| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأثنين 29/1/ 2007

 

 

الاعتبارات والمساومات السياسية
 اغلى من الدم العراقي


مالوم ابو رغيف

لم يعد احد يصدق شعارات وخطابات المسؤولين او رجال الاسلام السياسي بأن الدم العراقي غاليا ليس رخيصا، لم يعد احد يصدق بأنهم سيلاحقون القتلة والمتواطئين في سفك هذا الدم العزيز الذي غرقت به شوارع وازقة وطرقات العراق. لم يعد احد يوليهم اهتماما ويعطيهم اذنا صاغية ويصدق ادعاءاتهم بعد ان أثبتت المجريات زيفهم ونفاقهم واطماعهم وجريهم وراء مصالحهم واهمالهم مصالح الشعب ومحاولاتهم المستمرة لعقد المساومات مع من يسفك هذا الدم اكانت دولا، مجموعات او افرادا.

لم تعد حيلهم تنطلي على احد، ولم تعد كلماتهم المنمقة المشبعة بقدسية القرآن وآياته وتبشيرهم بالجنة المساكين الذين يعيشون في جحيم الواقع اليومي المر وعذاباته تجدي نفعا، فالواقع السياسي والاقتصادي والمعيشي لا يسلط الضوء فقط بل يفضح كل المساومين الذين يبادلون الدم العراقي بطموح غير مشروع ويشترون المناصب بالسكوت عن الجرائم في سلسة اعتبارات لا تقل دناءة عن الجريمة نفسها اسموها سياسة الامر الواقع.

في جلسة البرلمان هدد رئيس الوزراء نوري المالكي عضو البرلمان ناصر الجنابي بفضح ملفه الارهابي بعد كلمات لم يستسغها المالكي اثارت عصبيته واجبرته على الكلام مدافعا عن نفسه وليس عن انسان اخر. لو لم يتكلم ناصر الجنابي وبقي ساكتا، ترى هل كان المالكي يصرح بما صرح به.؟

لو ان ناصر الجنابي اختار الوقوف مع المالكي وايد الخطة الامنية نفاقا بالطبع، هل سيهدده بفضح ملفه الارهابي المعروف.؟

بالطبع لا.

بالطبع لا!! لان المالكي يعرف ارتباط ناصر الجنابي بالارهاب ليس الان بل منذ زمن ليس بالقصير، حتى ان السيد مثال الالوسي وفي عدة مقابلات تلفزيونية قال عن ناصر الجنابي بأنه ارهابي معروف، كما ان تجميع ملف لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يستغرق وقتا ويتطلب تحريا وتجميعا للوثائق ومعرفة للارتباطات، فلماذا سكت المالكي او الأئتلاف الموحد عن ارهابي معروف زمنا طويلا ولم يتكلم رئيس الوزراء الا عند المقاطعة وفي لحظة العصبية.؟

ها هو يسكت من جديد، ولن نرى جديدا بما يخص الجنابي. وستغلق القضية كما اغلقت ملفات وملفات عن جرائم بشعة .

اما السبب فهي الاعتبارات السياسية التي بسببها يسيل الدم العراقي رخيصا لا يكترث به احد، بقع حمراء لا تدمع لها الا اعين الفقراء من الناس.

عدنان الدليمي هذا الرجل الذي لا يخفي تحريضه الطائفي ويصرح به بمناسبة او من دون مناسبة، بلغت به الجرأة بتوجيه نداءات غير منقطعة للاستعانة بالارهابيين العرب وبالدول المستبدة الطائفية لقتل العراقيين لانهم صفويون اغراب، بل ان امره تعدى لغته وتجسد في اعمال لا يسكت عنها خائروا العزائم ومرتعدوا الفرائص، فقد عثرت القوات الامريكية على سيارة مفخخة في بيته، فهل بعد هذا من برهان على ضلوعه واشتراكه او تنسيقه وتخطيطه ودفعه لقتل العراقيين..؟

ثم ماذا نسمع.!! يخرج علينا اية الله موفق الربيعي بتأتأته السمجة وكلماته المتقطعة ليغدق على عدنان الدليمي مزيدا من القاب الفخامة والتملق والرياء ولا يأمر بإتخاذ الاجراءات وانتظار نتائج التحقيق بل يعطيه صك البراءة بقوله ان الاستاذ الدكتور العلامة الجليل عدنان الدليمي برئ من كل هذا براءة الذئب من دم يوسف، بل ان يوسف هو المجرم على افتراض ان الذئب هو الذي اكله.

