| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الخميس 6/5/ 2010



ازلام السياسة ورجال الدولة

مالوم ابو رغيف

سياسة التوسل والتذلل التي تتبعها الحكومة والاحزاب العراقية في العلاقات مع الدول العربية والاسلامية على صغر هذه الدول شأناً وتأثيراً وانجازاً تلفت الانتباه وتثير اكثر من علامة تعجب، فلم تبق دويلة لم تتوسل بها الاحزاب والحكومة العراقية اللهم الا الصومال. ورغم ان العراق كبير بتاريخه وبشعبه وبنضالاته ومواقفه وكثرة مبدعيه الا ان الحكومة والاحزاب العراقية ، دينية وغير دينية، لا يهمها ما يشعر به المواطن من مهانة وجرح بالكرامة وهو يرى بلده محل اعتزازه وفخره، يتضاءل ويتقازم على يد هذا النفر الطامع بالثروة والسلطة والمتخصص بالحرمنه واللصوصية.

لكن ما هو السبب الذي يجعل هذه الاحزاب، بما فيها احزاب الحكومة تجنح نحو سياسة التوسل والتملق والتسول (بالي يسوى والي ما يسوى ) حسب ما يقول المثل العراقي؟

ولماذا يتفاخر رؤساء وكوادر الاحزاب المتقدمة على ابناء وطنهم ويتصاغرون ويتقازمون امام ملوك ورؤساء وامراء العربان بل حتى امام مقدمي برامج الفضائيات العربية.؟

ان هذه الاحزاب التي وجدت نفسها على رأس السلطة او ممثلة بالبرلمان بالصدفة وعلى غير توقعات قادتها، هي اقرب الى التجمعات الدينية والعشائرية منها الى التنظيمات السياسية، فما يربط اعضاء الاحزاب الدينية في ما بينهم ليس الاتجاهات والميول السياسية والوطنية انما التعصب المذهبي والعواطف الدينية، ليس لهذه الاحزاب برامج وقواعد للعمل انما وصايا وفروض وطقوس مذهبية، والحزب الديني لا يمتاز بمذهبيته فقط انما باتباعه امام او شيخ دين ، كلمته هي القانون و لو كان من دولة اخرى. وهكذا لا يجد حزب الله اللبناني حرجا عندما يعلن ولاءه المطلق لايران الفقيه، ولا يعتقد السيد نوري المالكي انها مدعاة للخجل عندما يخلع ربطة عنقه في حضرة الخامنئي، ولا يهم الاخوان المسلمون امرا وهم يطبقون فتاوى غرباء بالجهاد الدموي وتربطهم عرى المحبة والتضامن مع العربان بينما تنفصم هذه العرى وتتحول الى تحارب مذهبي اذا تعلق الامر بالعراقيين المختلفين معهم مذهبياً او طائفياً او دينياً.

لقد اصبح من المألوف التمييز بين العشائر حسب تبعيتها للاحزاب الدينية والطائفية فهذه العشيرة تتبع جماعة الحكيم وتلك العشيرة تتبع المالكي واخرى تتبع طارق الهاشمي واخرى تتبع الحزب الاسلامي الاخونجي او التوافق الطائفي.

هذه الروابط والعلاقات الشاذة تتأصل وتنتشر وتكون هي المظهر العام لعراق اليوم، عراق المحاصصة الطائفية واقتسام الغنائم . بينما يضعف ويختفي الشعور الوطني ولا ينظر الى القانون بصفته قانوناً عاماً يطبق على الجميع ، بل ينظر اليه الى انه مكسب لهذه الطائفة وخسارة للطائفة الاخرى.

