| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الجمعة 7/8/ 2009



التفسخ الوطني

مالوم ابو رغيف

مثل ما جرت العادة، اسدل الستار على جريمة سرقة مصرف الزوية وطويت ملفاتها قبل ان تفتح. فالجرائم في العراق، ومهما كانت بشاعتها وضررها ودمويتها ودمارها، فانها، اما تلقى مسؤولياتها على مجهولين، وهم اما القاعدة او البعثيين، واذا تم القاء القبض على افراد او مجموعة منهم ، فلن يصل الى اسماع المواطنين الا الضجيج الاول وبعدها يدرك شهرزاد الصباح فتسكت الى الابد عن الكلام المباح. بالطبع دائما هناك من يوعد المواطنين بان حالما تنتهي التحقيقات فسوف لن تبخل الدوائر المسؤولة على المواطنين بنشر كافة المعلومات.

ستعلن الاعترافات وتكشف جهات الارتباط وتوضح المخططات والاهداف للرأي العام العراقي. مجرد كلام حسب ما يقول المرحوم رياض احمد في اغنيته.

اما اذا كان هناك اتهام، حتى ولو بشكل تلميح، لجهة سياسية متنفذه خاصة اذا كانت طائفية، فعقب ضجيج الاستنكارات و سيل الادانات وابراز العضلات وبيع العنتريات ينتهي الامر الى تشكيل لجنة تحقيقية تأخذ على عاتقها حل ملابسات الجريمة وتقسم بالحمزة ابو حزامين بانهاء مهامها على السريع العاجل الذي ان حصل، سيكون علامة مميزة من علامات ظهور الغائب المهدي.

ما يلفت النظر، ان الجرائم والاحداث التدميرية توظف لاغراض سياسية، فلا احد يسأل عن القتلى، ولا عن الدم المسفوك، ولا عن الدمار والخراب الذي حل بالبلاد، فالوزير والمسؤول يحاول جل جهده ان يبين ويؤكد ويبرهن ان لا لوجود لاي جهة سياسية ولا لدوافع حزبية ولا لاتجاهات طائفية انما افعال فردية وعصابات اجرامية ، كل حسب انتمائه الطائفي والديني، فالاسلام السياسي الشيعي يرى اخوانه المؤمنين الشيعة حمائم سلام، والاسلام السياسي السني يرى السنة بلابل تغرد باسم الله بكرة وعشية.

فالحراس الثمانية الذي قتلوا غدرا وغيلة في مصرف الزوية، لم يأخذوا من الخبر الا هامشه ومن الحديث الا اقله، وتركز مجمل الكلام على تأكيد غياب اي ارتباط للجريمة مع اي جهة سياسية حتى ان السيد عادل عبد المهدي اصدر بيانا كل ما جاء به هو امتداحا لرجال حمايته ونفيا لاي تهمه تخصهم او تخص الجهات التي وظفتهم مع ان احد كبار المتورطين في هذه الجريمة النكراء هو من فوج حماية السيد عادل عبد المهدي..!!

ان تكرر السرقات والاختلاسات وانتشار الفساد الاداري والرشوة والمحسوبية والمنسوبية بحيث يتم تعيين سفراء من اصحاب العاهات العقلية واخرين (فيترجية) يدل دلالة واضحة على انعدام الروح الوطنية وانعدام المسؤولية عند الاحزاب المتنفذة.

ماذا يعني تكرار عملية السطو المسلح على البنوك وقتل الحراس وسرقة مليارات الدنانير العراقية غير غلبة التفكير بالحصول على الثروات والاموال بشكل غير مشروع.؟

ان زيادة وانتشار الحصول على الثروة بشكل غير مشروع وبشتى الطرق الاجرامية اكان بالنصب والاحتيال او انشاء شركات وهمية او وكالات تجارية في الخارج والداخل تابعة لاقارب المسؤولين او السطو المسلح وعصابات الخطف وطلب الفدية تجد لها نموذجا يقتدى به عند المسؤولين كبارهم وصغارهم.

لقد رأى المواطنون كيف اصبح المسؤولون المتنفذون اصحاب فخامة ومعالي وسيادة وجهامة، وكيف ارتقوا الى مراتب المليونيرات بأشهر معدودة، كيف ملكوا البيوت والقصور والاطيان والضياع في الخارج والداخل، وكيف انتفخت كروشهم وحساباتهم البنكية، كيف اصبحوا اصحاب احزاب وفضائيات وصحف وسفرات، فأراد بعضهم الاقتداء بكبار المسؤولين وتقليدهم، فالجميع يسرق والجميع له ضحايا، وكلا الطرفين المقلدون والمقلدين من اصحاب المسابح الطويلة الذين يلهجون بذكر الله صباح مساء.

وان كان الحديث على اختصاره يتطرق الى ضحايا اصحاب السطو، فان ضحايا المسؤولين لا نراهم ولا نسمع بهم ولا نعرف اسمائهم مثل ضحايا وزير التجارة المحمي من لدن رئيس الوزراء شخصيا، أ فلا يعتبر استيراده للشاي المسرطن وللاغذية التي لا تصلح للاستهلاك الادمي واختلاساته للمال الدولة سطوا ايضا.؟

لقد غاب الشعور الوطني وانتشر بين الناس الميل للحصول على الثروة بأي وسيلة، ان المسؤولين عن الانتشار الفضيع للتفسخ الوطني هم الاحزاب الحاكمة وبطاناتهم وما يسمى بالنواب والنائبات الذين ما ان تسمع نقاشاتهم وتعرف امتيازاتهم حتى تصاب بالخيبة التامة.

ان العراق يتفسخ، تضيع ثروته وتجف مياهه وتقتطع اراضيه وتسرق مصارفه وتنهب و تهرّب ثرواته وتُنسى اناشيده الوطنية وتتبدل ازياءه وتتغير لهجته ويفر فنانوه ويهاجر علماءه وشعراءه وادباءه.

ان المهمة الاساسية لكل الشرفاء العراقيين هو وقف هذا التفسخ الوطني واعادة الروح الوطنية التي تحرص على كل شيئ عراقي.


 


 

free web counter