| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الخميس 26/1/ 2012



الخلط بين السياسة والوظيفة

مالوم ابو رغيف

يحاجج قادة العراقية بان منصب الوزير هو منصب سياسي، هكذا يقول السيدان صالح المطلق واحمد العلواني والسيدة ميسون الدملوجي وغيرهم. أنهم يحاولون تبرير تعليق وزراء القائمة العراقية لعملهم في الوزارات وعدم حضور جلسات مجلس الوزراء وكذلك تعليق نواب القائمة ذاتها حضور جلسات البرلمان العراقي.

إن التفكير بأن المناصب الوزارية وكذلك المقاعد البرلمانية هي مناصب سياسية، تفكير يدل على قصور في إدراك الفرق بين المركز السياسي والمركز الوظيفي، والتصرف على أساس إخضاع الوظيفية لمتطلبات السياسة وليس لمقتضيات الواجب.

إن تقديم السياسة الحزبية وإعطائها الأولية على العمل الوظيفي والإداري يمثل احد الأسس التي ترتكز عليها الحكومات الشمولية والدكتاتورية وكذلك تشير إلى نزعات التفرد التعسفي بالسلطة وقد عانى العراق منها طويلا، أنها تعني أيضا تقديم مصلحة الحزب والكتلة والطائفة والدين على مصلحة الشعب والوطن.

أي إن ما تشكو منه القائمة العراقية وتنسبه إلى المالكي من الدكتاتورية والطائفية هو ليس بعيدا عن تفكير قادتها، بل ربما يشكل المحور التي تستند عليه سياستهم في مشاركتهم في الحكومة.

فالسياسة عندهم لها الأولية على جميع الأعمال الإدارية والمهنية والوظيفية والوطنية.

لقد أصبحت السياسة في العراق خليطا من الأعراف العشائرية والفتاوى الدينية والمقامات الافتراضية، فتسخر الوظائف، كبرت أو صغرت من اجل خدمة شيوخ العشائر وكبار رجال دين وكبار رجال السياسة، تغرق القوانين والحقوق وتدفع الى الدرك الاسفل تحت ثقل الوساطات والمجاملات والانتهاكات.

لا يمكن محاسبة المسئولين حتى لو أجرموا أو نهبوا أو زوّروا أو اغتصبوا لأنهم خطوط حمراء، هكذا يدور في خلد الكثير من الطارئين على السياسة والمتطفلين على المسؤوليات الكبيرة الذين أتت بهم محاض الصدف ليجدوا أنفسهم في أبراج عالية ما كانت تطرأ على خيالهم.

عندما اعترفت حماية المتهم طارق الهاشمي بأنه الممول والمسئول عن العمليات الإرهابية التي قامت بها، قال السيد اياد علاوي إن اتهام الهاشمي هو جريمة سياسية. وقال السيد احمد العلواني انه خط احمر لا يمكن تجاوزه.

الحقيقة الصادمة في العراق هي إن القادة والمسئولين والنواب ورؤساء الكتل والطوائف لا يطيقون حكم القانون ولا ينصاعون له، فهم يعتبرون أنفسهم فوق القانون وفوق المجتمع وفوق الشعب، لذلك، وعندما يطالبون بحكم القانون، فأنهم يعنون تطبيقه بكل جوره وعسفه على الشعب فقط، أما هم فيجب إن يستثنوا من هذا التطبيق، لأنهم خطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها فما بالك بتجاوزها.

دعونا نذكر القائمة العراقية وبالأخص السيد اياد علاوي بحكومة التكنوقراط التي كان احد المطالبين بها، أي إن يكون الوزراء وكبار المسئولين من رجال الاختصاص والكفاءة، وكذلك بشعار الرجل المناسب في المكان المناسب، فكيف ينسجم ما يطرحه قادة القائمة العراق الآن بان الوزير منصب سياسي وليس منصب وظيفي مع حكومة التكنوقراط؟

ألا يرون التناقض الصارخ والفاضح بين المنهاجين؟

السياسيون في العراق، وأعضاء القائمة العراقية ليس باستثناء، يقولون ما لا يفعلون ويوعدون ويكسرون وعودهم، ويقسمون ويحنثون بأقسامهم.

الوزراء والنواب لا ينتجون أموالا ولا ثروة، أنهم مجرد أداريين لتنظيم العمل وتشريع القوانين بحسب ما تؤهلهم كفاءاتهم وخبراتهم. وهم وفي كل دول العالم محارق للأموال والثروات، لا يتضرر البلد إن استغنى عن خدماتهم واستبدلهم حتى بموظفين هنود من الدرجة الثالثة. أنهم مستأجرون للشعب ولخدمته وإدارة منزله {الوطن}، ويحق للشعب محاسبتهم وطردهم عندما يخونون الأمانة ويخرقون القوانين أو لا يلتزمون بالدوام الرسمي ولا يتقيدون بضوابط العمل.

وكلما كثر عددهم وزاد، وكلما أحيلت إعداد كبيرة منهم على التقاعد، كلما ناخت ميزانية البلد تحت أعبائهم وإثقالهم المالية، وكلما كثرت امتيازاتهم، كلما كثرت أسباب الفساد المالي والإداري وكذلك خلقت خللا واضحا في ميزان العدالة الاجتماعية

إن الوزراء من السياسيين والحزبين الكبار طفيليون يعتاشون على جهود وعرق العمال وما تنتجه ارض العراق المعطاء من خيرات هي ملك للجميع وليس فقط لهذه الأفواه النهمة التي لا تشبع مهما حشر فيها من ثروات، فلا يحق لهم تعليق وظائفهم وإعاقة سير العمل أو إعاقة تشريع القوانين دون أسباب هي من صلب مقتضيات العمل وليس من صلب مقتضيات السياسة.

إن الوزير والرئيس والنائب ليس أكثر من موظف عليه تأدية وظيفته بشكل يومي وحسب النظام المعمول، فمثلما لا يستطيع العامل ولا الموظف تعليق عمله دون إن عذر صحي أو قانوني، كذلك الوزير والرئيس والنائب والقاضي لا يستطيع أيضا تعليق عمله بدون عذر صحي أو قانوني وليس بسبب نزوة او موقف شخصي او حزبي.









 

 

free web counter