| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الخميس 5/1/ 2012



المتهم المدلل

مالوم ابو رغيف

كل كلام الكتل السياسية والأحزاب الإسلامية عن الديمقراطية والمساواة إمام القانون ما هو إلا هراء وكذب صريح، فما ينطبق على عامة الناس لا ينطبق على خاصتهم. فالناس مقامات واعتبارات وامتيازات. وللخاصة أن يسرقوا ويختلسوا ويقتلوا ويغتالوا دون إن يخشوا وخامة العواقب وفداحة الجرائر. فهم محصنون اعتبارا وان لم يحصنهم القانون نصا، مصانون بحكم موقعهم وحكم ثرائهم وبموقعهم الطائفي أو الحكومي. والقانون في دولنا تستنبط أحكامه من الإسلام وشريعته، ما وجد إلا ليقتص من الفقير والمعدم والضعيف، أما الكبار فلهم قانونهم الخاص الذي يحكم وفق نظرية التوافق. فهل قرأتم في تاريخ الإسلام عن غني قطعت يده أو ثري زنا فأقيم عليه الحد أو أجرم فحكم عليه بجرمه؟

عدا زعماء القاعدة من الرعاع والزعران، أو أولئك الذين تعرضهم عمليات بغداد على شاشات التلفزة الذين لا يجيدون حتى الكلام، ليس من زعيم مليشياوي ولا قائد إرهابي له قيمة اعتبارية تمت محاكمته بصورة علنية واطلع الناس على حيثيات قضيته وسمع الناس إفادات الشهود ضده أو اطلعوا على نوعية ارتباطاته. سُمح لزعماء الإرهاب بالهروب والإقامة في الدول المجاورة دون إن تبذل الحكومة العراقية جهدا يذكر في استعادتهم أو تطالب الدول المجاورة بإلقاء القبض عليهم وإعادتهم لكي يواجهوا العدالة ويتلقوا عقابهم أو يفندوا التهم الموجهة إليهم. ورغم هروبهم ولجوئهم إلى الدول الأخرى لم تعرض على الشعب جرائمهم ولا خروقاتهم القانونية وبقيت ملفات في طي الكتمان وبضاعة في اسواق المساومات.

إما قضايا الفساد المالي والإداري في مراكز الدولة العليا فقد أصبحت فضيحة على كل لسان، ومع ذلك لم يسق مسئول كبيرا إلى ساحات العدالة رغم فساد صفقات الاستيراد وضياع المليارات إلا واحدا ليخرج براءة مع إن كل الشواهد والوقائع تدينه.

لقد اصبح تهريب النفط أحجية ولغزا، حتى مال الناس إلى التصديق بإن الأشباح والأرواح الشريرة هي التي تهرب النفط بمئات الشاحنات إلى الدول المجاورة و بواسطة سفن تنقله إلى دول الخليج العربي.
فهل يعقل إن صغار اللصوص أو القجقجية واغلبهم من الأميين لهم هذه الإمكانيات الهائلة والخبرة المتراكمة في استخراج وشحن وتهريب وتسويق النفط في الأسواق الخليجية؟

ولماذا هذا التكتم على أسماء المسئولين الكبار عند الإمساك بصغار اللصوص؟ أليس غريبا وأمر يدعو إلى التساؤل إن لا يعترف صغار اللصوص على كبارهم ويعترف رجال حماية الهاشمي عليه.؟

المسألة في غاية البساطة، فمثلما تكتم المالكي على ملفات المتهم الهارب عبد الناصر الجنابي وعلى ملفات المتهم الهارب طارق الهاشمي من قبل يتكتم ألان أيضا على أسماء الكبار الذين يحتكرون مهنة التهريب.

في العراق قد يكون القانون هو الحاكم لكن هذا القانون مثل القرآن الذي قال عنه الإمام علي لا ينطق إنما ينطق به الرجال.

قضية الهاشمي أثبتت إن العراقيين غير متساويين أمام القانون، فأول مرة في التاريخ يكون المتهم مدللا، يحظى بضيافة تضاهي ضيافة فنادق الخمسة نجوم لكن بالمجان، فتكاليف الضيافة ربما ممولة من المنافع الاجتماعية العامة المخصصة لرئاسة الجمهورية. و يخاطب متهم بالإرهاب مطلوب إلقاء القبض عليه للمثول إمام العدالة بلقب فخامة نائب الرئيس، تسعى إليه كبار الصحف وأشهر الفضائيات العربية والأجنبية لإجراء المقابلات الصحفية معه فيمنح الحرية التامة في كيل أنواع التهم ضد كل من يقف ضده ويستهزئ بالقضاء ويحط من كرامة القضاة ويعتبر إجراءاتهم مجرد خزعبلات. ودون أن يقدم أي دليل على براءته ولا على عدم ارتباطه برجال حمايته يعلن إن الحكومة والقضاة والمحققين كاذبون وغير نزيهين انتزعوا الاعترافات من رجال حمايته بالتعذيب والتهديد.

ولأن العراقيين غير متساويين أمام القانون، خصص خمس قضاة للنظر في قضية الهاشمي فاعترض، أعادوا النظر في إجراءات التحقيق فوجدوها سليمة، بمعنى انه لم يجر ابتزاز ولا تعذيب ولا تهديد رجال حماية الهاشمي المعترفين بارتكابهم جرائم إرهابية بتوجيه منه فاعترض هو وكتلته مرة اخرى، عززت هذه الهيئة القضائية العليا بأربع قضاة آخرين، ومع هذا يصر الهاشمي على نقل القضية إلى إقليم كردستان أو إلى خانقين أو كركوك لأن قضاء بغداد غير نزيه. لقد لبس الهاشمي جبة القاضي وجلس على منصة المحكمة واصدر حكما غير قابلا للتمييز بان القضاء العراقي في بغداد غير نزيه إطلاقا وما على الجميع إلا السمع والطاعة.

ولكي تكتمل المهزلة في مسرح اللامعقول يتطوع احد المعممين المدعو حسين الاسدي ليصرح بان رئيس الجمهورية يتستر على الإرهاب.
التستر أيها البرلماني المعمم يعني إخفاء أو إنكار وجود المتهم، الطلباني لم يفعل هذا، بل أعلن إن الهاشمي يحل ضيفا عليه، سكت القضاء ولم يقل كلمته وسكتت السلطة التنفيذية ولم تخاطب رئيس الجمهورية بضرورة تسهيل إلقاء القبض عليه، مما يعني إن الأمور لها كواليسها وغرفها السرية التي تدار فيها.

إن عدم إلقاء القبض على الهاشمي يعكس عجز الحكومة في تنفيذ الأمر القضائي وهذا العجز يجعلها غير مؤهلة للحكم. القضاء اصدر أمره وانهي إجراءاته إما حكومة المالكي فتقف عاجزة محبطة مثبطة لا تجد مخرجا لورطتها.فان كانت تعجز عن إلقاء القبض على متهم بالإرهاب فكيف لها إن تقبض على الرئيس نفسه الذي لم يفعل شيئا سوى استضافة علنية لمتهم هارب؟

ودللوه دللوه






 

 

free web counter