موقع الناس     http://al-nnas.com/

الجعفري.. طموح أناني بأسم الشعب

 

مالوم ابو رغيف

الثلاثاء 4 /4/ 2006

ليست هي المرة الاولى التي يعيد فيها السيد ابراهيم الجعفري القول، بان الشعب قد اختاره ليكون رئيسا للوزراء، فلقد اعتاد على ترديد هذا الادعاء كجواب لا يملك غيره كلما سُئل و تبريرا للتشبث بكرسي الرئاسة دون اي كرسي اخر.

الجعفري ليس هو الوحيد الذي ينفرد بمثل هذه التبريرات التي لا تملك دلالة ولا تستند على منطق، كثيرون من هم على شاكلة السيد الجعفري، فمن متحدث باسم الله الى متحدث باسم الدين والطائفة و الامة والاسلام. ان الناس مدعويين الى اعادة النظر بكل تصريحات شخصيات الاسلام السياسي، فلقد اُثبت بما لا يقبل الشك، بان المنصب والثروة والسلطة هو كل ما يفكر فيه هؤلاء، وتجربة السيد الجعفري الماضية في الحكم اكثر من كافية لاثارة الشك بتصريحات رجال الدين السياسية.

و اذا كان الاخرون يطمحون للوصول الى كرسي ما، فان الجعفري يتربع الان عليه ويجد ان من الصعوبة بمكان مفارقته او السماح لغيره باحتلاله، خاصة وان الجلوس على هذا الكرسي لا يتطلب جهدا ولا مشقة، كل ما يحتاجه بعض الجمل العامة، والظهور بين الحين والاخر انيقا، متهندما في مؤتمرات صحفية هزيلة، اوالسفر للخارج بدعوة او من دون دعوة.

في الدول النائمة او النامية كلما ارتفع المنصب كلما قلت المسؤولية وكلما زادت الامتيازات والمخصصات كلما قل الجهد والتعب المبذول..افليس له حق بالتشبث بالكرسي والرجل قد اشرف على الستين ويحتاج الى راحة واستجمام في المنطقة الخضراء ولا يقوى على المجابهه والمواجهه سوى بقراءة مزيد من الايات القرآنية والتعوذ من الشيطان ؟

لكن هل الشعب قد اختار السيد الجعفري.؟ بل هل الشعب قد اختار اي من المتنفذين الذين يرفلون بالسعادة والصحة و ويتنعمون بكافة متع الحياة، بينما الشعب الذين يدعون انه اختارهم لا يملك سوى الدعوات الى الله لينقذه من الحالة المزرية بعد ان تعب ومل من الاستنجاد بمن يدعون انهم يمثلونه؟
اي برلماني بالعالم لا يمكن له الادعاء بانه يمثل الشعب، ولا نصف الشعب ولا ربع الشعب، فهو يمثل عددا محدود من الاصوات التي اختارته فقط. ومجموع البرلمانيين المنتخبين يمثلون الجزء الغالب من الشعب الذي يحق له الانتخاب. ولو فرضنا ان الجعفري قد خاض الانتخابات بكيان سياسي مستقل، فهل يتصور بانه سيكتسح الانتخابات لصالحه ام يحصل على مقعد تعويضي واحد ان ساعده الحظ بالطبع .؟
لقد خاض عدد غير قليل من السياسيين هذه التجربة، معللين النفس بالحصول على مقعد مريح داخل قبة البرلمان دون الاعتماد على مباركة من حزب او من شخصية اجتماعية او دينية مؤثرة لكنهم لم يتوفقوا، لاسباب كثيرة اهمها ان الانتخابات أريد لها ان تكون بمثابة تعداد سكاني للطوائف والقوميات وليس تنافس سياسي يحتكم فيه الناس على ضوء البرامج والاهداف وتاريخ الاحزاب ونزاهة الشخصيات وجدارتها على قيادة البلد. وما مجلس الامن الوطني والمجالس التي ستنبثق عنه سوى صورة مصغرة لمعادلة الحكم وفق التعداد السكاني الطائفي والقومي، اي ان السياسي المنتخب لا يحق له حكم من لم يدخلوا في تعداده ولا يقرر عنهم او يرسم لهم الخطط، ان لا يشملهم بعطفه ولا نقمته.

ومن هنا تغدوا المسيرات التي يحشد لها السيد الجعفري كلما تزايد الضغط عليه لسحب ترشيحه، تغدوا مثيرة للضحك، لاننا نعرف سلفا انها ليست مسيرات عفوية بل مُعدا لها، وانها ليست بالمليونية، الامر الذي يؤكد فشل الجعفري ان خاض الانتخابات منفردا، وانها مناطقية وجميعها تقام حيث يتواجد جيش المهدي.
وعلى اية حال وان كان السيد الجعفري ليس دكتاتوريا، لكن اسلوب المسيرات ورفع الشعارات وتحشيد الحشود هي من الاساليب المفضلة للحكام الشموليين.

السيد الجعفري باصراره على ابقاء ترشيحه لا يسبب مشكلة لبقية الاحزاب السياسية، فهي تملك الحق بان ترفضه داخل البرلمان ولن يحصل على الثلثين من الاصوات الضرورية للمنصب، السيد الجعفري يسبب مشكلة للائتلاف الشيعي صاحب الفضل الاول عليه في تنصيبه كرئيس وزراء في الفترة السابقة، فالجعفري لا يهدد الباقيين، انما يهدد المؤتلفين، ولا يخوض صراعا مع بقية التكتلات، فهو اضعف من ذلك بكثير، انما يقود صراعا ضد تكتله الشيعي، معتمدا على جماعة الصدر التي عاجلا ام اجلا ستذوي وتضمحل تدريجيا ..
عندها سيجد الجعفري نفسه ليس خارج الوزارة فقط بل خارج البرلمان ايضا. فاغلب الشعب اقرب الى اليقين منه الى الشك بان ما يسعى اليه الجعفري هو ورهطه، في محصلته العامة ليس سوى الاستماتة من اجل الفوز بالسلطة والحصول على الامتيازات والبهرجة، تصرفات وسلوك يتناقضان مع ادعاءات الاسلاميين السياسيين المستمرة، بأن همهم الاول والاخير هوخدمة الناس والتضحية في سبيلهم والحرص على المصلحة العامة والقبول بحكم الاغلبية والرضوخ لها.