| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأربعاء 3/11/ 2010



دولة الإرهاب الخفية

مالوم ابو رغيف

لا اعتقد إن احداً إلا ويقر بمقدرة ودقة الإرهابيين في تنفيذ جرائمهم وتفخيخ سياراتهم وعبواتهم وتنوع أساليبهم شكلا وأمكنة وتوقيتا، ولا احد يستطيع إلا الإقرار بترهل وخيبة الحكومة والقوات المسئولة عن مكافحة الإرهاب والإرهابيين وعن حماية حياة الناس وثروات البلد.

إن الدقة والمهارة في تنفيذ هذه المذابح والجرائم تثبت إن المسئولين عن تنفيذ هذه الجرائم المنكرة ليسوا بهواة أو مغامرين، إنما محترفين تدربوا حتى أتقنوا ومارسوا حتى امتهنوا فأصبحوا أساتذة في صناعة الموت، وليس من أساتذة موت يضاهون أو يتفوقون على مجرمي البعث وعلى ضباطه ورجال أمنه واستخباراته ومخابراته، يكفي الرجوع بالذاكرة إلى جريمة حلبجة ورؤية جثث آلاف الضحايا منتشرة في الدروب والشوارع والحفر وعلى عتبات الأبواب قضت بالغازات الكيماوية أو تذكر المقابر الجماعية وكيف إن عوائلا بكاملها أمهات و إباء و أطفال مع لعبهم وتمائمهم نثرتهم مئات سيارات ألبيك أب كما تنثر الحصى في حفر معدة سلفا ثم أُهيل عليهم التراب وهم يحضنون بعضهم البعض.

هذه البشاعة التي ارتكبها الإرهابيون أكان في كنيسة النجاة أو في التفجيرات تدل بوضوح وجلاء لا يقبل الشك إن العسكر ألبعثي المدرب جيدا هو العقل المدبر لكل هذه الجرائم.

الحقيقة الثانية التي تثبتها توالي التفجيرات واستمرارها وعدم انقطاعها رغم كل الجهود المبذولة لوضع نهاية لها أو للحد منها أو لتقليل ضررها، هي إن للإرهاب دولة داخل العراق، حقيقة مرة لابد من الإقرار بها، دولة لها إعلامها الصحفي والفضائي والإذاعي، لها عسكرها ومخابراتها وسجونها وتمويلها، لها ارتباطاتها وممثلوها في الدول العربية والإسلامية ، وحتى لها من يمثلها داخل الحكومة العراقية نفسها. هذه الدولة الخفية التي تنشر الرعب والخوف وتزرع الموت في كل أنحاء العراق ما كانت لتكون لولا فساد ذمة وضمير الحكام الجدد، لولا لصوصيتهم وحرمنتهم وتزويرهم وكذبهم وريائهم وتدينهم الزائف ونفاقهم، لولا هزالهم الفكري وانعدام كفاءتهم واحتلالهم لمناصب ومراكز لا يفهمون ألفها من ياءها. الفساد في العراق لم ينتج الفقر والانحطاط الأخلاقي فحسب بل أعطى للبعث فرصة أخرى للعودة بشكل طائفي حاقد وإسلامي عقائدي متطرف وإرهاب تعتاش عاليه حثالات المجتمعات.

القضاء على العدو لا يكفي شتمه ولا التقليل من شأنه ومن إمكانية إجرامه والزعم إن هذا القائد الضرورة قلل أو نجح في تحجيمه، ولا الكلام والثرثرة والتحليلات الفارغة المتذاكية بعد الحدث، ولا تشكيل اللجان الحكومية الخائبة الهادفة إلى امتصاص الغضب والحنق الشعبي، كي نستطيع القضاء على العدو يجب دراسته ومعرفة نقاط قوته لإضعافها، معرفة الأجواء التي ينتعش من خلالها والتربة التي يزرع فيها طحالب حقده وغله وخبثه، معرفة منطلقات سهامه التحريضية التي تجد في الطائفية وفي الفضائيات الدينية والمنابر العلنية المذاعة على الهواء التي تنبش في أحقاد وفتن الماضي مرتكزات للتسميم وبث روح الفرقة بين الناس.

كما لا يمكن القضاء على الإرهاب بالمساومات أو بالمجاملات التي أصبحت سياسية محببة للاحتفاظ بالمناصب والفوز بالانتخابات على حساب أرواح الناس كما حدث في حالات عديدة.

رغم إجرام البعث، ماضيا وحاضرا إلا إن ما نراه، لدى الكثير من الإعلاميين أو الفضائيات وخاصة تلك التي ترتبط بالدول العربية، مصر وسوريا والأردن ودول الخليج على سبيل المثال، انه قد أصبح من إرجاع البعث والدفاع عنه مهمة نبيلة وغاية وطنية تتصدر أجندات مؤتمرات الجامعة العربية وتخصص لها برامج بشكل مباشر أو غير مباشر.

فرق تسد أو كما يقال في الانجليزية divide and rule إسلوب قديم للحكم، اليوم هو أفضل الأساليب المحببة للإرهاب وفضائياته وإعلامه ونشاطاته، لا يكاد مقال أو برنامج أو خطاب أو فتوى أو رأي ديني مختص بالعراق إلا وكان مرتكزا على هذا المبدأ. وللأسف فان الأحزاب والتيارات والفعاليات الدينية العراقية توفر لهذا المبدأ الفتاك الأرض الخصبة فتنتشر طحالبه الضارة في كل مكان حتى يصبح من الصعب القضاء عليها إلا بجهد جهيد وبمزيد من التضحيات بالأنفس والثروات.

 
 

 

free web counter