كذلك الحال مع مقتدى الصدر الذي خربها وجلس على تلها بعد تعاون كامل وتام وشراكة حقيقة مع هيئة علماء المسلمين وتنفيذ كامل لبرنامجها التخريبي وبعد القتال الى جانب ارهابيي الفلوجة وتسيير المظاهرات واستعراضات القوة وشن حملات تشهيرية على الكورد وكوردستان والتسبب في مقتل مئات الناس الابرياء وتسيير قطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لاجبار الناس على التقيد بما يفتيه صاحبهم ورفع شعار جدولة انسحاب القوات متعددة الجنسية، الذي هو شعار هيئة علماء المسلمين لصاحبها الارهابي المعروف حارث الضاري، سكت الاسلام السياسي واحزابه المعروفه عنه ، بل تعاونوا معه وادخلوه في أئتلافهم، ومكنوا جيشه المشبوه الذي ضم ويضم بعثيين وفدائيين للمقبوريين المجرميين صدام وعدي اضافة الى ضباط امن واستخبارات ومخابرات، وهاهم القادة الصدريون الان ينسقون بالسر مع كل جهة تهدف الى اجهاض العملية السياسية وتحويل العراق الى ساحة لمناطحات امراء الحرب واعلاء كلمة مرجعية ظهرت وتأسست وعلا صوتها في عصر صدام. اما لماذا هذا التعاون المشبوه مع هذا التيار الناشز!! طبعا اعتبارات سياسية وسياسة توازنات على حساب الدم العراقي وعلى حساب مستقبل الشعب العراقي.

الادهى من كل ذلك ان الاسلام السياسي وضمن اطار ما يعرف بالمصالحة الوطنية رفع شعار من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن. فكل من القى سلاحه فله مكان في الجنة او في السلطة ولا يهم كم ذبح وكم سلخ وكم من دم اسفكه، فالمسلم القرضاوي منح صداما صك الغفران وادخله الجنة رغم كل وساخات ودموية المقبور صدام لانه تشهّد. اذا ايها الغبي الابله من توعدون بناركم وجحيمكم بينما كل مجرمي القاعدة وبهائمكم المفخخة وزناتكم وشاذيكم يتشهّدون، فهل النار التي تتكلمون ساعات عنها اعدت للخرسان والطرشان او اللذين يفاجئهم الموت غفلة.؟

الضاري نفسه رغم حادثة تشييع الصحفية اطوار بهجت واطلاق النار من بيته على موكب التشييع وارتباطاته المعروفه بالمجاميع الارهابية ومجاميع الخطف وطلب الفدية والشبهات التي هي يقين التي حامت حوله وحول قيادته من الكبيسي والفيضي ورغم صلافته وعنجهيته اغرقه الاسلام السياسي المستلم للسلطة بموجات من الزيارات لمكتبه والتقرب اليه والابتعاد عن ذكره او التشهير به. حتى بعد اعلانه ان ارهاب القاعدة هو مقاومة، كذب على الدباغ ليلا ما قاله نهارا حول مذكرة القاء القبض الصادره بحقه وقال عنها انها مجرد دعوة للاستفسار.

اما لماذا كل هذا الموقف المتخاذل منه ومن الارهاب، انها اعتبارات سياسية وتملقات دينية ومحاولات لتحويل العراق الى دولة اسلامية واقتسامها بين رجال الدين السنة والشيعة، وبالطبع على حساب الشعب العراقي وعلى حساب دمه المسفوك وعلى حساب مستقبل اطفاله.

جند السماء لم يهبطوا من السماء، ولم يحضروا كل هذه الاسلحة وكل هذا العتاد وكل هذا الجمع من الارهابيين فجأة او بين يوم وليلة، ليس بصورة عشوائية، ولا من دون تمويل وتنظيم عالي الدقة، ولا من دون توجيهات ميدانية، ولا من دون شحذ همم ديني وسياسي ومرجعي، ولم يكونوا يعيشون في الكهوف او في الغابات، ولم يأتوا من مدينة واحدة، بل تم تجميعهم من عدة مدن ومن عدة مراكز رغم انف قواد الخطة الامنية ومخططيها والمشرفين عليها.

الصرخي نفسه لم يكن بالرجل المجهول، فالجميع يعرفه ويعرف نواياه وتعاونه مع مقتدى الصدر ايام التنسيق مع هيئة علماء المسلمين الارهابية، واتباعه لا يخفون انفسهم، حتى انهم في مناطق الجنوب يشجعون الناس على تعاطي المخدرات وعلى الترويج للفساد والسقوط الاخلاقي لاجبار المهدي على الظهور.

اين كانت الحكومة ورجال الاسلام السياسي عن كل هذا.؟

هل كانوا نائمين بالعسل ام يعدون العدة للنوم في العسل.؟

اين رجال الدين انفسهم عن هذه التثقيفات المشوهه، عن الترويج للمخدرات عن الدعوة للسقوط الاخلاقي عن النهب والسلب.؟ لماذا سكتوا ولم يحولوا الدين الاسلامي لساحة لطرح الاسئلة العقلية وتغيير الذهنية الدينية من ذهنية ببغاوية اعتادت على الركود وعلى اسلوب التلقين الى ذهنية وعقل فعال يطرح الاسئلة ويقترب من الاجوبة بمنهج المتسائل المستفسر المحلل.؟

لم ينجح الصرخي في جمع انصاره الكثيرين لقوة حجته ولا صلابة منطقه و لا لصدق طرحه، انما لان الجهل قد انتشر واستفحل خطره واصبح الناس تنتظر المعجزة لتخليصها من كارثة ومصيبة وفاجعة سببها لها رجال مصرين على ان الاسلام هو الحل. وامام هذا الشعار وهذا الاعتبار ترخص الدماء العراقية.