نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأحد 26 /3/ 2006

 

 

 

هل نحتاج فعلا الى مجلس أمن الوطني
 


مالوم ابو رغيف

اتفقت الكتل والاحزاب العراقية على تشكيل مجلس الامن الوطني لكنها اختلفت على ماهية هذا المجلس ومهماته وصلاحياته وغطائه الدستوري. فتصريحات رؤساء الكتل او من ينوب عنهم، تعكس اتفاقا على المبدأ ولكنها تختلف على كل شئ اخر وخاصة على صلاحيات وقرارات المجلس، فمن قائل بان صلاحيات المجلس وقراراته الزامية واخر يصفها بالاستشارية. كلا القولين لا يحملان شيئا من المعقولية السياسية والادارية. فالمجلس ومهما كانت صفته، سيختص بعمل اكبر دوائر الدولة واكثرها اهمية،رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وربما البرلمان ايضا، فهو يتكون من رؤساء الكتل والاحزاب الامر الذي يعني ان اي اتفاق بينهم سوف يلقى صدى وتجواب له تحت قبة البرلمان ويهمش دور المعارضة الضرورية لانجاح العملية الديمقراطية.

كما ان هذا المجلس لا يتكون من مختصين او خبراء بشؤون الامن الوطني، اكان امنا اقتصاديا او عسكريا، انما من نفس الوجوه التي اثبتت عدم قدرتها في مواجهة الازمات وعدم استطاعتها على حل المشاكل والصعاب، فطبيعته سياسية اكثر منها أي شئ اخر.

اما اين موقع مجلس الأمن الوطني في التشكيل الهرمي للحكومة، هل هو فوق السلطة التنفيذية ام تحتها، والى اي جهة يتبع لا احد يفتح فمه بكلمة عن ذلك، لأن المجلس ينقصه الغطاء الدستوري.

واذا كان المجلس مجرد مجلس استشاري، يقدم النصح والمشورة كما يقول جواد المالكي، فما ضرورة نواب ومستشاري رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء واي دور سيتبقى لهم.؟ ولماذا تثقل الدولة بموظفين كبار برواتب ضخمة وامتيازات لا تأتي حتى في الاحلام ونحن احوج ما نكون الى ترشيد الانفاق واعادة النظر بهيكلة الرواتب والاجور وببعض قرارات الجمعية المنحلة المتعلقة بالمنح والتقاعد الكبير للعضو نظير خدمة اشهر معدودة فقط.

السبب الرئيس الذي دعى الى تشكيل مثل هذا المجلس هو عدم الثقة برئيس الوزراء، وعدم القناعة ولا الثقة بتوجهات حكومته، ومهمة المجلس هي جعل رئيس الوزراء، الذي على ما يبدو سيكون السيد الجعفري، مسيرا غير مخير. وهذا الامر بحد ذاته سيشل عمل الحكومة اذا ما أضفنا الى ذلك الاختلافات الحادة في وجهة نظر الوزراء التابعين لاحزاب متعددة متناقضة المصالح والافكار السياسية والدينية في نظام تحكمه المحصاصات الطائفية..

اما السبب الثاني في تشكيله هو محاولة تجنب ظهور المشاكل على السطح، وحجب الخلافات والتناقضات بين الاحزاب الكبيرة عن الشعب، والتقليل من حدة النقاشات والمعارضات البرلمانية العلنية بين النواب والاتفاق المسبق على اي قانون او قرار.

المجلس ومهما قلنا عنه ومهما كانت صلاحياته والاسباب التي دعت الى تشكيله ، يحمل اسباب فشله في داخلة. فكثير من الامور التي يدور حولها الصراع لم يجر حولها اي توافق ولا تفاهم، مثل فدرالية الجنوب والوسط والموقف من الارهاب الذي يطلق عليه بعض من مَن سيكونون اعضاء في المجلس المقترح، مقاومة. أُجلت هذه الاموروسواها بسبب البطئ والتخبط الكبير في تشكيل الحكومة، فهم مثل لاعب الشطرنج الذي يعاني من ضغط الوقت وعليه ان يقوم بعدة نقلات سريعة لتفادي الكش مات او الخسارة بنفاذ الوقت. السياسيون العراقيون وبعد ان اهدروا وقتا ثمينا في اجتماعات الولائم والعزائم وزيارات المجاملات، وجدوا انفسهم تحت ضغوط متعددة منها الضغط الامريكي وضغط الشارع الذي سأم ومل من كثرة الانتظار وسماع الاعذار.

من الممكن تاجيل كل المواضيع ذات الطبيعة الحساسة او المختلف عليها والالتفات الى حياة الناس ومستوى حياتهم المتردي وغياب الامن والامان في مناطقهم وايقاف ماكنة القتل الهمجية والاتفاق على محاربة الارهاب تحت اي ذريعة كانت، اكان تحت يافطة المقاومة او الجهاد او ضرب المحتل. السياسة فن الممكن والممكن الان والذي ينبغي ان نتوحد من اجله هو محاربة الارهاب وتحقيق قدر من العدل الاجتماعي وانهاء معاناة الناس. عندها سوف لن نكون بحاجة الى مجلس امن وطني مختلف على صلاحياته وعلى دوره.