| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأربعاء 25/10/ 2006

 

 

مع الارهاب لا ينفع الا اسلوب واحد


مالوم ابو رغيف

الذي يختار القوة للتحاور ويجعلها جوهر سياسته ولبها ووسيلتها لبلوغ اهدافه وتحقيق مآربه، الذي لا يهمه سفك الدماء ولا الخراب الذي تلحقه سياسته الاجرامية في البلد، في حاضره وفي مستقبله وفي علاقات الناس ببعضها، الذي يجعل من ارضه وعرضه مرتعا للصوص والافاكين والارهابيين، تجمع كان، حزب، منظمة، او كتلة لا ينفع معها حوار ولا مصالحة ولا اسلوب اخر غير الاسلوب الذي اختارته هي واتبعته هي في التعامل مع الجميع.
منذ ان اسقطت القوات الاجنبية نظام الهمج البعثي ولحد الان، ما انفكت الاحزاب السياسية والشخصيات الاكاديمية والدينية والمنظمات الاجتماعية البحث عن سبب العنف ومصادره، عن الاساليب الناجحة والحاسمة للتعامل معه. سمعنا كثيرا من الوعظ والنظريات وكتبت الاف المقالات والدراسات وعقدت مؤتمرات واجتماعات وندوات، واختلف المفكرون والسياسيون في تحليلاتهم، منهم من حمل الاحتلال مسؤولية التدهور وذلك بالحل للجيش العراقي والقوى الامنية الاخرى، مع ان كبار المراتب وصغارها في الجيش والشرطة القت بسلاحها، وسرحت نفسها بنفسها، وجلست في بيوتها وكأنها غير معنية بالحفاظ على الامن، وكأن حماية و حراسة الممتلكات والاماكن الحساسة ليس من صلب مسؤوليتها. بعدها تبين ان من يقاتل ويقود اعمال الارهاب والبطش وتحديد الاهداف بعناية ودقة متناهيتين وتدمير البنية التحتية للبلد، هم الضباط البعثيون، الذين يشكلون اغلب ضباط الجيش العراقي. وان التدهور الحاصل في الجيش والشرطة الجديدين وتعرضهما بين اونة واخرى الى مذابح وعمليات اختطاف، هم ضحايا العناصر التي تسللت الى الجيش الجديد او تلك التي اعيدت الى الخدمة في زمن الحكومات العراقية المختلفة. اخرين عزوا هذا الخراب وازهاق الارواح الى حل حزب البعث وطرد البعثيين من وظائفهم واعمالهم وقياداتهم. لكن هؤلاء الذين يطرحون هذا الطرح الساذج السفيه، يعرفون ان اغلب المناطق المتمردة، مراكز الاغتيالات والكمائن الدموية التي تنصب على الطرق، هي من المناطق التي لم يطرد منها ولا بعثي واحد، هي المناطق التي لا زال يتحكم بها البعث ويحكم رجاله ويمارس تنظيمه وتخرج المسيرات رافعة صورة قائده الارعن مطالبة بإطلاق سراحه. بينما المناطق التي طرد بعثييها الكبار والكوادر الوسطية منها، هي المناطق التي تنعم بسلام وهدوء اكبر. واذا حدث قتل هنا وهناك فإن من يقوم به هي العناصر البعثية التي وجدت لها منفذا في الدخول من شبابيك وابواب الاحزاب الاسلامية وغير الاسلامية والتجمعات الدينية التي تزايد على وطنية العراقيين واخلاصهم لبلدهم وترفع شعار طرد الاحتلال بينما تفتح افخاذاها للبعثيين.
قيل ان الانتخابات ومجئ حكومة شرعية تتمتع بالسيادة واتخاذ القرار سيقلل من عمليات القتل والتفجير والاغتيالات، لان من يرفع السلاح، سيحترم ارادة الشعب في اختيار من يمثله، وسيعرف ان الوطنيين هم من يحكم وليس الامريكيين. سياسيون كبار قالوا بهذا الرأى فاعطوا الارهابيين الساقطين شهادة وطنية ورفعة وحسن سمعة سير وسلوك. بالطيع زادت عمليات الاغتيالات وزادت الحرب الطائفية المحتدمة، فمن يفجر حرب تلو الاخرى ، ويقتل مئات الاف الناس، ويحول العراق الى مقبرة جماعية كبرى ، ويستخدم الغازات الكيمياوية لقتل شعبه، لا يهمه الوطن ولا تهمه ارواح الناس، ولا تحركه نوازع وطنية او انسانية او اخلاقية.
