نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأحد 3 /9/ 2006

 

 

في كردستان ليس لعلم البعث مكان

 

مالوم ابو رغيف

قرار السيد مسعود البرزاني الشجاع بأنزال العلم البعثي في كردستان العراق، اثار زوبعة من الانتقادات وردات الفعل الهوجاء وتصريحات واتهامات غير مسؤولة تحمل في طياتها عداءا وتحاملا على الشعب الكوردي وعلى قادته وتبخسه حقه في اتخاذ القرارات الملائمة لتطلعاته وتحقيق طموحاته والتخلص الى الابد من اي رمز يثير الالم والمرارة في النفس الكوردية التي عانت الكثير والكثير تحت علم البعث المشوه.

لم يعد الامر مجرد مناقشة لا معنى لها وجدال عقيم لا يثمر سوى في اضاعة الوقت والجهود في امر مفروغ منه ينص عليه الدستور وتتطلع اليه غالب مكونات الشعب العراقي، فقد كسر السيد مسعود البرزاني سلسلة الانتظارات الطويلة التي تربط اعناق المشاريع والقرارات برباط من التردد والكسل والخوف من المواجهة والروح الانتهازية التي يتحلى بها المتنفذون الجدد. ولم يعد مجرد مزايدات ونفاق بالوطنيات الفارغة والاخلاص الخالي من مضامينه، فالوطنية تعني العمل الخلاق من اجل الناس والحرص على حرياتهم وسعادتهم وحمايتهم من الارهاب والمتطرفين والاسلاميين المتشددين والاخلاص للوطن يعني تطيهره من رموز الشر والعدوان التي اقترفت باسمها وتحت ظلها مجازر وجرائم ابادة مفزعة مرعبة غاية في البشاعة واللؤم . لقد اصبح امرا واقعا وحقيقة مفروغ منها في كردستان ليس لعلم البعث مكان.

اما هؤلاء السياسيون الذين يتحدثون عن السيادة والقوانين والدستور وتطبيقاته فليلتفتوا الى ما يحصل تحت سمعهم وبصرهم من ارهاب وتخريب وتهريب وقتل وذبح وتفجير واختطاف واغتصاب. ليطبقوا قانون الارهاب الذي امضوا ايام وايام في مناقشته ثم شرعوه وصوتوا عليه ليلقوه في سلة المهملات. هؤلاء السياسيون الخائبون الذين يتهمون الكورد بنية الانفصال، ليمعنوا النظر جليا ليروا اي جزء من العراق لا يمكن العيش فيه ولا المرور في طرقاته،ولا عبره، ليذهبوا اليه ليروا شعارات البعث وصور الرقيع صدام لا زالت تعلق في حجر البيوت واسماء الاحياء تحمل مجازر البعث ومخازية مثل حي ام المعارك والبكر و7 نيسان.

هؤلاء الذين يقولون بأحترام القانون والدستور ليطبقوا القانون بحق المجرمين والذباحين والسراق واللصوص والمهربين، انهم تجسيد للفشل والخيبة التامة.

الغريب ان تتطابق وجهات النظر البعثية والارهابية مع من يدعي الوطنية والدستورية، فهيئة علماء المسلمين تعترض والصدريون يعترضون وظافر العاني البعثي يعترض وسامي العسكري وحسين الفلوجي يعترض واياد جمال الدين يعترض ومجلس الوزراء يصدر امرا سريعا جدا لم نعهده من قبل ليقول ان علم البعث هو العلم العراقي الوحيد الى ان يتم تغييره بقانون. وعلى ما يبدو ان علم البعث في الارض غير الكوردستانية سيبقى مرفوعا حتى يسهل الله الفرج لخروج المهدي ليخلصنا من علم البعث ومن هؤلاء المزيفين.

ان تطابقت وجهات النظر بين ممثلي النظام القديم ووممثلي النظام الجديد، ان اجتمعت ارائهم وتطابقت سياستهم في قضية ما، مثل ما يحصل الان بشأن علم البعث، فان في الامر شئ غير طاهر. افليس عجيبا ان يصيح الجميع نفس الصياح رغم اختلاف اسرابهم.؟ اليس غريبا ان نفس الكلمات والعبارات تتكرر وتتردد من افواه اعتادت على توجيه الاتهامات لمن يبغبغ معها الكلمة والرأي الان.

هل كل هذه التصريحات العدائية والاتهامات للشعب الكوردستاني بنوايا الانفصال هي حقا لمجرد تغيير العلم فقط ام انها محاولة للاجهاض على الفدرالية وعلى حالة الامن التي يشهدها اقليم كردستان، فأمر انزال علم البعث لا يستدعي كل هذا التطبيل والنشاز الممجوج، فالسيد البرزاني وان امر بأنزال علم البعث لكنه اصدر امرا اخر ايضا برفع علم الجمهورية العراقية بعد ثورة تموز الخالدة، علم العراق الحقيقي الذي جسد وحدة الشعب وليس تفرقته مثل ما فعل الاغبر صدام وزمرة البعث الهمجي وعلمهم.

يكفي سببا لعدم رفع هذا العلم البعثي انه يحمل فكرة صدام بكتابة الله واكبر فوق علم لا يمثل ولا يرمز الى اي شئ عراقي. علم كتب عليه باقتراح من المجرم صدام (الله واكبر) العبارة التي تعودنا ان نسمعها ونرددها في كل معارك العروبة الخاسرة، العبارة التي تحمل معنى أُفرغ من مفهومة الديني ليتحول الى شعار للحروب والغزوات ولحملات القمع والاغتيال والانفلة.

قدسية العلم ليس بألوانه وليس بعبارة كُتبت عليه بل بقدسية الشعب الذي يرمز له، بعزتهم وكرامتهم وشموخهم وابائهم بدستورهم وقوانينهم ، فهل كانت الدولة البعثية وعلمها الا فساد وانحال ومجازر وقتل وحروب واضطهاد ومقابر جماعية.؟ فاي قدسية اذن يرمز لها او يحملها هذا العلم بكل تاريخة منذ ان جاء البعث الى يومنا هذا.؟

على البرلمانيين العراقيين القادمين للتو من رحلات النزهة ولاستجمام او عقد الصفقات واقامة المشاريع ان يسرعوا بتغيير علم البعث وانزاله وتغييره بدلا عن توجيه اللوم والاتهامات للشعب الكوردي وقادته. هذا ان كانت لهم النية للتغير وليس الهاء الناس بمجادلات لا معنى لها، فالناس مشغولة عنهم بحماية انفسها من الارهابيين والتكفيريين والبعثيين ومواجهة صعوبات الحياة ومآسيها.