| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأثنين 6/8/ 2007

 

 


خدعونا فقالوا العملية السياسية

مالوم ابو رغيف

على ما يبدو ان الاحزاب في العراق تركت الشعب والوطن وتنصلت من وعودها وعهودها واصبح لها انشغال واحد هو ما يسمى العملية السياسية، فهذه الاحزاب منشقة فيما بينها عليها، فهي ما بين مخرب للعملية السياسية بدعوة اصلاحها وما بين محتكر لها بحجة الحرص، ما بين شامت بالفشل وما بين متبجحا بالنجاح. مع ان الاثنان هم سبب المأساة والكارثة  .

فالشعب مهمل مقتول مسروق مطارد مهجر مطشر،والوطن مقسم يخاف بعضه البعض ويهرب بعضه من البعض. لم نعد نرى من ينادي بكرامة الشعب حتى ولو بشعار كاذب ملفق. وبدل من ان يحيلوا الوطن الى حقل اخضر حولوه الى حقل لزراعة الالغام والعبوات الناسفة، وبدل من تنطلق الحناجر بالاغاني واناشيد الحرية والاعلام الملونة الجميلة، رفعنا رايات الجهاد والاعلام السوداء وقادونا العمائم الى مآتم البكاء والحزن الابدي الذي لا احد يعرف متى يفارقنا او نفارقه. وكأن جل ما كنا نطمح اليه ان نبكي بحرية ونلطم بحرية، ولقد كان لنا ما ارادوه لنا، فلقد انقلبت الحياة بظل حكم الاحزاب الدينية الى مأتم دائم، الى مناحة غير منقطعة، الى حزن قائم، الى كآبة مستمرة وخوف وقلق يتبعه خوف وقلق وهلع من مستقبل قادم.

وليت العملية السياسية التي يقصدونها تصب في مصلحة الشعب ورخاؤه وتقدمه وتحرره، العملية السياسية التي يتخاصمون حولها وكل يدعي احسنها، هي ليست عملية تحويل المجتمع من حالة القهر والعبودية التي عاشها في عهد نظام البعث الهمجي الارعن، الى حالة الحرية والديمقراطية والانطلاق الى عوالم رحبة، جميلة مشرقة كانت هي حلمنا وحلم اجدادنا منذ ان اتى الغزاة الاعراب الى بلادنا ، فحولوها من ارض السواد لخضرتها الى ارض السواد لحزنها ولوعتها ، العملية السياسة التي يتخاصمون حولها ويقسموننا على اساسها ويذبحونا لاجلها، هي عملية توزيع الثروات عليهم وعلى عوائلهم وعلى اقربائهم، هي عملية توزيع مناصب وزيادة رواتب واختراع وزارات وتوزيع مناطق نفوذ وسيطرة وتحكم بالشعب الاعزل المغلوب على امره، هي محاصصة دينية واجتماعية ومالية وجغرافية، مثل ما حاصصوا الاذان في فضائية العراقية، ومثل ما حاصصوا وزراة التربية ووزارة الثقافة ، الاولى لشيعي متحجر لا يعرف شكل الابتسامة والثانية لسني ارهابي قاتل خسيس جبان، مثلها سيحاصصون العراقيين، وكأن اهل ديالى حصة للجيش الاسلامي ولكتائب ثورة العشرين الاسلامية..وبقية الزمر الاسلامية المنتشرة في ارض يزحف فيها الموت والوهابية كما تزحف الغانغرينا في الجسم فيبتر جزء بعد جزء.

العملية السياسية العراقية عند كتائب المعممين سنة وشيعة، تعني غضب الدليمي او عصبية طارق الهاشمي او هذيان الارعن العليان او فرح ورضا جلال الصغير او زعل مقتدى الصدر او تحذلق النرجسي ابراهيم الجعفري ، تعني عودة البعث او من شابهه ،ونشر الحجاب وبناء مدارس تحفيظ القرآن واهمال المدارس العامة، وحظر الافلام وكسر الاقلام ومحاربة الفن والغناء، وسيطرة الكهنوت السني والشيعي.

ماذا يهم الناس ان رضا هؤلاء او غضبوا، ان غادروا او عادوا، الى حيث القت رحلها ام قشعم ان زعلوا او فرحوا ان ماتوا او بقوا. هؤلاء انتهى ارتباطهم بالشعب فلقد تحولت حياتهم الى حياة بمبي جميلة
واصبحوا فصيلة واحنا فصيلة.

فلهم الفلل والقصور والحسابات البنكية وجوازات السفر الدبلوماسية والرواتب الضخمة والامتيازات الكبيرة، والحراسات الخصوصية والسيارت المدرعة وهم ما بين اجازة للراحة والاستجمام او للزيارة العتبات المقدسة او للحج والعمرة او في وفد طالع او وفد جاي، وما للناس الا التباهي بقول طائفي لهذا السياسي وجواب طائفي من ذاك السياسي وتجهم وعبوس في مشهد معين الى الاخذ بالاحضان والقبلات الحارة وتبادل الاحاديث الودية في مشهد اخر، وليس للناس الا الموت خنقا من الحر او شويا بالسيارت المفخخة او الما من انعدام الدواء او عطشا من ازمة المياه.

العملية السياسية في العراق، هي عملية يتم تخطيطها في اوكار التوافق الارهابية ودوائر الاستخبارات السعودية والعربانية او في حجرات التآلف الظلامية وتقلبات ملالي ايران المصلحية، احدهم يريد ان يجعل سيف قريش فوق رؤوس العراقيين كما كان من قبل واخر يود ان يسد نوافذ النور والحرية والتقدم ويجعل من الحجاب الحجر الاساس للرفاه الانساني والنبوغ البشري.

فنجاح العملية السياسية لا يعني سوى نجاح هذه الاحزاب الحاكمة للبقاء على وفاق وتوافق لصوصي الى امد معين ثم سيختلفون مرة اخرى على المناصب والحصص والفرهود... وعلى العملية السياسية.

فيا لها من خدعة كهنوتية ماكرة.