جاء السيد المالكي بمشروع المصالحة الوطنية وجعله محور اهتمامه ومركز تكبره ونشاطه وتحركاته، لكنه وكأنه يدور في الفراغ ، لانه لا يعرف مع من يتصالح ومع من يتحاور وما هو الثمن الذي يقدمه لمثل هذا الحوار واي جهة او جهات ستشرف عليه. فهو اذ يرفض، كما هو معلن الحوار مع قتلة الشعب العراقي ومع قتلة الامريكين بعد ان رفضت الادارة الامريكية اي مصالحة تتضمن العفو عن قتلة الامريكان ، فمن هو المشمول بالمصالحة اذن.؟ واي يد لم تتطلخ بدماء الابرياء..؟ او تسرق اموال العراق.؟ او تهرب ثروات الشعب.؟ هؤلاء يجب تمتد لهم يد العدالة وليس يد الترحيب والمصالحة.
ومع كل المؤتمرات التي عقدت، ومع اشتراك تكتل التوافق في العملية السياسية وانتهاج اسلوب المحصاصة لارضاء كل الاطراف، وانهاء ما يسمى بالتهميش، واعادة البعثيين الى وظائفهم واعمالهم والى مراكزهم في الجيش والشرطة والمؤسسات الامنية الاخرى ، وارجاع موظفي وزراة الاعلام ، وجلوس الكثير من البعثيين في البرلمان العراقي، والترحيب بأي جهة تلقي السلاح دون فحص اياديها ان كانت ملطخة من الدماء العراقية او لا، وبعد كل التنازلات عن الجرائم التي اقترفها البعثيون طوال سني حكمهم والاكتفاء بمحاكمة هزيلة للرقيع صدام وبعض من ازلامه وجلاوزته. بعد كل هذا لم يكف المجرمون من اجرامهم ولا الارهابيون من ارهابهم ولا الطائفيون من تحريضهم واثارتهم للشغب والفتن، ولم تهدأ مؤامرات العروبة ولم يتق الله نظام ملالي ايران، وزادت وتائر ازهاق الارواح بكافة الطرق المعروقة وغير المعروفة، تفجير، تفخيخ، تسميم، اختطاف، اغتيال، نهب، سلب، ضرب المنشئات النفطية، سرقة البنوك والمال العام ، استيراد مواد تالفة غير صالحة للاستهلاك الادمي ، تدمير الاماكن المقدسة ، ضرب الكنائس ودور العبادة الاخرى ، حملات اعلامية طائفية تخوينية.
ومن الملاحظ ، أكان على الصعيد العراقي او الامريكي ، كلما تنازلت هذه الاطراف واجرت حوارا، وارجعت بعثا ناشزا، وتوقفت عن مطاردتهم ، واتكلت على غيرها في اقناعهم بالعدول عن جرائمهم ، زاد هؤلاء من ارهابهم ، وكثر نشاطهم، وانتظمت صفوفهم، وزادت رقعة تحركهم.
ما يجب معرفته هو ان هؤلاء الذين يرفعون السلاح، وينشؤون امارات تحكم وفق الشريعة الاسلامية، اولئك الذين يسيرون دوريات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجبرون الناس على افعال لا تمت الى المجتمع العراقي بصلة، الذين يتاجرون بالوطنية والقومية، هؤلاء الرعاع اسلاميين او غير اسلاميين بعثيين او قوميين، لا ينفع معهم اسلوب اخر غير الاسلوب الذي جعل من الصقور زرازير. لماذا هذا التخاذل مع اناس لا يهمهم سوى استعباد الناس واخضاعهم بالعنف ولارهاب.؟
ان التساهل والمصالحة مع هذه المجاميع الارهابية معناه التخلي عن قوة العمل والارادة.