| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأربعاء 27/9/ 2006

 

 


السيد المالكي ومسرحية المصالحة

 

مالوم ابو رغيف

بدأ نوري المالكي وزارته بخطابات وشعارات ركزت على المصالحة وطرح مشروعها مقترنا بالعمل على نزع السلاح غير المرخص وحل المليشيات التي اصبحت تشكل خطرا على الدولة وعلى المجتمع .
قبلها كان للسيد رئيس الجمهورية رواية غير معقولة، قد صاغها خياله او بوحي من السيد موفق السامرائي مستشاره الخاص. حكاية من نسج الخيال عن اربع مقاومين اتوا على حين غفلة، بلا موعد ولا دعوة ليقولوا له انهم من المقاومة، وانهم اجتهدوا وأخطأوا ويرغبون بدخول حوار مع الحكومة. مضت على هذه الحكاية الطريفة التي سردها السيد الرئيس وقت غير قصير. لم نعرف لحد الان لا اسماء الجهات التي مثلها الاربع زائرين ولا اسماءهم او انتماءاتهم كما وعد الرئيس بأنه سيعلن عنها بعد وقت لن يدوم طويلا. الظاهر ان السياسيين العراقيين يعتقدون بأن الشعب ليس له ذاكرة وسيذعن للامر الواقع ، وسينسى ما وعد به، وما كّذب به عليه، وما رّفع من شعارات.
السيد رئيس الوزراء نوري المالكي الذي انقطعت الكهرباء والماء والغاز والنفط كليا،وغلت الاسعار وزاد واستشرس الارهاب منذ يوم مجيئه، صدق هذه الحكاية الطريفة، فقرر المضي بصنع فصول اخرى لها لكي تكون مسرحية ناجحة تسدل فيها الستارة على الحقائق وتدار المشاهد الخطرة خلف الكواليس.
اذا كانت للسيد رئيس الجمهورية حكاية فأن للسيد رئيس الوزراء مسرحية نعيش في فصلها الاول، فصل يقول بأن الارهاب في العراق هو ارهاب وطني ، يمكن التصالح والوصول الى اتفاق معه، فهؤلاء الارهابيون الاسلاميون والبعثيون وطنيون الى حد النخاع ، يقاتلون الاحتلال فقط ، لا اياديهم ولا ملابسهم ولا ضمائرهم ملطخة بالدم العراقي .
استبدل السيد المالكي قلبه بقلب جاهل غرير، وتحول من سياسي الى مصلح اجتماعي ، واتبع اسلوب الوعظ والارشاد والنصيحة لوجه الله ، وراح يتسول الرضا والقبول من البعثيين والارهابيين والمتطرفين الاسلاميين ، ليس علنا بالطبع ، انما سرا وفي الغرف المغلقة ، فأكثر ما يرغب به السيد المالكي ان يكون رئيس وزارء مثل بقية الرؤساء العرب ، يمشون على البسط الحمراء وتعزف الانشدة والسلام الجمهوري وتخفق الاعلام لقدومهم في المجئ والذهاب .
من ينشئ بناء مهما كان صغيرا او كبير على ارض رملية فسوف لن يتوقع لبناءه غير الانهدام السريع. فهل بنى السيد المالكي مشروع المصالحة الوطنية على اسس ومعايير ومعرفة ام انها مجرد مشروع من تلك المشاريع الفاشلة التي وعدتنا بها الحكومات المتعاقبة وبعض وزرائها وبانت كذباتهم وسرقاتهم وانكشف دجلهم وانانيتهم المفرطة .
وهل يقر السيد المالكي بوطنية المقاومة لكي يتصالح معها ويعطيها شرفا واخلاقا بعد ان اثبتت الاحداث ان للعاهرات شرفا اكثر من شرفها.؟
ام انه سيعطي البعثيين وجها ناصعا وقد سود التاريخ والجرائم المخزية وجه البعث منذ تأسيسه الى يومنا هذا.؟
