| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الأحد 2/10/ 2011



الدرك الأسفل من الجحيم محجوز لحكومة المالكي

مالوم ابو رغيف

مهما كان حجم الموازنة العامة المخصصة لسنة 2012 كبيرا وضخما فانه لا يعني شيئا، سوف لن يكون سببا للفرح ولا محلا للأمل، سيبقى مجرد رقم يتكرر كثيرا في نشرات الأخبار وفي أحاديث المحللين السياسيين ونقاشات النواب وفي البيانات وحملات الدعاية والتحريض للأحزاب والتكتلات المتصارعة فيما بينها على المناصب والغنائم والمكاسب. مثلها مثل ميزانية 2011 التي بلغت 84 مليار دولار، وهي ميزانية ضخمة جدا، تسرب الغالب منها إلى جيوب المسئولين كرواتب ومنح وإيفادات وتخصيصات أو تم خصمه وخنصرته بمشاريع وهمية وعقود تجارية لاستيراد التالف وغير الصالح من المواد، أما ما أُعيد أو ما يعاد سيبقى مجرد أحاديث، هواء في شبك، لا يحصل منها الشعب إلا على تبجحات المسئولين وصراعاتهم التي ستقودهم إلى الدرك الأسفل من الجحيم. فهذا الدرك الأسفل من الجحيم محجوز لهذا الرهط الإسلامي السياسي الفاسد غير النزيه لما اقترفه من ظلم بحق شعب العراق البائس المسكين.

ميزانية 2012 وحسب ما أعلن ستزيد على 120 مليار دولار، سوف لن تتحول إلى بنى تحتية ولا إلى مشاريع كبرى وضخمة ولن تأتي بأي مردود باستثناء أعمال الصيانة والترميم وإعادة تأهيل الفنادق والقصور الرئاسية والاهتمام بالشوارع التي تمر فيها سيارات المسئولين ومواكبهم، وبضع من مشاريع الأعمار والبناء التي يسيل لها لعاب المسئولين منذ الآن، فتراهم قد أسسوا شركات لهذا الغرض لتحال عليهم فيما بعد صفقات بمليارات الدولارات ثم لنسمع بعدها الاتهامات بالسرقات والاختلاسات . أما المشاريع الكبرى التي من شأنها إعادة العراق ليحتل مكانه اللائق بين الأمم المتقدمة المتحضرة، فهذه مشاريع مؤجلة ومعطلة باتفاق جميع أطراف العملية السياسية .

في السنة القادمة وبموازنتها البالغة 120 ستبقى مناظر النفايات والزبالة والأكياس المتطايرة والمعلقة على أعمدة الكهرباء كأنها الغربان ، وستبقى المدارس مكسرة مهشمة زجاج النوافذ تنبعث منها أصوات الأطفال مع روائح طفح مرافقها الصحية بالغائط والبول، فيجبر المرء على التساؤل : كيف لهؤلاء الرجال الذين يدعون مخافة الله إن يجلسوا في مكاتب مؤثثة ومفروشة ومجهزة بما غلا ثمنه من وسائل الراحة والاستجمام وهم الأقدر على التحمل، بينما أطفال العراق الذي ستقع عليهم مسؤولية بناءه يجلسون في مدارس متربة قذرة مهملة تطفح مرافقها بالبول والغائط، كراسيها مهشمة وجدرانها مثلمة وصفوفها بلا أبواب ليس فيها شجرة ولا نخلة ولا خضرة ؟

كيف لنا إن نأمل بان العراق سيتقدم ويتطور بينما أطفاله بناة المستقبل يعيشون في هذا البؤس وهذا الازدراء.؟

الأموال موجودة ومتوفرة والعراق بقرة حلوب ضرعها يشبع العالم حليبا، لكن هذه الأموال والثروات الهائلة تديرها أيادي لئيمة غير نزيهة وشخصيات هزيلة من السهل الضحك على ذقونها وترقيصها كما ترقص الدمى في مسرح العرايس.

