| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الثلاثاء 8/4/ 2008



كل تسعة نيسان وانتم والعراق بخير

مالوم ابو رغيف

لم نكن نوهم انفسنا بان اسقاط نظام البعث الهمجي سيكون بلا ضحايا ولا قرابين، وان البعثيين والوهابيين سيسلمون للامر الواقع ويعيدون سكاكينهم الى اغمادها بعد ان اوغلوها سنين طويلة في لحم الانسان. لم نوهم انفسنا بأن ثلاثين سنة من حروب الدمار الكارثية المتواصلة لا تترك اثارها المدمرة على ارواح وانفس العراقيين قبل الطبيعة، ومثل ما هي اجسادهم مقطعة مكلمة هي ارواحهم تعاني بالجروح والألام والامراض النفسية التي تستغرق اوقات طويلة حتى يكتمل شفائها. لم نوهم انفسنا بأن السياسيين الجدد سوف يكونون ملائكة وقديسين وارانب برئية نزهية لا تسرق ولا تختلس ولا تكذب ولا تتخذ من اجساد العراقيين دروعا لحمايتها، لم نوهم انفسنا بأن اهل العمائم سوف يكفون عن اتخاذ الدين وسيلة للاثراء واسلوبا لنشر الجهل واللعب على عواطف الناس والمتاجرة بولاءاتهم والضحك على ذقونهم ومحاربة العلم والتقدم، سيحترمون المرأة العراقية ويعطونها حقوقها، فلقد عرفناهم في كل الفترات، فكانوا اول من تترهل خدودهم لنهم، وتنتفخ بطونهم لتخمة، وتضيق عليهم ملابسهم لبدانة، وتنعم اياديهم لكسل وترتفع بيوتهم لثراء حرام بينما تكثر خرائب الناس وتخوى بطون من حولهم. لم نوهم انفسنا بأن البعثيين سوف لا يخفون جلودهم الرقطاء تحت جلابيب وعمائم ولحى ومسابح دينية ويتخذون الوطنية والقومية والحرية ذرائع لعهرهم ولاجرامهم وشذوذهم. لم نوهم انفسنا بأن السعوديين والايرانيين ودول العربان سيسكتون وهم يرون ان الارض قد انهزت تحت اقدام اضرابهم من حثالة الدكتاتوريين الهمج، وان العراق سوف لن يكون بستانا لاحد.

وان مجاميع القاعدة التي تجمعت في مضارب السلف والبعث الاسلامي كما يتجمع الذباب على المزابل كلما زادت نجاسة ونتانة اوساخها، كثرت اسرابها لم نوهم انفسنا بأنها سوف لن تكثر لسعها وغوغائها وتنشر بيوضها الاثمة في كل الاماكن والاصقاع فنتانة البعث ولدت ارضا خصبة لبيوض الارهاب. لم نوهم انفسنا, بأن المرجعيات الدينية سوف لن تحارب بعضها البعض الاخر وسوف لن تتهم واحدتها الاخرى وان ضحايا هذا الاحتراب والتنافس هم الناس الفقراء والمساكين المعوزين. لم نوهم انفسنا بأن كل هذا الخراب هذا الدمار الهائل الذي ولده البعث الفاسد ستزول اثاره بين ليلة وضحاها فلا يوجد من يقل للشيئ كن فيكون ولا احد يملك مصباح علاء الدين.

اسقاط نظام البعث الهمجي وسحق صور واوثان صدام تحت النعل والاحذية وحده كان حلما جميلا راود مخيلة الملايين منا، حلما قد تحقق ويستحق التضحيات الجسام ، فالجرثومة صدام ومكروبات البعث قد استهتروا بكل الاعراف والقيم والمبادئ الانسانية، لقد سحقوا على رقاب الناس واغتصبوا اعراض العراقيات بكل قباحة الزناة ووساخة الساقطين، لقد اهدروا كرامة العراق والعراقيين وهجروا وانفلوا وطمروا وحولوا العراق الى مقبرة جماعية كبرى. لقد وزعوا الاراض العراقية على دول الجوار وبعثروا ثروات العراق يمينا ويسار واصبحنا مديونين للعربان اللئام.

نعم لم نكن واهمين، نعرف ان الطامعين والمحتالين والمتاجرين بالدين و المضاربين بالدماء ومهرجي الشعارات الوطنية والقومية كثر، نعرف ان الحقيقة تستغرق وقتا حتى يبصرها الجميع وان اقنعة الدين والوطنية والجهاد سميكة، لكنها وان كانت كذلك الا انها ستتهرأ و تسقط قناع بعد اخر وسنرى الوجه الحقيقي للسوء.

لم يكن الوهم يوما مكونا من مكونات الذات العراقية الاصيلة، ربما هي من خصائص الطارئين عليه، من خصائصنا الحلم ، نحن لا زلنا نحلم بدولة القانون، بدولة المساواة، بدولة العدالة ، بدولة من اين لك هذا، بدولة لا يتخم فيها السياسي ويجوع فيها العامل، بدولة دينها في محراب المساجد وليس في اروقة البرلمان، بمسؤولين يهتمون بمصلحة الناس قبل اي مصلحة اخرى، بقدسية الحياة قبل اي قدسية اخرى. لا زلنا نحلم بالديمقراطية المقتولة في غرف التوافقات المعتمة، بالحرية الموؤدة في خطب ايام الجمعة الهزيلة، بقدسية الدماء العراقية المسفوكة بدون ثمن على الشوارع والطرقات، بأن يكون العراقي هو الاول هو الافضل هو الاحسن هو الاجدر والمقدم على الجميع.

فهل قطعنا شوطا على هذا الطريق؟

نعم لقد وضعنا اقدامنا على الطريق، الخطوة الاولى فيه هي اسقاط المجرم صدام، وما هذه المعارك التي تدور  الا قتال لابد منه من اجل ابعاد من ليس هو بجدير ببناء صرح العراق الجديد. هي حتمية تاريخة، فالفاسدين يموتون بعفنهم وغير الجديرين سيعثرون في تلابيبهم، والمغفلون سيقعون فريسة لمصائد بلادتهم.

ربما سيسقط ضحايا اخرون،وربما ستسفك دماء عزيزة، فلا شيئ من دون ثمن وثمن الحرية والديمقراطية ودولة الانسان والقانون يستحق كل هذه التضحيات.

وكل تسعة نيسان والعراق وانتم بخير




 


 

Counters