| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الثلاثاء 8/12/ 2009



حياة العراقيين ليست تجارة ايها السادة!!

مالوم ابو رغيف

لم تكن تفجيرات يوم الثلاثاء مفاجأة لأحد، فلم يكن متوقعا إطلاقا إن الأجهزة الأمنية والحكومة العراقية والفعاليات السياسية الأخرى قادرة على وضع حد للإرهاب، ليس لعجز تقني أو تدريبي أو نقص في استعداد قتالي فقط، بل لأن لا الحكومة ولا الأحزاب ولا الكيانات والكتل السياسية تضع نصب أعينها الحفاظ على حياة العراقيين كهدف أساسي إلا بالقدر الذي يخدمها ويؤمن طريقها للوصول و السيطرة على السلطة، وعلى هذا يتقاتل المتنافسون، أكان في الانتخابات القادمة أو في الجلسات البرلمانية الخائبة أو النشاطات والفعاليات اليومية وليس على صيانة حقوق المواطن والحفاظ على كرامته وحياته وتكريس كل الجهود والإمكانيات لوقف نزيف الدم العراقي المراق دائما.

ليس من إرادة سياسية ولا عمل جماعي موحد وعزيمة وطنية خالصة للقضاء على الإرهاب، إذ لا زالت بعض الكتل والأحزاب والجبهات السياسية تعتبره جزء من المقاومة أو انه تعبير عن عدم الرضا من سياسة الحكومة لا يجد تجسيدا له إلا بإسالة الدماء، كما إن التنافس السياسي والسباق للوصول إلى السلطة ومنذ إن أطلقت إشارة البدء، مؤسسا على مبدأ مصائب قوم عند قوم فوائد، فنغمة الشماتة واضحة في نبرات السياسيين وتصريحاتهم في أي فشل يرافق الحكومة وخاصة في مجال الأمن.

وبدلا من التوحد والألم والمصاب، بدلا عن تكوين جبهة وطنية كبرى لمواجهة تحدي الإرهاب والدول الداعمة له, بدلا من مواجهة تجار الموت ، يسارع السياسيون باستغلال الكارثة للمتاجرة بالدماء العراقية، بأشلاء الضحايا، مثل ما تاجروا بشهداء النظام الصدًامي مثل ما تاجروا بمظلومية الشيعة مثل ما تاجروا بمجزرة حلبجة مثل ما تاجروا بالكورد الفيليين مثل ما تاجروا بالمقابر الجماعية.
بالإضافة إلى تصريحات الاستنكار عديمة المعنى، يغتنم السياسيون الفرصة لإبراز عنترياتهم وقابلياتهم وخبراتهم واستعداداتهم المزعومة و يصبحون خبراء أمنيين و استراتجيين ليس بمقارعة الإرهاب إنما في تحميل المسؤولية كاملة غير منقوصة على الحكومة وعلى أجهزتها الأمنية وينسون الفاعل الحقيقي (الإرهابيين) والدول الداعمة والمستضيفة والمصدرة والممولة لهم، ويتناسون الأحزاب التي تدافع عنهم بصفتهم مقاومين ضد الاحتلال ويغضون الطرف عن الجهات التي تطالب بإطلاق سراحهم كجزء من المصالحة الوطنية.

ولا يختلف موقف الحكومة عن موقف السياسيين فهي الأخرى لا يهمها امن المواطن إلا بالقدر الذي يتعلق بأداء المهنة، بحيز الروتين الإجرائي، مسؤولية إدارية خالية من الإحساس والوجدان الوطني، المهم فيها التسويق الدعائي للشخصيات السياسية الكبيرة. نجاحات لفظية وشعارات انتخابية تُلصق على الجدران وتذاع من خلال الفضائيات ولا تُشاهد مجسدة في الواقع.

ولأنهم ينظرون إلى مهماتهم بعيون تسويقية، بعيون تجارية، يحاول المسئولون الامنييون إعطاء بيانات ملفقة كاذبة عن عدد الضحايا وعن كمية الخراب والدمار وعن وحشية الانفجارات، فالمهم تخفيف الصدمة الأولى، المهم الإعلام والدعاية وليس الناس، المهم تقليل التأثير السيئ على سمعة المسئولين الأمنيين وعلى الجهة التي ينتمون إليها. ولا يهم بعدها شيء أخر، سينسى الأمر مثل ما نسيت ألاف الفواجع والكوارث ويبقى العراقيون يواجهون ألامهم ومصابهم منفردين، فالعراقي يمكن إن يُقتل ويُطرد ويموت جوعا وعطشا وتشردا، لا يهتم به ولا يكترث له احد طالما كان بعيدا عن دائرة الإعلام.

بالأمس القريب افتتح وزير الشباب والرياضة محمد جاسم جعفر مسبحا في المنطقة الخضراء مخصصا لأولاد المسئولين فقط، قُدرت تكاليف ترميمه بمليارين وأربعمائة مليون دينار عراقي، وقد بثت بعض الفضائيات فلماً يصور بعض أولاد المسئولين، وليس بناتهم بالطبع، وهم يسبحون بكل مرح وحيوية في مياه المسبح الخاص الدافئة. خطرت صورة أولاد المسئولين وهم يسبحون متنعمين سعداء وصورة أطفال العراقيين وهم يسبحون بدمائهم، يصرخ أطفال المسئولين المسلمين الزاهدين فرحا ومرحا، ويصرخ أطفال العراقيين ألما وجوعا وحرمانا، يسبح أطفال المسئولين في المياه الأمنة ويغرق المواطنون هم وأطفالهم ونسائهم في دمائهم.






 


 

free web counter