| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الأحد 9/12/ 2012



الوطن ليس شركة ايها السادة

مالوم ابو رغيف

لعل من اهم الواجبات التي يجب ان يضطلع بها النائب البرلماني هي الدفاع عن مصالح الذين انتخبوه واوصلوه الى الكرسي الذي يشغله، لكن النواب لم يفوزوا بالمقاعد البرلمانية استحقاقا، انما حصلوا عليها عطية وهدية من رئيس الحزب الذي وزعها عليهم حسب قوة ولائاتهم له، وهذا ما يفسر تهافت النواب على اظهار ايات الطاعة والتأييد لرؤساء احزباهم وخذلان الشعب والتنصل الواقعي من تمثيله.

ومع هذا، ونحن نتكلم عن المفترض الذي يقول، ان واجب النائب هو الدفاع عن مصالح الناس الذين انتخبوه، قبل الدفاع عن حزبه او كتلته، ولأن مصالح الناس غير متناقضة ولا متناحرة، فهي في غرب العراق مثلها في شرقه، وفي جنوبه مثلها في شماله، كان على النواب ان يقفوا في ميدان واحد للدفاع عن مصالح الناس جميعا، لا ان يختلقوا التناقض والتضارب بين مصالحهم ، وان لا ينقسموا الى معسكرات متخاصمة ومتقاتلة، تحد سيوف الكلام وتشعل نيران الاتهام وتحول العراق بكامله الى ساحة للاحتراب.

بعض النواب يحولون البرلمان من مكان لتشريع وتصديق القوانين اللازمة وفق تدرج الاهم قبل المهم ، ومحاسبة السلطات التنفيذية ان هي خرقت او تجاوزت على الدستور، الى ميدان معركة يحتكمون فيها حسب اوامر قادتهم السياسين وحسب قناعاتهم ومصالحهم الحزبية ويتركون الشعب يعاني الامرين، مرارة الواقع ومرراة الاهمال.

في الاونة الاخيرة، وفي ظل الصراعات والانقسامات الحادة، التي اصبحت من بديهيات العمل السياسي العراقي كلما اقترب موعد الانتخابات، كثرت تصريحات النواب والمسئوولين الحكوميين، وارتفع صوت العراك والتناحر بينهم، وتحولوا من ممثلين للشعب الى جنود يقفون على اهبة الاستعداد لتلبة اوامر قادتهم.

لقد غاب العقل عنهم واهمل القانون، واصبح صوتهم يعلو باشارات تناقض المصالح ويجنحون نحو ما يثير من حدة التضاد بين مكونات الشعب العراقي، انهم يحفرون حفرة عميقة ولا يهمهم خطر وقوع الوطن فيها.

اخطر ما في الامر ان النواب والمسئولين الحكوميين يحاولون ما في وسعهم نقل هذا الصراع السياسي الى مكونات الشعب للاضرار بوحدته تحت ذريعة تناقض مصالحه واهدافه.

فيجري الحديث اليوم عن الشمال الغني والجنوب الفقير، عن التطور الحاصل في كوردستان العراق وعن التاخر والتخلف في باقي المحافظات . لا يعزون ذلك الى نجاح السلطات الكوردستانية في البناء والاعمار وفشل السلطات المركزية في انجاز تعهداتها، ولا يتحدثون عن الفساد الكبير المنتشر والمتفشي في جميع مفاصل السلطة المركزية، اكان في داخل العراق اوتلك النشاطات والفعاليات التابعة للحكومة في خارج العراق. انهم يعزون ذلك، وبدون تردد وبكل بجاحة الوقاحة، وبحس يخلو من اي وطنية ومن اي انسانية، اكان خلال تصريحات تلفزيونية وصحفية اومؤتمرات علنية، بان الاعمار في كوردستان يتم على حساب بقية المحافظات لان نسبة 17% هي اكبر من حصتهم الحقيقية.

ان مثل هذه التصريحات الخائبة، تؤثر تاثيرا سلبيا على التكاتف الوطني وعلى وحدة مكونات الشعب، وتحدث شقا كبيرا بناء الوطن الذي يجب ان يكون كالبناء المرصوص لا كخربة ينق فيها بوم النواب، ان هذه التصريحات لا تختلف عن التثقيف الطائفي، الذي انتشر في فترات الحرب الاهلية، والذي احدث شرخا في جسم الوطن كلفنا الكثير من الضحايا والخسائر والى اليوم نحاول ان نبرء من اثاره.

الوطنية والاخلاص للوطن والحفاظ على وحدته لا تحددها النسب المالية ، فالوطن ليس شركة ولا احتكار راسمالي، انه مشترك عام، خيره يعم الجميع وشره يضر الجميع.

كما ان واجب المسؤول الحكومي والنائب البرلماني الاضطلاع بالمهمة التي على كاهله تقع مهمات تنفيذها، لا الادلاء بتصريحات سياسية مخيفة تهدف الى اثارة الهيجان العاطفي والاحتراب الكلامي والنفخ في كوانين الفتن. ان هذه التصريحات، ان كان لابد منها، يجب ان يدلى بها اعضاء الاحزاب العاديين غير الشاغلين لمناصب حكومية قيادية.

ليس من واجب المسؤول الحكومي ولا العضو البرلماني ان يكونا جزء من معركة بين احزاب سياسية متقاتله، فهما لا يستلمان راتباهما من حزب او من رئيس تكتل او من طائفة دينية، انها والحكومة والبرلمان يستلمون روابتهم ومخصصاتهم من خيرات هذا الوطن. فهم مدينون بالولاء له لا الى اي طرف اخر.

ان على مجلس النواب تشريع قانون يحرم اثارة الفتن وبث التفرقة بين صفوف الشعب ويمنع المؤتمرات الصحفية التي يعقدها اي برلماني يحب الشهرة والصعود على حساب الصفاء الوطني. كما يجب حصر هذه المؤتمرات الصحفية التي تجري تحت قبة البرلمان في شخص رئيس الكتلة فقط التي يود ان يوضح موقف كتلته في شان نوقش داخل البرلمان فقط وليس ما يخص شؤون اخرى.

كما يجب منع تصريحات المسؤولين الحكوميين، وخاصة تلك التي تتعلق بالخلافات السياسية، اذ ان الوظيفة الحكومية لا تتضمن سياسة حزب او سياسية كتلة. ان الوظيفة الحكومية هي خدمة الشعب والوطن بنزاهة واخلاص حسب الدستور والقانون.

ان تصريحات المسؤلين الحكوميين السياسية وكذلك البرلمانيين هي خارج حدود المهمة المناطة بهم، انها تصب الزيت على النار، بينما واجب البرلماني اطفاء النار خوفا من اندلاع حريق ياكل الاخضر واليابس.

ان دمج سياسة الاحزاب بالاجراءات الحكومية هي سمة الدكتاتورية وليس سمة الديمقراطية، اذ ان الديمقراطية مرجعيتها الدستور والقانون وليس رغبات القائد او رغبات اي مقام اخر.







 

 

free web counter