| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الخميس 26/6/ 2008



هل حمايات المسؤولين مصونة غير مسؤولة

مالوم ابو رغيف

لا تكمن المشكلة في ان يكون للمسؤولين كلاب او جنود للحماية، فلا فرق بين الاثنين، فكلاهما يعض،كما ان الشعب العراقي تعوّد على ان تعضه كلاب المسؤولين او حراسهم، تنشب في لحمه الاسنان، الحراب او الرصاص وتهشم عضامه العصي ، ولقد شاهد العالم كله بعد سقوط صدام واصنامه كيف ينهال جلاوزة وطبان الاخ غير الشقيق لصدام بدون رحمة ولا شفقة على شرطة المرور ضربا بالعصي الى حد لفظ الرمق الاخير من الحياة، ولأن الحياة في ظل البعث محملة بالكوارث والمصائب والعجائب، تجنب العراقيون البعثيين، كبارهم او صغارهم، فهؤلاء لا يؤمن شرهم وليس لهم صاحب ولا صديق، لا ذمة ولا ضمير، واتبعوا حكمة تعلموها من جيل الى جيل، باب الي تجي منه الريح سده واستريح، وليس من ريح اخبث من رائحة البعث.

المشكلة الان تكمن في ان المسؤولين الجدد، المطموغين على جباههم بسواد الايمان، المعممين او غير المعممين الملتحين المسّبحين بحمد الله بمسابحهم الطويلة المدّعين الزهد والورع والتقوى والخوف من الله، من الاحزاب الاسلامية وغير الاسلامية يكثرون الحديث عن العهد الديمقراطي الجديد، عن كونهم حراس الديمقراطية والمدافعين عن خيارات الانسان وصيانة كرامته، الحماة لحقوق الانسان والحيوان، يصوّرون من انفسهم ملائكة الرحمة، لا يتركون فرصة الا وتحدثوا فيها عن نيتهم وعزمهم وتصميمهم على اقامة المجتمع الديمقراطي المدني واتباع الاسلام الحقيقي وليس المزيف، تسمعهم في الفضائيات، في الجوامع، في المؤتمرات الصحفية، في خطلب الجمعة و في مواكب العزاء الحسيني يقدمون النصح للناس ويؤكدون على البساطة والزهد ، لعشرات السنين كان هؤلاء السياسيون يتخذون من همجية البعث ومذابحه وظلمه وجبروته وعبث فرق حماياته ودموية فرقه الضالة مرتكزا وقاعدة للتحشيد ضده، محليا وعالميا، حتى صدقهم الناس وامنوا بهم بأنهم رجال الله المخلصين وليس طلاب سلطة، ينتظرون جزائهم في الاخرة وليس في هذه الدنيا الفانية، يقنعون بقليلها ويتبرعون بكثيرها على الفقراء والمعدمين. لذلك لم يعد الناس خائفون منهم ولا من حماياتهم المسعورة المستكلبة، لم يعدوا يبتعدون عنها ولم يغلقوا بيبانهم ليأتمنوا شر خبث ريحها. الاكثر انهم صدقوا هذا النفر الكاذب، هذا النفر الدجال، فأخذوا يطالبون ويحتجون، فكيف لهم ان يعرفوا ان هؤلاء الجدد لا يختلفون عن القدماء في الفساد، في الشر، في الكذب، في العنجهية، في ازدراء الانسان والتنكر لحقوقه، كيف لهم ان يعرفوا ان حمايتهم وحرسهم الخاص لا تختلف عن حماية عدي وقصي ووطبان وسبعاوي، فهي ايضا مصونة غير مسؤولة، كيف لهم ان يعرفوا ان السلطة اكانت بأسم الله او بأسم القائد، أو فقيه او اثول او دكتاتور، هي مفسدة كبرى اذا كان القانون حبر على ورق .

