| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأثنين 23/6/ 2008



الاتفاقية العراقية الامريكية والهوى المذهبي

مالوم ابو رغيف

اذا كانت الادارة الامريكية لا تعلن عن بنود الاتفاقية المزمع عقدها مع الحكومة العراقية لدواعي واغراض تكتيكية او سياسية وتفاوضية، واذا كانت بعض هذه البنود تمس السيادة والكرامة العراقية والتي اوصلت المفاوضات الى طريق مسدود كما قال المالكي ، فلماذا اذن لا تكشف الحكومة العراقية او من يمثلها في المفاوضات عن تلك البنود التي تقول عنها انها تمس السيادة والكرامة لكي يطلع عليها الشعب العراقي ويساند حكومته في موقفها من هذه الاتفاقية، ولكي يعرف ماذا تعني الكرامة و ما هو تعريف السيادة عند الحكومة العراقية.؟

لماذا تترك الحكومة العراقية الشعب فريسة للفتن تحيره الاقاويل وتربكه التصريحات ويتلاعب به المزايدون الذين يملؤون الصحف والفضائيات في بطولاتهم الكلامية وخوارقهم الوهمية..الا نعيش في عصر الشفافية والديمقراطية كما يدّعي السادة المبجلون من اعضاء البرلمان والحكومة التحاصصية، ام انه مجرد كلام وزرع اوهام في عقول هذا الشعب المسكين الذي تصحرت وقحلت ارض احلامه وآماله ببركة من يؤملونه بالجنة ويعيشونه بالنار.؟

ام ان الحكومة واعضائها يريدون ان يكونوا ابطالا ومناضلين وذادين عن حياض المصلحة العراقية بادعائهم فعل لم يفعلوه وبطولة لا يعرفون ميدانها بأنهم وبحرصهم الايماني وقوة محاججتهم وصلابة وطنيتهم استطاعوا قلب المنضدة على امريكا وغيروا بنود الاتفاقية لتصب في صالح العراق ولمصلحته، ولاجل هذا هم لا يكشفون بنود الاتفاقية ولا يبيحون بأسماء المفاوضين... اذن ليكشفوا عن بندوها وعن فحواها لنعرف بطولاتهم وصدق ادعاءاتهم.

ليقل لنا احد منهم معنى هذه السرية المطلقة التي احاطوا بها مشروع الاتفاقية ، وما معنى عدم كشف اسماء الوفد المفاوض، اذا كان في المحصلة النهائية ستحال هذه الاتفاقية الى مجلس النواب لمناقشتها وابداء الرأي فيها والمصادقة عليها..يعني وعلى قول المصريين يا خبر بفلوس بكرة يكون افبلاش. هل يخشى المتفاوضون تحمل المسؤولية ام لا يصمدون امام العتب العراباني او الايراني. فأي مفاوض هذا ورجلاه ترتجفان من تحمل مسؤولية فعله.

وعلى ما يبدو ان كل هذا اللغط المثار حول الاتفاقية ما هو الا وسيلة وطريقة تملق للتملص من المسؤولية امام المحاسبة الايرانية ومحاولة لشراء ود الولي الفقية التي رأينا احدى علاماتها في خضوع جعل رئيس الوزراء العراقي على هيبته يخلع ربطة عنقه الوزارية في حضرة من كان احد المتسببين في هدر دماء الاف العراقيين على يد العصابات المليشياوية.

بالطبع الحكومة والمضطلعين بأدوراها يدركون اهمية الوجود الامريكي في الوقت الحاضر وفي المستقبل ايضا، ليس من اجل صد الاطماع الاجنبية العربية والتركية والايرانية فقط، بل ايضا لمنع وقوع حرب اهلية لا زالت نيرانها لم تخمد بعد، فهناك الاف النافخين في نيران كوانينها التي لم تنطفئ جذوتها بعد لوجود الاسلام السياسي على رأس السلطة ولانتشار التفكير المذهبي في السياسة وفي الثقافة وفي الاعلام العربي بكل انواعه. .

كما ان الحكومة والسياسيين المتنفذين فيها يعرفون تمام المعرفة الاتفاقية التي تنص على بقاء القوات الامريكية تأتي لمصلحتهم، فلا احد منهم يستطيع ضمان منع انقلاب عسكري، اوهجوم ارهابي منظم معد له من ايران او السعودية او سورية وغيرها من دول الظلام والدكتاتورية المتسلطة، وفي ظل هذا الفساد الكامل الشامل في كل دوائر الدولة من رأس السلطة متمثلة بـ الرئاسات الثلاث الى اصغر وحدة ادراية لا تستطيع اي حكومة مهما كانت وطنيتها ان تعمل وتتطور دون دعم خارجي، ولا تستطيع ان تنجز ولو واحد بالمئة من برامج الاعمار الموعودة والفساد ينخر في كل هياكلها، ولقد رأينا بأم اعيننا فشل الحكومة العراقية التام والكامل فيما يتعلق بالديون القذرة والتعويضات الظالمة للدول العربية على الشعب العراقي، فلم تستطع الحكومة في سياستها المذلة التي اعتمدت على اساليب الاستجداء والمناشدات والتمسكن امام لؤماء العرب اسقاط اي نسبة منها دع عنك الغائها بالكامل، في حين استطاعت الولايات المتحدة الامريكية وبسياستها الذكية من اقناع الكثير من الدول الغربية في اسقاط ديونها على العراق.

الحقيقة ان في العراق تعارض تام بين المذهبية وبين الوطنية، ففي فترات تسلط الاحزاب الدينية تكون المذهبية هي المقررة لطبيعة التحالفات والاتفاقيات وليس المصالح الوطنية، ففي الوقت الذي تصطف فيه الاحزاب السنية مع السعودية رغم حقدها الطائفي على الشيعة العراقيين ومساندتها للارهاب ، تصطف الاحزاب الشيعية العراقية مع الولي الفقية الايراني رغم مسؤولية ايران الكبرى عن جزء كبير من الخراب والدمار الذي حل بالعراق بعد سقوط نظام البعث الهمجي. وما موقف بعض الاحزاب والسياسيين والمراجع الدينية الا صدى لمراجع مذهبية خارج العراق لا يهمها العراق ولا ناس العراق الا بالقدر الذي ينسجم مع مصالحها المفرطة في الانانية. ومن هنا نستطيع فهم الموقف المضاد للاتفاقية العراقية الامريكية كونه لا يستند على مصلحة وطنية بقدر ما على هوى مذهبي تقرره دوائر غير عراقية.
 


 

free web counter