فضائح الحكومة العراقية المالية ذات صبغة كوميدية لا تصدق من فرط عدم معقوليتها، فهل يمكن إن يحصل في دولة إن تتجرأ شركة على إرسال العاب أطفال على أنها مكائن كهربائية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات لو إن هذه الشركة لا تعتقد إن الحكومة ورهطها الوزاري عبارة عن إمعات وطراطير لا يفقهون لا بأمور الدنيا ولا بأمور الآخرة ؟

وهل يحصل في هذا العالم المترامي الأطراف إن بضع محتالين لبنانيين على شوية سوريين وأردنيين وأتراك يشكلون شركات وهمية ليس لها عناوين سوى عناوين انترنيتية، لينصبوا وبكل بساطة على وزراء ومدراء وخبراء عراقيين يحملون شهادات الدكتوراه فتحال عقود بمشاريع بمليارات الدولارات على هؤلاء الحفنة من النصابين والمحتالين؟

إن هؤلاء المحتالون ما كانوا ليقوموا بلعبتهم المكشوفة هذه لو أنهم لا يعرفون إن المسئولين في العراق مهما كبرت ألقابهم العلمية ليسوا سوى حمقى ومغفلين وإمعات لا يعرفون الكوع من البوع، وهم أيضا مثل القطط التي تدعى على أهلها بالعمى لتأكل من دون خوف الاكتشاف.

لقد أصبح العالم قرية، لا يستطيع أي مجرم مطلوب إن يخفي نفسه، إلا في العراق فان القرية أصبحت عالم ومتاهة، حتى البعير في العراق إن اخفي نفسه سيراه الجميع إلا أعين الجيش والشرطة الاستخبارات والمخابرات وأجهزة المراقبة فإنها لا تراه، لكنها ترى الوطنيين الحريصين على العراق وعلى شعبه فتغتالهم وتعذبهم وتشهر بهم وتنسب لهم كل ما يمس سمعتهم. فالفاسدون وكبار اللصوص الذين سرقوا المليارات والمطلوبين للعدالة بجرمهم فهؤلاء حتى لم يكلفوا أنفسهم عناء الإخفاء وتبديل الأسماء، فهم يتمتعون بملايين ومليارات الدولارات ويشترون العقارات ويضاجعون الشقراوات ويقودون اغلي السيارات دون خوف ودون إن يخالج قلوبهم رفه قلق بان الحكومة ستقبض عليهم أو تطالب بإعادتهم وتسليمهم للعدالة.

لقد أثبتت الحكومة العراقية عجزها وعدم مقدرتها على إدارة البلد رغم كل الثروات والإمكانيات التي تحت أيديها، إننا نرى أن المالكي ورهطه المتنفذ، بدلا معاقبة وملاحقة الفساد والمفسدين والإجرام والمجرمين، يلاحق ويطارد الوطنية والوطنيين والنزاهة والنزيهين.

حكومة هي ورئيسها لا تملك شجاعة ولا جرأة المواجهة ولا نية صادقة بمكافحة الفساد ومعاقبة اللصوص ستقود العراق بلا شك إن بقيت على هذا النهج الأخرق غير الوطني، ستقوده إلى كارثة محدقة.

إننا نحتاج إلى لجنة وطنية مستقلة للإشراف على أوجه إدارة الميزانية وتوجهات صرفها ومراقبة الإنفاق الحكومي وفضح التبذير في المال العام بعد ان فشل مجلس النواب بل وساهم أعضاؤه بقدر كبير من الفساد. فليس معقولا في بلد تعاني فيه غالبية الشعب الحرمان والعوز بينما ينفق مسئولوه وبرلمانيوه ملايين الدولارت على سفراتهم وايفاداتهم وترفهم وبذخهم وتأثيث مكاتبهم . وليس معقولا في بلد تهرب فيه عتاة وكبار المجرمين من السجون، بينما يقبض على المتظاهرين المطالبين بتوفير الخدمات. ان العراق بحاجة الى لجنة وطنية عليا لوضع نهج جديد للعملية السياسية.



 

 

free web counter