الغريب ان هذه الفرق المسعورة المسماة حماية، او حرس خاص، لا تتورع حتى عن اهانة اعضاء البرلمان انفسهم، فبالامس القريب اعتدت حماية محمود المشهداني رئيس البرلمان على احد النواب واشبعته اهانة وضربا وعلى رؤوس الاشهاد وبدلا من معاقبته ازادوا راتبه ومكانته.

وقد تشتبك حماية نائب مع حماية نائب اخر ويلعلع الرصاص ويذهب ضحية هذا الاشتباك الكثير من الضحايا المواطنين الابرياء، دعك من الحمايات الاجرامية مثل حماية عدنان الدليمي المجرمة والتي اصبحت معروفة للجميع بأن اياديها تقطر من دماء الابرياء،

بالامس القريب ايضا، قامت حماية جابر الجابري وكيل وزير الثقافة، الاسلامية بالطبع، فلم تعد عندنا ثقافة الا مصحوبة بتعريف ديني، بالاعتداء على احد الصحفيين من فضائية الحرة وسمعنا هذا الجابري الذي طالما ادّعى البساطة والوطنية والانسانية كيف يطلب من الصحفيين تفهم حمايات المسؤولين وتحمل عنجهياتهم وعنترياتهم واهاناتهم وكيف حمّل الذنب على الصحفي المسكين المعتدى عليه متبعا تبرير ان خدك صفع كفي.

اليوم قامت حماية وزير التربية ثقيل الظل والدم ، الذي قد يبتسم الحجر ولا يبتسم هو، الاسلامي للنخاع خضير الخزاعي بإطلاق النار على الطلاب فجرحت خمسة ، واحد منهم في حالة خطرة، بينما قامت حماية الشيخ جلال الدين الصغير بالاعتداء على الصحفيين ومن ضمنهم مراسل قناة الفرات.

لكن ما يميز كل هذه الاعتداءات على الناس، ان كانت في المحافل او في المؤتمرات او في الطرقات، وان كان الاعتداء موجها ضد نواب او طلاب او مواطنين، ان هذه الاعتداءات تمر وتنسى وكأنها لم تحدث، ولا يسأل احد ولا يستجوب احد، ولا تتدخل لا شرطة ولا قضاء ولا وزير ولا رئيس وزراء ولا رئيس جمهورية ولا برلمان.

فما الفرق اذن بين تصرفات هؤلاء المسؤولين وحماياتهم وبين كبار البعثيين وحماياتهم.؟

اذن ليكف هؤلاء الدجالون، المدّعون عن تصنع لعب الدور الديمقراطي والانساني، ليكفوا عن تصنع الايمان والورع والتقوى، ليغلقوا افواههم وليكفونا شر القرف من سماع وعودهم المعسولة واكاذيبهم ودجلهم عن المجتمع المدني وعن حقوق الانسان واحترام المرأة وصيانة سيادة العراق وكرامته.

فما هي السيادة والانسان مهان ومقتول على يد حماية بعض الطفيليين ادعياء الثقافة والتربية ودجالين الدين.؟

وماهي الكرامة اذا كانت النساء حتى تحت قبة البرلمان تهان ولا تحترم، اذا كان الطلاب يطلق عليهم الرصاص في مراكز الامتحانات واذا كان الصحفي يُعامل وكأنه متسول.

لقد اصبحت هذه الحمايات نواة لمليشيات تأتمر وتسير ليس بالقانون انما برغبات صاحبها، فهي اولا واخيرا تتكون من اقاربه ومعارفه ورجال عشيرته تأتمر بأمره وتنفذ رغباته ونزواته.

لذلك ينبغي حل هذه الحمايات المسعورة ومنع اي مسؤول من تعيين اقاربه او معارفه او ابناء عشيرته حتى في حمايته، كما ينبغي محاسبتها عند اي خرق للقانون مهما كان هذا الخرق صغيرأ، ومحاسبة المسؤول بصورة جادة خاصة اذا كان نائبا، فالنائب يجب ان يكون اول من يحترم القانون وليس اول من يخترقه، الا اذا كانت هذه الحمايات مثل صاحبها مصونة غير مسؤولة .

 


 

free web counter