 ايلول عام 1988 مقالاً للكاتب العراقي جمعة الحلفي قال فيه (حقاً ما هو حجم الجريمة التي نفذها صدام حسين في كردستان العراق؟كم عدد الأطفال الذين قتلوا بسموم الأسيد والخردل؟)
لقد دان الكاتب العراقي علناً صدام حسين ونظامه،واعلن في تلك اللحظات أيضاً الكاتب العراقي الراحل هادي العلوي براءته من هوية الطيار العراقي الذي قصف تلك المدينة الكردستانية العراقية الآمنة وقال:"أيها الطفل الكردي المحترق بالغاز....هذه براءتي من دمك اقدمها لك معاهداً اياك ألا أشرب نخب الأمجاد الوهمية لجيوش العصر الحجري...وأقبلها مني أيها المغدور فهي براءتي لك من هويتي"
هل هناك شهادة أصدق من شهادة كاتب عربي عراقي يدين فيها النظام الدكتاتوري؟ والآن وبعد مرور تسعة عشر عاماًعلى تلك المذبحة يأتي رجل باع نفسه رخيصاً في سوق النخاسة ليبرئ نظام سيده من تلك الجريمة ...وهل هناك عاقل يصدق ما يقوله هذا الرجل الذي شوه سمعة المحاماة وأساء الى القانون حتى استحق تطبيق القانون عليه
على أي حال فمدينة حلبجة ستبقى في ذاكرة التاريخ،وستبقى وصمة عار في جبين ذلك النظام وجباه كل المشاركين والمؤيدين والمنفذين لتلك الجريمة. ورغم أن المجرم الاول نال جزاءه العادل..ولكن كان من الأفضل بنظري هو تأجيل النطق بالحكم في قضية الدجيل الى ما بعد النطق بالحكم في الأنفال وفي فاجعة حلبجة ليتزامن الحكمان وينفذان في وقت واحد...وكان الشاعر الكردي العراقي الراحل بلند الحيدري قد تنبأ له ذلك حين هزت جريمة حلبجة وجدانه وكتب آنذاك يقول :
" لاشئ سوى الموت وظل الموت
ما من نرجسة تحلم أن تكبر في بستان
ما ترك الاوغاد
الا القتلى ورماد القلى وسواد ودخان

وقال :
" يا أنت القاتل
يا وجه السلطان ببغداد
يا وجه الشيطان ببغداد
لن تسلم ..لن تسلم ...لن
فذراعي صارت مشنقة ووعيدي قسماً
ودماء القتلى امست جلادك في يوم الميعاد
وستلعن امسك كردستان
وستبرأ من رجسك بغداد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نائب رئيس تحريرجريدة (الاتحاد) بغداد