موقع الناس     http://al-nnas.com/

مؤمنونا يُلدغون من نفس الجحر عشرات المرات

 

مالوم ابو رغيف

السبت 8 /4/ 2006

هل حقا ان كل هذا الهيلمان من الجيش والشرطة ورجال الامن والاستخبارات بقضها وقضيضها لا تستطيع القضاء على الارهاب او على الاقل الحد من نشاطه اوتقييد حركته.؟

هل حقا مثل ما يقول السياسيون ان المهمة الرئيسية للحكومة و لجميع الكتل والحركات السياسية هي القضاء على الارهاب وعلى بيئته ودوائر تمويله واسناده.؟

فأما ان يكون ما يقوله السياسيون محض كذب ودجل، وذر للرماد في العيون، فلا الارهاب ولا اوكاره تقع في دوائر اهتمامهم وتحضى بأولية خططهم، او ان جميع المسؤولين والمعنيين ووزراء الامن الوطني والداخلية والدفاع لا يُستأمنون على خمس نعجات فما بالك على شعب كامل!!

او ان الارهاب هو اوسع واكبر بكثير من ان يوصف بزمر وفلول وجماعات تكفيرية. فمن الصعب على عاقل ان يصدق ان كل هذه الجهود والاموال والاحتياطات والعمليات والترتيبات المتخذه ضد الارهاب، وكل هذا الحشد الهائل من المسؤوليين بياقات وربطات عنق ملونة او بزات عسكرية، المتوعدين والمهددين المقسمين باغلظ ايات الايمان واقدسها، بانهم سوف يسحقون انوف الارهاب والارهابيين، ويعفرون جباههم بالتراب، ويرونهم نجوم الظهر وان لم يكفِ الوقت فنجوم العصر، ومع هذا لم نشهد لا تراجعا بالعمليات الارهابية ولا تناقصا باعداد الارهابيين ولا انحسارا لمساحة تحركاتهم!

وعندما تكون دولة في حالة حرب، والجيش بانذار واستنفار، وحالة التاهب والجاهزية في اعلى درجاتها، ثم نفاجئ بان الارهاب يضرب في اي مكان يختاره وفي اي وقت يناسبه، ويختطف موظفين، ورجال امن، و بودي كَارد، ورجال جيش وشرطة، ويفجر المنشآت وانابيب النفط ويعطل المشاريع ويخطف الشاحنات ويستولي على محتوياتها، والادهى ان يختطف، كما يقولون، مدنا بكاملها، فان ذلك يعني ان كل الجاهزيات العسكرية والامنية والمدنية والسياسية والاعلامية ما هي الا خيال مآته او فزاعة لاخافة الغربان وابعادها وليس للقضاء عليها وانهائها.

واذا كانت الولايات المتحدة الامريكية تجري الان مباحثات مع دوائر مقربة من المسلحين( تعبير جديد بدل عن المقاومة او الارهابيين ) فكيف لا تعرف اجهزة الامن والحرس الوطني والاستخبارات والشرطة العراقية هذه الدوائر ولا تعرف ازلامها ومقراتها وتواجدها.؟ اليس الدوائر المقربة للمسلحين هي واجهات سياسية و حاضنات للارهاب.؟

وذا كان سفير الولايات المتحدة في العراق يعتقد بان المليشيات تشكل البنية التحتية للارهاب، فلماذا يستخدم مصطلح مسلحين وليس ارهابيين، او ليس هؤلاء المسلحون هم مليشيات ايضا ام لا.؟ وهل تتعامل الدوائرالامنية العراقية مع هؤلاء المسلحين على انهم مقاومون شرعيون يدافعون عن استقلال البلد وسمعته وبالتالي تغظ الطرف عنهم مثل ما تغظ النظر عن مليشيات جيش المهدي وبقية جيوش الدين.؟

واذا كان المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فلماذا يُلدغ الناس من نفس الجحر عشرات المرات؟

نفس الاسلوب ونفس التكتيك المعاد، شخص ما بحزام ناسف يدخل الى مكان يكتظ بالناس، حسنية او جامع ثم يفجر نفسه. فاذا كانت هذه المزدحمات هي الهدف المفضل للارهابيين فلماذا الاصرار على اغراء الناس بالاجر والثواب وليس باستطاعة الداعين حماية المدعويين او الحرص على سلامتهم.؟

ان ما حدث اليوم من جريمة بشعة في جامع براثا ومن جرائم سبقتها تشير بوضوح الى عجز الاجهزة الامنية وتقصيرها في حماية ارواح الناس. لم تعد بيانات الاستنكار والادانة وتقديم التعازي وعظم الله اجوركم ، تكفي فيجب محاسبة المقصرين واولهم وزراء الدفاع والداخلية والامن الوطني، فقد تكررت اخطائهم وتكرر تقصيرهم، فبعد اي جريمة يسرعون بتشكيل لجان تُنسى بعد حين ولا يتذكرها احد، كما يجب على رئيس الوزراء المنتهي مثل ولايته ان يتحلى بالشجاعة الادبية ويعترف ان قبضته راخية مرتجفه لا تستطيع مسك زمام الامور، وان الكلام الذي يتحفنا به في كل مرة قد فقد بريقه واصبح مملا مكررا حفضناه عن ظهر قلب ونستطيع ان نعرف ما سوف يقول حتى قبل ان يفتح فمه. فليس هو بالرجل المناسب ولا وزارءه الامنيون بالمناسبين لمرحلة على المسؤول فيها ان يعمل اكثر مما يتكلم وان يتحرك اكثر من ان يقعد، وان يحقق اكثر مما يوعد.

كما على الكتل السياسية التي ستشارك بالحكومة القادمة ان تقسم على محاربة جميع اوجه الارهاب اكان دينيا او اجتماعيا او فكريا وان لا تبرره بالمقاومة ضد القوات الاجنبية، او الحفاظ على الشريعة الاسلامية.

الارهاب له وجوه كثيرة وان كان ابشعها قتل الناس لاسباب دينية، مذهبية او طائفية، لكن الارهاب النفسي والتسلط على مقدرات الناس واختياراتهم وتحديد سلوكهم واجبارهم على اشياء لا يؤمنون بها لا يقل بشاعة عن الارهاب الاجرامي.