| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الأحد 5/2/ 2012



الحكمة والقانون في قضية المتهم الهاشمي

مالوم ابو رغيف

من الغرائب والعجائب التي يتفرد ويتميز بها العراق دون غيره من البلدان هو إن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بإدارة والإشراف على شبكة كبيرة ومعقدة من الإرهابيين والذباحين وقتلة الخلسة وتفخيخ السيارات وزرع العبوات ، وفي هروبه من وجه العدالة والبحث عن مكان آمن لا يجد بيتا آخر يؤويه ويحميه ويلجأ إليه إلا بيت رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني الموكول به حماية الدستور والسهر على تطبيق القانون. فهل سمع احد بقاتل أو لص أو مغتصب، يهرب ليختبئ في مركز شرطة؟!

قد يجد الآخرون بما يرويه العراقيون من أحداث ووقائع ضربا ونوعا من الخيال والفنتازيا غير القابلة للتصديق، لكن واقع الحال يثبت إن في الواقع العراقي ما يفوق في غرابته مخيلة أي حشاش مسطول.

فنائب الرئيس متهم بالإرهاب و{قتال قتلة} على حد التعبير المصري

وبيت الرئيس يصبح مضيفا لمتهم وفق المادة 4 إرهاب.

والمتهم لا زال يُخاطب بالسيد نائب رئيس الجمهورية

و لا يصدر القضاء قرارا بتعليق عمل هذا المتهم الهارب وإيقافه هو و مكاتبه عن العمل لحين تسليم نفسه واثبات براءته.

وكذلك لا يصدر أمرا واجب التنفيذ بإلزام رئيس الجمهورية تسليم المتهم المتواجد في بيته.

العراق يحكمه الدستور والقانون ولا تحكمه أعراف العشائر، ولا نعتقد إن الطلباني الذي درس القانون وامتهن السياسة ومارس النضال يغلب الأعراف العشائرية على المواد القانونية فيمتنع عن تسليم الهاشمي لأنه ضيف نزل أهلا ووطأ سهلا وحل على الرحب والسعة في مضافة ابو قوباد الطلباني.

قد يجد السياسيون الكبار، ليس سنا إنما تجربة وممارسة، إن الحكمة تقتضي التريث والتأني قبل الإقدام على اتخاذ قرار قد يكون ضارا أو غير نافعا في وأد الفتنة وإطفاء حرائقها المشتعلة، قد يجدون إن الحكمة مقدمة على القانون، قد يقولون إن حتى في الدين الإسلامي قد ورد ما يدل على درء الحدود بالشبهات، كل هذا صحيح لو إن المتهم لم يقسم على الأمانة والإخلاص والحرص على تطبيق العدالة والقانون ثم بعد أغلظ الأيمان يحنث بقسمه باخس الصور قد يتخيلها إنسان، إن يستغل المنصب وامتيازات المنصب لأغراض إجرامية، إن يستغفل ويضحك على ذقون الجميع بما فيهم ذقن رئيس الجمهورية، أن يقتل القتيل ويمشي في جنازته ويبعث ببرقيات الاستنكار ويذرف دموع التماسيح على ضحايا كان قتلهم محل استحسانه ورضاه.

قد تكون الحكمة تتطلب السكوت عن الحق لو لم يكن السكوت هو من أشعل الحرائق واحدث الخراب ومكن اللصوص بسرقة الجمل بما حمل، لو لم تتحول المناصب والوزارات والمكاتب إلى أوكار لادارة العمليات الإرهابية.

الحكمة اليوم لا تتطلب السكوت عن الجرائم ولا إخفاء الحقائق عن الناس إنما تتطلب كشف المستور وإزاحة الغطاء عن ما خفي من الحقائق وعرض الاعترافات من على شاشات التلفزة، لكي يطلع الشعب، الذي دفع ما لا يقدر بثمن من مآسي وألام على جرائم من أأتمنهم وأودع ثقته فيهم وأوكل إليهم تسيير شؤونه.

الحكمة التي اتبعتها القوى السياسية ولحد هذا اليوم في سياسة التوافق وتبويس اللحى والسكوت عن المسئولين عن سفك الدماء البريئة من اجل تسهيل تمشية العملية السياسية، كانت لها تكاليف باهظة ناخ بها ظهر المواطن وانقصم ظهر الوطن، أثمان لم يدفعها من يقال عنهم {حكماء} لا من مالهم ولا من عرضهم ولا من دمائهم، إنما تحمل تكاليفها الباهظة المواطنون ولا زالوا يدفعون .






 

 

free web counter