يقول السيد المالكي ان العمليات الارهابية تهدف الى زعزعة العملية السياسية وعرقلة مشروع المصالحة الوطنية . عبقرية فذة تلك التي يتمتع بها المحروس بالله نوري المالكي . هل يغشم نفسه ام انه يستغشم الناس التي تعي وتعرف ان من يود السيد المالكي المصالحة معهم هم من يقتل وهم من يسلب ويفجر وينتقم ويغتال ، وان العملية السياسية التي يعمل الارهاب على زعزعتها ، هي عملية مزعزعة بالاساس .
فهل نجح البرلمان في حل اي مشكلة من المشاكل الكثيرة والكبيرة مثل قضية المهجرين القدماء والجد، او انصاف ضحايا النظام المقبور؟ لم ينجحوا في شيئ اللهم الا في زيادة رواتب اعضائه ومنحهم الاكراميات والسلف التي لن يسددها اي عضو من هؤلاء البطناء المنتفخين الجالسين في كراسيهم وكأنهم دمى التيدي بير.
في تصريحه الاخير يقول السيد المالكي ، بأن الحكومة تعمل بثلاث جبهات لمحاربة الارهاب، القوة الامنية، واستمرار العملية السياسية وتوفير الخدمات وتحسين الاداء الاقتصادي . وللناس ان تحكم بنفسها اذا ما كان السيد المالكي صادقا بكلامه ام ان هذه التصريحات هي للاستهلاك ولعناوين الجرائد. فالقوة الامنية مخترقة ، اكان من البعثيين ، او المليشياويين او الارهابيين . بل ان قسم منها لا نعرف عنه شيئا، فلا نعرف لا عن الامن ولا عن المخابرات ولا الاستخبارات ، وكأن هذه الاجهزة في حل عن المساءلة وعن المحاسبة وعن تقييم العمل، وكأنها اجهزة فوق الدولة وفوق الشعب. أما الوضع في محافظة ديالي فهو محزن مبكي حقا، لقد حولها الارهابيون الى مسلخ عام للناس، اسوء من امارة طلبان ومن امارة الفلوجة، واسوء من الانبار، ففي هاتين المدينتين لا يوجد كورد ولا شيعة  أما في هذه المدينة فتجتمع العنصرية مع الطائفية مع التكفيرية مع البعثية مع الارهاب. اما حكومة المالكي فلا زالت مشغولة ، كيف تستطيع المصالحة الوطنية بأقناع كل هؤلاء الهمج الرعاع الجزارين بالكف عن مجازرهم .
اما عن الاهتمام بالمواطنين فتنبئك مظاهر البؤس والاملاق على وجوه الناس، تنبئك منازلهم وظروف حياتهم غير الانسانية، تنبئك الاسعار التي اصبحت مثل العبوات تنسف كل ما في الجيب وما في الصندوق. ناهيك عن الايجارات المرتفعة الى درجة لا تصدق وسط اهمال حكومي تام وغياب قانون ينظم اسعار التأجير، لكن هل يمكن ذلك والمالكون هم الحاكمون او اصدقائهم او من حاشيتهم او من اصحاب هذا ما رزقني ربي!! . فاي اهتمام يتبجح به السيد نوري المالكي .
في العراق ارهاب فقط ، لا توجد مقاومة شريفة ولا حتى عاهرة..انه ارهاب بكل مظاهره ، بكل ادواته ، بكل تاريخة ، بشخوصة وازلامه.. فلماذا تضييع الوقت بالتهادن معه بحجة المصالحة الوطنية.؟
ولماذا تُقتل الناس وتذبح وتروع ولا تحرك الحكومة ساكنا بحجة ان الارهاب يود اعاقة وزعزعة العملية السياسة والمصالحة الوطنية ويجب تفويت الفرصة عليه!!!.؟

واذا كان ذلك صحيحا ، فأن من الاولى القضاء على الارهاب ومحاربته من دون هواده وفضحة وفضح رموزه واعوانه ومنظريه البعثيين والاسلاميين والعنصريين . لانه الخطر الاول الذي يهدد المصالحة الوطنية الحقة .؟
على ما يبدو ان حلم المالكي سيتحقق حلمه وسيسير على البسط الحمراء ، مصبوغة من دماء الابرياء.