فعندما يجري الحديث عن تهميش السنة مثلاً، وعندما يصرح الارقط حسن العلوي بان السنة سيهبون الى السلاح اذا جرى تجاوز القائمة العراقية عند تشكيل الحكومة، فان ذلك لا يعني سوى غياب التفكير الوطني عند هؤلاء الفطاحل الطفيلية التي يندر وجودها الا عندنا، وهو نفس التفكير الطائفي الذي يجعل دولة القانون تسارع للتآلف مع المجلس الاعلى الاسلامي رغم كل اختلافاتهم، او عندما يتم قبول التيار الصدري في التحالف الوطني العراقي رغم حقده المعروف على تيار الحكيم، لا من اجل كسب المنافسه السياسية ولا هو باخلاص وطني ولا حرص على الشعب ولا حتى على الطائفة انما انطلاقاً من روحية التحارب والتناحر والشعور الطائفي.

الادهى من كل هذا هو ان تتبرع احزاب بذاتها بالدفاع عن مواقف الدول المجاورة الاجرامية ضد الشعب العراقي رغم الضحايا والخراب والدمار.

ما يهم هذه الاحزاب هو رضا الدول المجاورة وليس رضا الناس، فسوريا بريئة رغم انها مقر فلول البعث وماخور عصاباته وميناء البهائم الانتحارية . والسعودية في عرف الاخونجية لا يوجد احرص منها على مصلحة العراق رغم انها المصّدر الاول في العالم للانتحاريين ومركز اصدار فتاوى الموت والقتل الجهادية، اما ايران ورغم كل الخراب والدمار والموت الذي سببته للعراق وشعبه ليس من حزب شيعي يجرأ على القول لها أفاً.

ان الحزب مهما كبر وعظم شأنه يبقى اصغر بما لا يقارن من الدولة، وهؤلاء الذين نراهم يتقافزون بالفضائيات للادلاء بتصريحاتهم وتعليقاتهم السمجة المملة ليسوا برجال دولة انما رجال تجمعات وتنظيمات دينية وطائفية وبقايا من حثالات البعث، فطارق الهاشمي مثلاً، ورغم مركزه الكبير كنائب لرئيس الجمهورية العراقية لا يجدها مثلبة وهو يمّجد دولة قزمة مثل قطر ويشيد بأميرها المنتفخ مرضاً وكأنه وحيد زمانه.

ورغم ان السعودية قد صفقت الباب مرتين بوجه المالكي ، وهي اهانة للعراق ممثلة بشخص المالكي بوصفه رئيس للوزراء، الا ان عمار الحكيم وشلته وعلاوي وزبانيته يسارعون بجذل وطرب للسفر الى السعودية، وتحني رجالهم قامتها امام الملك السعودي. بل ربما وجدوها فرصة سانحة للتشفي بالسيد نوري المالكي وهذا ما اراده السعوديون عندما استثنوه من دعوتهم لزيارة السعودية.

هؤلاء الساسة يبحثون عن مصلحتهم ومصلحة احزابهم ولا يهمهم تاريخ وسمعة ومصلحة العراق وكرامة العراقيين، لذلك مهما ارتفع منصبهم وضخم وفخم يبقون اصغر من اقرانهم من رؤساء وامراء وملوك العربان لان هؤلاء، على اميتهم وجهلهم ودكتاتوريتهم رجال دولة، بينما فطاحلنا الذين يمسكون بزمام الامر ويتحكمون بالعملية السياسة ليسوا سوى ازلام احزاب.

رجال الدولة مثل الفنانين والشعراء والادباء موهوبون، ربما لا يتكررون، ومثلما هم ادعياء الشعر والفن، وان تعلموا المهنة الا انهم لا يصلون الى الابداع، كذلك ازلام الاحزاب، حتى وان دخلوا دورات تأهيل في فن الادارة والتنظيم لا ينتجون الا الخراب والخربطة والضياع، مثلما اضاع كورباتشوف دولة كبرى مثل الاتحاد السوفيتي.

العراق يحتاج الى رجال دولة وليس الى احزاب وعشائر وقبائل وطوائف. العراق يحتاج الى رجال سياسة وحكم وليس الى رجال دين وشيوخ عشائر، العراق يحتاج الى رجال عزم وعمل وليس الى رجال كلام وثرثرة، الى تنظيم ونظام وليس الى خربطة احزاب العالم الثالث.
 

 

free web counter