| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الخميس 8/2/ 2007

 

 

عبد الكريم كل القلوب تهواك


مالوم ابو رغيف

صور كثير ملئ الخيال
لكن اكيد بلا محال
جيفارا مات موتة رجال
جزء من قصيدة للشاعر الكبير محمد فؤاد نجم في تخليد الثائر العظيم تشي جيفارا، خطرت على بالي وانا استذكر المأثرة البطولية التي صنعها ابن الشعب البار شهيد الشعب العراقي الخالد على مر الزمان عبد الكريم قاسم.
نعم الرجال العظماء لا يموتون الا ميتة الابطال، الا ميتة الشرف والكرامة، مهما تنوعت الصور، والاحتمالات والمشاهد، سيموتون موتة الرجال الوطنيين الاعزاء. ليس الموت في سبيل الشعب والوطن والحق فقط هو الذي يصنع الشهادة، الشهادة هي تتويج لمسيرة حياة، الذروة التي تختتم بها هذه الحياة الحافلة بروح التضحية والايثار والانصاف والمساواة، هي اللحظة الحاسمة التي يقف بها الانسان امام اختيارين الموت في سبيل الناس والمبدئ الانساني وبين التنكر للناس وللمبادئ والقيم الانسانية النبيلة وتفضيل الانا على الجميع.
عبد الكريم لم يقف ليختار، فالاختيار قد تتخله لحظات ضعف وتردد، ربما حسابات سريعة، قد تمر بالخاطر والوجدان سريعة كالبرق، ان يحيى الانسان ويعيش، وان كان العيش نقيض لما يؤمن به، مخالفا لما عرف عنه وما وضعته الناس فيه من ثقة ووثوق. نعم، الشهيد عبد الكريم قاسم لم يمر بهذه اللحظات، لم تراود خياله، لانه كان واثقا انه سيحيى الى ابد الدهر، ليس كشخص، كانسان، كفرد، بل كقيمة وطنية عليا، كمثل اعلى للفقراء والضعفاء والمظلوميين، كان واثقا بان الشعب الذي صنع الثورة الخالدة معه لن ينساه، الشعب الذي دافع عن الثورة سيمنحه مكانا بارزا في ذاكرته، ولن يهجره ابدا، ولن يهمله ابدا، سيمنحه حياة خالدة اعظم واورع معنى ودلالة، وان الحنين الى ايام الثورة الخالدة سوف لن يكون حكرا على كبار السن، او من عاصروه، بل سيكون هذا الحنين تيارا عارما في قلوب كل الاجيال، عبد الكيرم قاسم هو شعلة الحب والوطنية في نفوس نبلاء الناس ووطنيهم.
الشهيد عبد الكريم قاسم، لم يسعى لمجد شخصي، ولم يسعى لملك ولا لمركز، بقى في بزته العسكرية وفي بيته المؤجر وفي بساطته وتواضعه وابتسامته التي تعطي للفقراء شعورا بالدفئ والطمئنينة والوفاء، بان في اعلى الحكومة، على راسها شخص منهم، يمثل احلامهم وطموحاتهم وامانيهم، لا يعزله حرس شخصي عنهم، ولا يمنعه عنهم حرص على حياة ومحافظة على سلامة كما يفعل اصغر مسؤول في ايامنا العجفاء هذه، لم يحاط بالقاب السماحة والدولة والعظمة والسيادة والفخامة والالقاب القدسية، أسموه الناس زعيما وبقى زعيما للنبل والكرامة والسمو الانساني وعلو القامة وعزة الشهامة، بقى زعيما لابناء الرافدين، فاصبح جزء من تاريخ مشرق، تاريخ ملحمي، تاريخ حافل بالابطال العراقيين، بالرموز العراقية، من عهد حضارة الانسان التي بزغت شمسها في ارض سومر الى يوم كان شعار جمهورية عبد الكريم قاسم ممثلا لها بسنبلتين هم رمز العطاء والسعادة واتحاد الساعد العراقي الاسمر بملح الارض الجنوبية الطاهرة.
سر عظمة الشهيد عبد الكريم قاسم، ليس في تكريسه حياته من اجل العراقيين الطيبين، بل في انه واحد منهم، من صفوفهم، مصنوع من الامهم ومن احلامهم، وبقى وسيبقى امد الدهر محسوبا عليهم ومهما حاول السياسيون والمتحذلقون التصيد في المياه العكرة، ان يخدشوا هذا الارتباط الخالد لن يفلحوا، فمن اصطفاه الشعب لن تخدشه كلمة من متفقه عابر، سوف لن تعلق في ذاكرة الشعب منها ولو حرف واحد مهما كانت الجهود المبذولة، فالحب الذي بعثه الشهيد في نفوس الشعب حب قدسي لا يمكن تدنسيه ولا تشويهه، لانه ببساطة حب عراقي اصيل.
يا لانتقام التاريخ، ويا لروعته، هاهم من عادوا الشهيد عبد الكريم قاسم، يتساقطون في الخزي والعار واحد تلو الاخر، من انتهى منهم، انتهى الى الابد، مسحى من الذاكرة عدا ملاحقة من لعنات السماء ولعنات العراقيين، اخرهم المجرم المقبور صدام حيث ختمت حياته الشاذة الخبيثة في حفرة كاي جبان صعلوك، نهاية مخزية لا يتمناها المرء حتى لعدوه، لكن من طبع الجبناء اختيار الخزي والعار لنهياتهم، ومن بقى من الذين حاربوا الشهيد، اخفوا وجوههم الشمطاء وراء غلالات البهتان والمهانة، لا يطل صعلوك منهم لانه يعرف انه محل ازدراء العراقيين واحتقارهم. يكفي ان يكون مصير حزب البعث الهمجي مصيرا اسود كيوم شباط الاسود كتاريخهم الاسود كاعمالهم السوداء الكالحة، كفاهم عار وشنارا ان يحتقرهم الاغلبية العظمى من العراقيين الاصلاء.
ونحن نستذكر شهادة الخالد عبد الكريم قاسم لا بد من كلام نوجهه الى من يجلس في منصات الحكم، الى الحكومة العراقية، الى الرئيس جلال الطلباني، الى رئيس الوزراء نوري المالكي، الى البرلمان العراقي، الى الاحزاب الوطنية، الى الصحفيين والكتاب، الم يكن الاجدى ان يقف البرلمان دقيقة صمت واحدة حدادا على عبد الكريم قاسم وعلى الارواح الطاهرة التي خرجت للشوارع دفاعا عن ثورة الشعب العراقي ضد غربان الشر والاجرام.؟
الم يكن جديرا برئيس الجمهورية ان يصدر بيانا يستذكر فيه شهادة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم.؟
الم يكن جديرا برئيس الوزراء ان يستذكر عبد الكريم قاسم ويدين انقلاب شباط الاسود ويتخذ من وقفة الشعب العراقي بفقراءه بطبقاته الكادحة بكسبته بطلابه برياضيه بصحفيه وكتابه ومفكريه، ان يتخذه منطلقا للوحدة الوطنية ويشيد بماثرة الشعب الرائعة وبشهادة ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم.؟
لكن حتى لو تجاهلوا ذلك فان:
الزعيم عبد الكريم قاسم، الشهيد، الزعيم، الخالد، ابن الشعب البار، الشمعة التي تشع محبة وتوحدا ووطنية في نفوس الخيريين سيبقى خالدا ما بقى العراق واهله الطيبون.
وصدقت الاغنية التي تقول  :
عبد الكريم كل القلوب تهواك