| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الجمعة 4/2/ 2011



حول تخفيض راتب السيد نوري المالكي

مالوم ابو رغيف

أصدر السيد نوري المالكي توجيها لمكتبه بتخفيض خمسين بالمائة من راتبه الشهري الذي لا احد يعرف مقداره ورده لخزينة الدولة. وقد علل السيد المالكي دوافعه كالتالي:

"(1) مساهمته بتقليل التفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة، (2) وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع، (3) وبالتزامن مع مناقشة مجلس النواب للموازنة المالية الاتحادية للدولة"

لا نعتقد إن السيد المالكي يجهل بان تخفيض رواتب المسئولين يجب إن لا يبدو وكأنه مبادرة شخصية أو مكرمة رئاسية أو جميل يتفضل به على الشعب. انه مطلب شعب وحاجة قانونية. فالرواتب الهائلة التي يستولي عليها مسئولي الدولة الكبار ومنهم السيد المالكي لم تستند على قانون ولا على سلم رواتب. انه استحواذ غير قانوني وغير إنساني. فمن غير المعقول في بلد يبدو كصورة موحشة لخرائب وأنقاض وبقايا نفايات وحياة بدائية لناس كأنهم لا يعيشون بالقرن الواحد والعشرين يقتات بعضهم على ما يقذف بالمزابل وبعضهم يهجرونه لبلدان نائية طلبا للرزق وبحثا عن العمل كأنهم بدو يبحثون عن الكلأ والمرعى ، بينما يتقاضى المسئولون فيه رواتب الملوك والأباطرة. انه استخفاف واستغفال وتجاهل بالشعب ندر مثيله.

كما لا نعتقد إن السيد المالكي يجهل إن راتبه الذي يستحوذ عليه، حتى لو اخفضه إلى النصف، سيبقى هو الراتب الأعلى والأكبر مقارنة برواتب أقرانه رؤساء الوزراء في المنطقة أو ربما في العالم ، هذا دون ذكر المنافع الاجتماعية التي تقدر بالملايين سنويا.

المالكي لوحده وفي نصف سنة يستحوذ على ما لا يقارن وعلى ما لا يقاس من رواتب وأموال وامتيازات ما يحصل عليه موظف منذ يوم تعيينه إلى يوم تقاعده و موته.

أي إن ستة أشهر من ما يحصل عليه المالكي هو أكثر ما يحصل عليه الموظف في عمره كله.. قد يبدو الأمر مثل الخيال لكنها الحقيقة.

سيء الذكر والسمعة محمود المشهداني رئيس مجلس النواب السابق سُئل يوما عن ضخامة راتبه التقاعدي البالغ 36 ألف دولار، من غير رواتب الحماية والخدمات المقدمة له مجانا بالطبع، فأجاب بأنه يوزع نصفه على الثكالى والأرامل، وتجاهل بأن السؤال ليس عن ماذا يفعل براتبه الضخم ، بل بأي وجه حق يستحوذ على مثل هذا الراتب.

المالكي هنا لا يختلف عن سيء الذكر المشهداني فكلاهما استغلا الأمر لأغراض دعائية وتجاهلا مطالبات الشعب بضرورة سن قانون لرواتب المسئولين الكبار يستند على الدرجات الوظيفية وليس على قوانين استثنائية تنظر إلى المنصب كأنه هبة ربانية وليس خدمة وظيفية ، قانونا يراعى فيه مديونيات البلد وخطط التنمية ومتوسط الرواتب والأجور لموظفي الدولة ومردودات الإنتاج الوطني الاقتصادية وشكل ومستوى المعيشة لطبقات الشعب الاجتماعية.

كما لا توجد أي صلة تربط بين مناقشة الموازنة العامة وإقرارها وبين تخفيض راتب المالكي.

الميزانية التشغيلية تبلغ ما يقارب 80% ، منها 21% لرئاسات الثلاث، فهل ستقر الموازنة بإضافة فقرة تقول بان المالكي خفض راتبه الى النصف؟

لو أبقى السيد المالكي على توجيهه دون ذكر الأسباب والمبررات لكان أفضل له، فلقد بدت الدوافع مضحكة وساذجة تُشعر المواطن بالفوارق الكبيرة بين المسئولين وبينه على مستويات التفكير والسلوك والمعيشة ، فالمسئولون يعيشون بعالم آخر غير العالم الذي يعيش فيه العراقيون، فهم ، أي المسئولين لا يختلفون في حلهم للمشاكل عن حل الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر التي قالت: إذا لم يكن هناك خبزا للفقراء دعهم يأكلون الكعك.

هل نسي السيد المالكي وبهذا السرعة، شكل وطبيعة حياة العمال والموظفين العراقيين الذين لا تكفي رواتبهم لدفع بدلات ايجار بيوتهم، ناهيك عن تكاليف الحياة اليومية، فلقد كان هو نفسه موظفا منهم، فلماذا لم يصدر قانونا بزيادة رواتب العمال والموظفين الصغار؟

فلو استغفلنا أنفسنا ونظرنا لتوجيه السيد المالكي بتخفيض راتبه بحسن نية وسلامة طوية وليس لإغراض دعائية فهل يغير من الأمر شيئا؟

ما الذي سيحصل عليه المواطن؟

فلو اخفض المالكي راتبه نسبة 75% وليس إلى النصف سوف لن تختلف حياته المخملية ولا تقل ثروته المليونية، كذلك سوف لن تتغير حياة العراقيين سيبقون في فقرهم ومرضهم وبؤسهم وحسرتهم، أرضهم تنتج ثروات هائلة يذهب أكثر من 21% منها إلى جيوب بعض الطفيليين ولا ينال منها الشعب إلا على ما يسد به رمقه.

http://sotaliraq.com/iraq-news.php?id=15545
 


 

free web counter