| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 6/9/ 2011



الفساد ومنظومة القيم والأخلاق الوطنية

مالوم ابو رغيف

الفساد في التعريف الشعبي هو الانحطاط الأخلاقي والقيمي على مستوى العلاقات الاجتماعية، فالفاسد في المجتمع هو من يشتهر بعلاقات نسائية خارج إطار منظومة المجتمع الأخلاقية، ولم يكن يعني الانحطاط الوطني والإنساني والاجتماعي مثل هذا الذي تسببت به الأحزاب الحاكمة والذي نرى شخوصه رغم فسادهم واستهتارهم بالأعراف والنظم والقوانين، امنين مطمئنين لا يخشون خوفا ولا عقابا. الفساد الإداري والمالي هو ابرز ما جلبته الأحزاب الإسلامية معها حين هي وشركائها تحاصصت الحكومة والسلطة والمال العام، فلها أن يسجل باسمها وباسم قادتها كوصمة عار لن تمحى أبدا، فهم أول من ادخلوه وتباهوا به وكتبوه على يافطات تبرره بقول هذا ما رزقني ربي.

وإذا كان الفاسدون اليوم مصانون ومحصنون بالأنظمة والقوانين ومحميون بالرجال والسلاح والسيارات المدرعة تحيطهم هالة السلطة وهالة الثراء، فلم يكن من قبل يشرف احد أن يقال عنه مرتشي أو غير أمين أو مختلس، فعار الفضيحة لا يحرقه وحده بل يحرق عائلته وعشيرته معه، سيبتعد عنه الأصدقاء والأقارب ويرمى به خارج المجتمع. كما إن السلطة لم تكن لتتساهل مع المرتشيين والمختلسين وحرامية المال العام كما تفعل اليوم، فان ضبط فاسد فأنه سيعاقب بالسجن والغرامة والطرد من الخدمة. اليوم الناس لا تقصد الشرفاء لحل قضاياها وتقديم طلباتها، فالشرفاء خارج مراكز السلطة الهامة، خارج دوائر اتخاذ القرار، اضعفوا وابعدوا أو سلبت صلاحياتهم، الناس تقصد الفاسدين، فهم أصحاب السلطة وأصحاب الحل والربط وكلمتهم هي المسموعة في كافة المرجعيات الحكومية والدينية والدبلوماسية.

لا تنحصر الأضرار التي يسببها الفساد في ضياع المال العام وعدم تنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات الأساسية للمواطن، ولا في احتلال الأشخاص غير المناسبين لوظائف مهمة في الدولة حسب أعراف المحسوبية والمنسوبية والانتماءات الحزبية، فهذه على فداحتها لكنها تبقى صغيرة مقارنة بالضرر الأكبر الذي يسببه الفساد في أسس البنية الوطنية والقيمية للمواطن العراقي، فالفساد هو السبب الرئيس في إضعاف وحتى تغييب الروح التضامنية والشعور الوطني وإضعاف العلاقة بين الناس وبين الوطن.

إن ما نراه من انتشار واحتضان للإرهاب في كافة أنحاء العراق والتدمير المتعمد للبنية التحتية وبيع الوطن بصفقات مالية تعقد بين كبار رجال الحكومة وكبار رؤساء الكتل وبين حكومات دول الجوار والنظر إلى العراق على انه مجرد فرصة عمل للحصول على الأموال والإرباح ثم تهريبها واستثمارها في الدول الأجنبية وكذلك انتشار الفساد في كافة مفاصل الدول من رئاساتها الثلاث إلى اصغر دوائرها وحضوره الواضح الجلي في الفعاليات البرلمانية والقانونية والحقوقية والقضائية والأمنية والعسكرية والإعلامية والدينية والرياضية والأدبية والدراسية والاجتماعية والطبية والإنسانية والأخلاقية، يعني انه، إي الفساد لم يعد عرضا مرضيا بل قد تمكن واستفحل وأصبح وباء لم يصب الدولة أو الحكومة بجراثيمه فقط، بل انتقل إلى منظومة القيم والأخلاق الوطنية.

إن ما نراه من تصدع في الوحدة الوطنية وتفرق المواطنين إلى أشياع وطوائف وعشائر وأفخاذ تكون هي في مركز اهتمامات المواطنين يقرع ناقوسا ينذر بعواقب وخيمة إن لم يتم تدارك الأمر وتقلع هذه الحكومة البائسة التي يقبع رئيس وزرائها على كرسي منصوب على عذابات الناس وآلامهم وصراخهم.











 

 

free web counter