| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الخميس 28 /12/ 2006

 

 

نجاحات على الورق


مالوم ابو رغيف

نُسي مؤتمر مكة ونُسيت نتائجه واتفاقاته ولم يعد احد مهتما به، لا الحكومة ولا السياسيين ولا حتى الذين وجدوها فرصة لاداء العمرة فأشتركوا به، ثم عادوا بسرعة الى مكة في نزهة الحج المباركة!!.

النجاح على الورق لا يعني النجاح على الارض، فالحملة الاعلامية الاسلامية الكبيرة التي سبقت مؤتمر مكة، وادعية رجال الدين وبكائهم وتأكيداتهم على الاخوّة والوحدة الاسلامية وعلى محاربة الطائفية تبدو الان ساذجة فارغة من اي معنى، فلم يتحقق اي وعد ولا عهد، وساء الامر عما كان عليه وكثر القتل والتهجير والاحتراب، ليس بعد مؤتمر مكة فقط، بل بعد كل مؤتمر للمصالحة. حتى الدولة المضيفة للمؤتمر السعودية، اعلنت عن موقف يتناقض تناقضا صارخا مع تعهدات المؤتمر فأعلنت انها سوف لن تقف مكتوفة الايدي مغلولة الارجل وستتدخل لنصرة الطائفة السنية. اعطى هذا التصريح الضوء الاخضر لخلايا الارهاب ومشايخه العنكبوتيه فأصدروا فتوى تهيب بالمسلمين بالتوجه للعراق وتلقين الرافضة درسا لن ينسوه.

من الملاحظ ان موجات القتل والتفجير تصل ذروتها بعد اي  دعوة للمصالحة، والاغرب ان بعض الاطراف المشتركة بالحكومة المكلفة بإرساء المصالحة، تنسحب من هذه المؤتمرات وتعلن شروطا وتوجهات لا تناقشها في داخل المؤتمرات، بل تحولها الى حملات اعلامية وشعاراتية تكون بعض نتائجها دموية يدفع ثمنها الناس الابرياء. ولعل قول الشاعر يعبر عن هذه الحالة بشكل جميل :

                 متى يبلغ البنيان يوما تمامه                اذا كنت تبني وغيرك يهدم

الشعار والمهمة المطروحة على منصات هذه المؤتمرات هي النوايا الحسنة ومشاريع المصالحة التي ستوقف العنف وتعزل الارهاب.

الشعار وان تردد دائما قبل كل مهمة، لا يحمل بذاته قيمة محددة، فهو للاستهلاك السياسي وللالهاء الشعبي فقط. ما يناقشه المسؤلون الكبارـ الرؤوس الكبيرة، يختلف تماما عما نسمعه او نقرأه في المواقع الالكترونية او الصحف الحزبية او من الذين اعتادوا الاسراع الى منصة الصحافة ليتلعثموا ببعض الجمل والتعابير. فالرؤوس الكبيرة كالجوز قد يكون العفن ادركها وان بدت في احسن واتم شكل ولا يمكن التأكد من صلاحيته الا بكسره.

لكننا ومن خلال الاطروحات السياسية والتصرحات الاعلامية والنتف الخبرية، نستطيع القول ان ما تختلف عليه الرؤوس الكبيرة هو ما يسمى مجازا التوافق الوطني، اي المحاصصة التوافقية.

فإن كانت المحاصصة توزع الحصص حسب النسبة العددية او المقاعد البرلمانية، فان المحاصصة التوافقية تلغي هذا الاسلوب ليحل محله اسلوب الموازنة، اي تقسيم المناصب والثروات والوزارات والسفارات والمسؤليات على ممثلي الطوائف المشتركين بالعملية السياسية او تلك التي ستشترك ايضا، مسلحة او ارهابية، منتخبة او غير منتخبة، لا يهم، المهم هو الانتماء الطائفي.

بالطبع هذا الحل لا يرضي جميع الاطراف ، لان ذلك يعني ليس تبذير الاموال على كل من هب ودب كما الحال الان في عهد حكومتنا الخائبة، بل يعني افلاس العراق التام والشامل وقطع يديه ورجليه وجعله كسيحا لا تنفعه حتى العكازات ولا حتى كرسي بعجلات. ويعني ايضا الوداع للديمقراطية التي لازلنا نحلم بها، ووداع للحرية المصادرة بأحكام الاسلام ولاي امكانية لرأب الصدع بين مكونات الشعب العراقي وقتل للعملية السياسية وابعاد واقصاء للاحزاب العلمانية غير الطائفية.

ومن الجدير بالملاحظة والاعتبار في مؤتمرات المصالحة، ان الدول التي ساهمت وتساهم في تردي الاوضاع بالعراق، الدول الساندة للارهاب هي نفسها التي تقترح عقد مؤتمرات للمصالحة مثل سوريا السعودية ايران الاردن. ومن دون جهد يذكر، حتى استغفلنا انفسنا بحسن النية، سوف لن يفوتنا رؤية مصالح هذه الدول مقدمة على التصالح بين الفرق المختصمة.

وان كان مؤتمر مكة قد فشل فشلا ذريعا في تحقيق اي نتيجة ايجابية على الارض، فهل تستطيع ايران النجاح بمحاولتها جمع رجال الدين السنة والشيعة في طهران والمؤتمر يرتكز على نفس الاسس والمبادئ التي ارتكز عليها ذلك المنعقد في مكة.؟

بعد فشل مؤتمرات ما يعرف بمبادرة المالكي للمصالحة، فقد قاطعه حتى المقربون اليه، الصدريون، قررت الاحزاب والحكومة التوجه الى دمشق اليعربية حيث معسكرات الارهاب ومحطات تجميع المجاهدين الاسلاميين في التهيئ لرحلتهم الاخيرة الى جهنم وبئس المصير.

اسفرت هذه اللقاءات، اضافة الى الاشادة بالحكومة السورية وعزمها على المساعدة في الملف الامني، (بالمشمش) اسفرت عن استعداد سوريا لعقد مؤتمر للقوى العراقية لحل المشكلة. اما الحل فهو كما قال السناتور الامريكي الجمهوري بعد انتهاء زيارته الى سورية نقلا عن بشار الاسد " النقطة التي تم تأكيدها هي ان العراق لا يمكن ان يحكم من قبل الاغلبية وانما يجب ان يحكم بطريقة توافقية " يعني اعادة توازن حسب ما ينادي به تكتل التوافق الطائفي وليس حكومة انقاذ وطني تشترك بها كافة القوى والاحزاب الممثلة بالعملية السياسية بعيدا عن الطائفية وعن الثوابت المذهبية، بعيدا عن محاولات الصلح مع الارهابيين، بعيدا عن مصالح دول الجوار والسياسة الذليلة في التقرب اليهم كما تفعل الحكومة الان. ما تريده سوريا وايران والسعودية وجامعة الدول العربية بل الامم المتحدة نفسها هي حكومة محاصصة. والان على ما يبدو ان الحكومة الامريكية ستسلك نفس الاتجاه.

اما المؤتمرات التي تنوي الحكومة عقدها والتي تبدو وكأنها اسهال سياسي فإن نتيجتها ستكون مثل سابقاتها. ستكون نجاحات على الورق فقط.