| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأثنين 26/5/ 2008



لا لأنتخابات القوائم المغلقة

مالوم ابو رغيف

في سبعينيات القرن الماضي، وفي اماكن بيع الالبسة العتيقة حيث يزدحم الفقراء ومتوسطي الحال ويشتد اقبال الناس على شراء ملابس السكند هاند بسبب رخصها، ابتدع البعض طريقة جديدة لشد الانتباه واثارة الفضول وزيادة الاقبال على شراء هذه الملابس، فحشوا اكياس بما يناسب وبما لا يناسب، بما يمكن ارتداءه وبما لا يصح او يعيب لبسه، بما هو سيئ او اسوء ، اكياس مملؤة حشوا مثل بطون الفقراء، المهم الكمية وليس النوعية، المظهر وليس الجوهر، البهرجة وليس الاصالة، العدد وليس نوعيته، ثم تعرض للمزاد وفق طريقة انت وحظك انت ونصيبك،هم ليسوا بذاك الغباء كي ينفضح امرهم عندما يُفتح اول كيس فيبان المستور ويلعن المشتري حظه وقسمته وبخته ويتفرق الجمهور، فقد وزع هؤلاء المحتالون زبانيتهم بين المشترين، واعدوا اكياسا خاصة وضعوا فيها الجميل والانيق والنظيف من الملابس، يرسو مزادها دوما على اصحابهم المتنكرين بزي العمال والفلاحين والكسبة والاتقياء والمؤمنين، معمين او افندية، وربما اساتذة ومدرسين ورجال دين. ليس هذا فقط، فالبائع اضافة الى وسع حيلته وحذاقة مكره، هو ايضا مفوه طليق اللسان، عذب الاسلوب والتعبير. لا احد من المشترين الذين يعتقدون ان الحظ سيبتسم ويستيقظ بعد اغفاءة طويلة مثل اغفاءة اهل الكهف ، يعرف بأن حظه قد تقرر سلفا على يد الناصبين والمحتالين والدجالين، وان الكيس او الجنة او المستقبل السعيد ما هي الا افخاخ يسقط فيها المواطن وهو مبتسما جذلا، لا احد منهم يعرف بأن ليس سوء الطالع او البخت من يقرر النتيجة، بل حسن الاختيار، وان الملابس في اكياس مغلقة مثل مرشحي الانتخابات في القوائم المغلقة، سيئة ورديئة النوعية لا تستحق حتى القاء نظرة عليها.

وعلى طريقة الحظ يا نصيب، تشير كل الدلائل على اننا سنشهد انتخابات تجري على طريقة اكياس الملابس البالية التي لا تنفع اللهم سوى ان تكون مماسح لتنظيف البلاط، هذه المرة ايضا كما في المرة السابقة، ستحشى قوائم انتخابية بما لا يسر من الاسماء المانع الوحيد لحجبها هو عدم صلاحيتها او تاريخها الاسود. فلا احد يستطيع التحجج الان بالحالة الامنية والحكومة والفضائيات العراقية واعضاء البرلمان والمسؤولون يؤكدون تحسن الحالة الامنية، كما ان اسماء المرشحين وان نشرت وعرفت ستبقى مجهولة بالنسبة للكثيرين، فمن يعرف فطيم في سوق الغزل، وكل الاسماء ليس اكثر من فطيم كما رأينا في برلماننا الموقر!!!فمن يعرف سين او صاد او حاء او خاء من اعضاء برلماننا الحالي.؟

وهل رأينا منهم اللهم الا تثاءبهم على الكراسي وهم ينظرون بملل الى ساعاتهم الثمينة لمعرفة متى ينفض المجلس حتى تثبت ملامحهم في اذهاننا.؟

وانظروا الى كذب هؤلاء الساسة، الساسة الجدد الذين نبشر انفسنا ان في عهدهم ستبنى الديمقراطية وسيسعد الانسان وتحل المشاكل ويتقدم العراق بنسائه ورجاله ويزدهر مستقبله، في الامس القريب كان الجميع ينتقد الانتخابات ويعلن انها انتخابات طائفية، غير نزيهة، وان الناس لم تنتخب اعضاء بل انتخبت طوائفا، فالقوائم المغلقة، يقول السياسون بالامس ما هي الا خداعا للناس وضحك على ذقونهم، ما الذي جرى اليوم بحيث اصبح الجميع يود ان تكون الانتخابات وفق نظام القوائم المغلقة. وان الوقائم المغلقة ليست بذلك السوء؟

الا يوجد قانون انتخابي يحرم هذا التحايل على الناس،؟ ان يوفر لهم فرصة الاختيار.؟، ان يكون التنافس بين الاشخاص وليس بين الطوائف.؟

ان يستطيع الناخبون رفض الفاسدين المعروف تاريخهم والذين هم اشهر من نار على علم، وان يكون النائب منتخبا من قبل الشعب لسمعته ولاخلاقه ولنزاهته ولاخلاصه لعمله ولتاريخه الابيض، لا لسبحته الطويلة او عمامته الثقيلة او لزبيبته في جبهته او لطول جبته او انتماء لطائفته ؟

ثم اذا كان البعض يخاف ويخشى على سلامته، فليأتي الذي لا يخاف، الذي يتحدى الارهاب بصدره، ان يواجهه بأصراره، بسلاحه، بتصميمه على التصدي لغربان السوء، فنحن لا نريد نوابا جبناء كنوابنا الحاليين ، خوفا وجبنا يدعون عوائلهم في الخارج وينذرون الى الله النذور ان بعثوا الى  مهمة خارجية، بل تراهم يتواجدون في الخارج اكثر من تواجدهم في الداخل مع ان حماياتهم اكثر من حمايات رؤساء الكثير من الدول.؟

فهل للنواب الحاليين فرصة ان يعاد انتخابهم مرة اخرى في القوائم المفتوحة.؟ بالطبع لا، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين...خاصة وان الشعب لدغ لدغة عقرب قاتلة في هذا البرلمان البائس الرث.

ان نظام القوائم المغلقة اضافة الى انه ضحك على ذقون الشعب هو ايضا تكريس للطائفية، وغش وخداع للناس، و يؤكد ايضا ان هذه الاحزاب التي تفضل او تدعو الى القوائم المغلقة، احزابا تمشي بالضد من ارادة الناس، وهي متأكدة بأن الفوز سوف لن يكون من نصيبها، وان العراقيين سيركلون معظم اعضائها بأرجلهم.

الديمقراطية تعني الشفافية والمصارحة وكشف الحساب ومحاسبة المخطئ وليس التعتيم والتكتيم وغض النظر عن الاختلاسات والتهريب والسرقات والعفو عن المسيئين، الديمقرطية تعني حق الاختيار وتوفير بدائل... للاختيار... ليصرخ العراقيون ومن الان

لا لانتخابات القوائم المغلقة
لا للمحاصصة الطائفية
لا للقوائم اللصوصية..

لم تستمر مزادات اكياس الملابس العتيقة طويلا، فقد اكتشفت الناس التلاعب والمتلاعبين وابتعدت عنهم واحتقرتهم، ومهما صرخ البائع المحتال ومهما حاول بهرجة اكياسه او زين كلامه، ومهما كانت زبانيته عمائم ثقيلة او مسابح طويلة، فإن الناس فقدت الثقة بهم وبأكياسهم وبقوائمهم وبجلاوزتهم.
 


 

Counters