| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

السبت 3/4/ 2010



اليسار العراقي والغبار الحسيني المقدس

مالوم ابو رغيف

رغم كل ما أُثير حول انتخابات 2010 في العراق من طعونات واتهامات بعدم النزاهة والتزوير والخروقات الفاضحة،ورغم إن هذه الاتهامات والطعونات أتت وشملت جميع الأحزاب والكتل ، بما فيها حزب الحكومة، حزب المالكي، إلا إن بعض الكتاب، تجاهلوا كل هذه الحقائق وجعلوا من أقلامهم رماحا ليوجهونها إلى قلب اليسار العراقي فتناولوه باللوم والتقريع وصبوا جام غضبهم على الحزب الشيوعي العراقي بصفته ابرز ممثل للحركة اليسارية العراقية متخذين من عدم فوز الحزب أو اليسار بأي مقعد في البرلمان العراقي مثلبة ومنفذا للهجوم غير المبرر متناسين إن كل هذه الهيلمان الديني مستعد للمصالحة والاتحاد مع إبليس في جبهة واحدة لمحاربة اليسار.

الغريب إن هؤلاء الكتاب، وهم كثر، يصابون بالعمى والهبل والحمق المركب إذا تعلق الأمر باليسار، فيكتبون وكأن الانتخابات العراقية تجري في بيئة مثلى، في بيئة ثقافية وعلمية رائعة وليس في بيئة جنون وحمق ديني لا يخفى على من له قليل من العقل فكيف خفي على هؤلاء الكتاب الذين يتصورون إنهم عباقرة وفلتات زمانهم، إذا لم تكن نيتهم التربص والتصيد بالماء العكر؟!!

قبل إن يكون اليسار حركة سياسية فانه ثقافة إنسانية وعلمية رائعة، لا يمكن إن يزدهر في بيئة التخلف والانحطاط الديني والثقافي. فكيف لنا إن نتصور إن كل هذه المئات من الآلاف المتهاوية تعبا، المكسوة غبارا، المنتفخة إقداما، الممزقة ملابسا، الخادشة خدودا، الشاقة صدورا وكأنها سائرة إلى حتفها تخط الشوارع في أذيال ثيابها وتحفر الأحجار اخاديدا في بواطن أقدامها، ان تنتخب اليسار؟

هذه المئات المؤلفة التي تعتقد إن كل ما كثر العذاب كبر الأجر وزاد الثواب، تفكير وفعل ماسوخي فاضح يستره الدين ويمنحه القدسية ومن يقول بالعلاج فانه يطرد من الملة ويلعن من الطائفة ويخرج من الدين، هل يمكن تصور إن تسود الثقافة اليسارية النبيلة في مثل هذه البيئة.؟

قال لي صديقي، بان في هذه السنة الغريبة العجيبة المتناقضة، فبين الانتخابات والخرافات مثل ما بين السماء والأرض من بعد ومن فرق، كان في كل كيلومتر من المشي الحسيني محطات للاستراحة الزائرين، محطات للأكل حد التخمة ولشرب الماء والعصير والشاي حد انفجار المثانة. لكن الذي آثار استغرابه واستحوذ على انتباهه هو رؤية الكثير من الطشوتة ( جمع طشت، في السابق وقبل إن تصل الغسالة الغربية الكافرة كانت النساء تغسل فيها الملابس) وانه رأى أكوام من الجوارب يتولى غسلها رجال ونساء. قال لي إن دهشته أوسعت حدقتا عينيه إلى درجة التمزق عندما شاهد القناني والقوارير تصطف وتملأ من غسالة الجوارب، وعندما سئل قالوا له إن ماء غسل جوارب زوار الحسين هو دواء لعلاج الإمراض وتطهير البدن من رجس الشياطين.!!!!

لم اصدق كلامه واتهمته بالتجني على الناس والمبالغة الفضة التي لا يصدقها إنسان، وقرعته لأنه يعتقد إني اصدق مثل هذه التفاهات.

لكن اتصلت به معتذرا منتقدا نفسي عندما قرأت في موقع براثا وموقع نون ومواقع دينية أخرى خبر لا يقل غرابة ولا سخافة ولا غباء عن خبر ماء غسل الجوارب. الخبر يقول إن شعبة المفقودات وإعانة الزائرين تكفلت بجمع الغبار الموجود في الحرم الحسيني وتقديمه إلى الزائرين في أكياس على النحو اللائق والمرموق بعد تصفيته (تصفية الغبار من أي شيئ !؟ فالغبار هو الضار وهو الذي يجب إن تصفى الأجواء منه) ثم تعبئته بأكياس بواسطة مكينة إيرانية الصنع وتوزيعه على الزائرين من الساعة الواحدة إلى الساعة الخامسة منعا لتزاحم الزائرين وليحصل كل زائر على حصته من الغبار المقدس حسب ما يقول مجاهد مهدي رئيس قسم الهدايا والنذور.

فهل في مثل هذه البيئة يمكن أن يفوز اليسار.؟

هل في مثل هذه البيئة يلام اليسار والحزب الشيوعي العراقي ويؤخذ عليه عدم إحراز مقاعد برلمانية.؟

هل في مثل هذه البيئة التي يستخدم ماء غسل جوارب وغبار أرجل الزوار للتداوي والتبرك تنتعش الثقافة الانتخابية والأفكار الإنسانية والميول النبيلة التي تحترم الإنسان لإنسانيته لا لدينه ولا لونه ولا لجنسه.؟

إن أهم ما يواجه العراقيين بشكل عام وليس اليساريين فقط هو نشر الثقافة وإنقاذ الناس من هذه الأفكار التي تتخذ من الجهل والغفلة والدين مناخات للسيطرة على الناس.

اليسار ثقافة والدين تخلف، وكل عمامة تلف وكل مدرسة دينية تبنى وكل كتاب ديني يؤلف وكل حزب ديني ينجح هو مشروع للتخلف والتدهور الحضاري.

وكلما انحسر الدين زادت الثقافة اليسارية وكلما زاد التخلف انتشر الدين وانحسر اليسار، فلينظر هؤلاء الكتاب الفطاحل إلى البيئة ليس العراقية وحدها، بل العربية بشكل عام ليروا كيف أصبح الإرهاب والانتحار الاستشهادي هو السبيل إلى نيل حياة ممتعة رائعة في الآخرة؟






 

 

free web counter