| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأثنين 2/10/ 2006

 

 

القانون بين جرة قلم صدام وقندرة المشهداني

 

مالوم ابو رغيف

القانون مجرد جرة قلم، عبارة صدام الشهيرة التي كلفت العراقيين ملايين الضحايا ومليارات الدولارات وانهار من الدماء. بجرة قلم قصفت حلبجة بالغازات الكيمياوية، وبجرة قلم دفن الاف مؤلفة من الكورد في مجازر الانفال، وبجرة قلم حفرت المقابر الجماعية لمئات الاف اخرى، وبجرة قلم شنت حروب وحملات دموية بشعة، بجرة قلم سُحبت الجنسية العراقية من عشرات الاف العراقيين عربا وكوردا. بجرة قلم طُلقت النساء من ازواجها، وبجرة قلم اطاح السيف برؤوس ورقاب وبُترت اذرع واقدام، وقُطعت اذان وجدعت انوف.
عبارة صدام، من حيث الصياغة والتعبير وليس من حيث الجرائم والمجازر ،تبدو مهذبة اذا ما قارناها بعبارة محمود المشهداني رئيس البرلمان العراقي، الذي عبر عن موقف وفهم للقانون يتطابق مع فهم واحتقار صدام للقانون، لكن بصيغة في غاية الابتذال والانحطاط والسوقية. فهو اي المشهداني لم يجد حرجا لا اخلاقيا ولا دينيا ولا سياسيا ولا حقوقيا حين اعلن وهو على منصة رئاسة البرلمان بان اي قانون لا توافق عليه الشريعة سيضربه هو وجمع المسلمين بالقندرة.

هذا الموقف الذي لا يمت لا للديمقراطية ولا لحقوق الانسان بصلة، ولغة التخاطب المبتذلة التي اعتاد محمود المشهداني على مخاطبة اعضاء البرلمان بها، ومعامتلهم وكأنهم تلاميذ مدرسة ابتدائية في قرية نائية، هو معلمها ومديرها ومسؤولها الاوحد، هما انعكاس لعدم الفهم الديمقراطي والانساني لبعض اعضاء البرلمان ان لم نقل اغلبهم .
المسألة ليست اللغة السوقية فقط ، انما الموقف الذي جاء على شكل تهديد ووعيد لكل من يخرج عن طاعة السيد المشهداني وتصوراته الفنطازية، وعن احكام شريعة اسلامية مفصلة على مقاسات محمود المشهداني وربعه.

واذا كانت جرة قلم الدكتاتور الرقيع صدام كلفت كل هذه الدماء والضحايا والثروات والمآسي فماذا ستكلفنا قندرة محمود المشهداني التي هدد بأنه سيضرب بها كل القوانين التي لا توافق عليها الشريعة.؟!!!

لقد كشف المشهداني عن نية مبيتة لمحاربة الديمقراطية وحرية الرأي واحترام مكونات الشعب العراقي وشرائحه السياسية والطبقية والاجتماعية والدينية، وهو على اية حال ليس وحده الذي يمثل هذا الموقف، فجل احزاب الاسلام السياسي ، سنية وشيعية، التي كانت تردد وترفع شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية، قد تنكرت لها وحرفتها وافرغتها من مضامينها، ورفعت كرباج الشريعة الاسلامية بوجه كل من يعترض اويطمح بالتغيير من اجل الانسان العراقي وانصافه وانقاذه من الغبن الذي لحق به جراء تطبيق قوانين الحملة الايمانية الاسلامية التي قادها صدام بنفسه.
كما يعكس موقف المشهداني ولغته المبتذلة حكم مسبق وتحامل اشر، وموقفا غير نزيه مضاد للقوى العلمانية والديمقراطية التي تحاول مزواجة الديمقراطية مع الدين وتخفيف حدة التعارض بينهما. فهو، اي المشهداني لم يكتف بالضرب بالقندرة للقوانين التي لا تلائم شريعته، انما اتبع اسلوبا تكفيريا واضحا، اذ خاطب عضو البرلمان صفية السهيل بان اي كلام عن الاسلام (ينغزهم).
ولنا ان نشير ان ما اغضب المشهداني وجعله ينسى ابسط قواعد التهذيب واللياقة الاجتماعية، واتباع اساليب السوق والشارع هو ان الدستور الكوردستاني قد منع تعدد الزوجات في كوردستان.
الحقيقة ان القنادر التي هدد بها المشهداني سوف لن تنزل على بنود القوانين الديمقراطية فقط ، بل على رؤوس العراقيين ايضا، اذا لم يتم استدراك الامر وحل هذه الاشكالية بين الديمقراطية وحقوق الانسان واحكام الشريعة الاسلامية المتعنتة الجامدة، التي اصرت احزاب الاسلام السياسي على اشتراطها وتضمينها في الدستور،احزاب الاسلام السياسي التي تحاور قتلة الشعب العراقي للوصول الى اتفاق معهم واعادة المحصاصة بشكل ما تحت حجة المصالحة الوطنية. وبما ان الامر محاصصة بين الاحزاب الاسلامية الشيعية والاحزاب الاسلامية السنية فستكون القنادر التي تنزل على القوانين الديمقراطية وفق نسب المحاصصة، قنادر سنية وشيعية ومبروك للاغلبية بهذا الفوز العظيم.