موقع الناس     http://al-nnas.com/

جبهة وطنية شعبية لدحر الارهاب

 

مالوم ابو رغيف

الخميس 24 /3/ 2006

المعاناة التي يواجهها العراقيون في كل يوم سواء على الصعيد الاقتصادي والخدمي والوطني والامني سببها واحدهو الارهاب. ومهما قلنا وعددنا اسباب ومسببات الارهاب فاننا سوف لا نختلف على محاربته من دون هوادة. فالارهاب لا يستثني احد، ان استثناه اليوم فغدا هو مشمول به، لان طبعه التوحش وسفك الدماء، فلا يوهم احد نفسه بانه خارج سهام قوسه ومدى بندقيته وضربة سكينه. امريكا مثلا التي رعت وربت ومولت ودربت مجاميعا وقطعانا ارهابية متعطشة لسفك الدماء بقصد محاربة الاتحاد السوفيتي والاطاحة بالحكومة الاشتراكية في افغانستان، حصدت ما زرعته خرابا ودمارا، وذاقت ضرباته الموجعة في 11.9. السعودية المفرخ لنظريات الارهاب الاسلامية المبنية على مبادئ الولاء والبراء والجهاد وعلى تعليمات بن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، تعاني من نفس النظريات ومن تبعاتها الارهابية وتحاول تغيرها وتحويرها وجعلها صالحة للخارج وليس للداخل السعودي.

الجلباب المفضل للارهاب هو الجلباب الديني الايماني، الذي يجعل من الموت في سبيل الله مفتاح لحياة جديدة في الاخرة ويتخذ من التاريخ الاسلامي اساسا مرجعيا للتقليد والاتباع. خطابات القاعدة مثلا جميعها مليئة بالايات القرآنية والاحاديث النبوية وسير الخلفاء والابطال الاسلامين، بالطبع حسب تفسيرهم الخاص الذي يبيح قتل الترس، اي ما يسمى بالدروع البشرية او الاجساد البشرية التي صدفة او بسبب نوع العمل تحيط بالاعداء فتعيق قتلهم. على ان نظرية محمد عبد الوهاب تعتبر كل من لا يتبع تعليماته مشركا،وتتخلص تعليماته بمنع زيارات القبور والاضرحة والتوسل بالاولياء، وان انصب عداءه الشديد ضد الشيعة والصوفية فانه لم يستثنى المذاهب الاخرى التي لا تكفر ما يكفره. لذلك نرى اغلب الارهابين واشدهم قسوه هم اولئك الذين يتبعون تعليمات محمد بن عبد الوهاب حرفيا، وقد اصطدموا حتى مع التيار الوهابي المعتدل الذي يكتفي بالتكفير دون قتل او انزال الاذى بالمخالف، فاطلقوا على انفسهم اسما جديدا هو السلفية او اهل السنة والجماعة، تمييزا عن الوهابيين المتشددين جدا.

ولأن الارهاب نفسه يستند على الاختلاف في التفسيرات الدينية وفي اتباع شيوخ وسلف مختلفين في الكثير من الاشياء، فمن الصعوبة عندها محاربته وتفنيده على قواعد ومبادئ دينية. فالمطلب الذي اقترحه مقتدى الصدر بتكفير الزرقاوي لا يحل المشكلة بقدر ما يعقدها،فهناك اسس مشتركة في المذاهب المتقاربة تعشر الاخر مشمولا بالتكفير او مثل الذي يهين عشيرته، كما ان ذلك يدق ناقوس خطرا قادما وهو ا ن يكون هذا المبدأ اساسا للتعامل مع المخالف بشكل عام وقاعدة لانطلاق ارهاب اخر.

لا يمكن محاربة الارهاب الا على اسس وطنية، خالية من التأثير الديني او المذهبي، اسس تؤكد على وحدة الناس في مواجهة الارهاب وليس انقسامهم بشأنه، اسس ترفض الطائفية والعنصرية ولا تجعلها اساسا للتعامل السياسي او ان تنظر الى الاخر من خلالها. اسس تعتمد ولاءا واحدا هو الولاء العراقي وليس الولاء الايماني او المذهبي. لحد الان لم يتوصل العراقيون الى جبهة شعبية وطنية ضد الارهاب كل ما فعلوه هو اصدار قانون لمكافحة الارهاب بقى مشلولا لا يمكن تطبيقه لاحتدام الصراع وعدم سيطرة الحكومة على مجريات الامور. محاربة الارهاب ثقافة يومية ليس بها منفذا للدخلاء ولا للمنافقين ولا للمزايدين

انا لم ارى الا نادرا عراقيا يتحدث بشأنا عربيا او اسلاميا، لكن اغلب العرب واغلب المسلمين يتحدثون ويكتبون عن العراق وكأنهم احرص على العراق من العراقيين، او ليس لهم ما يكتبون عنه الا العراق، وياليتهم يكتبون بما ينفع، لكنهم مشغولون بما يضر وما يفرق وما يؤذي وبما يثير المشاعر الطائفية والمذهبية من اجل تأجيج الصراع واشعال الحريق في الجسد العراقي.

طبعا من السهل الايعاظ لكن من الصعب التطبيق، ومع هذا ان اردنا ان نبني نباء مستقبليا لوطن مزدهر خالي من الارهاب ومن الارهابيين لا بد ان نؤسس على الشعور الوطني العراقي الخالص وليس على اسس خاطئة لا تتحمل ثقل البناء فستسقط على الجميع. ان اكثر ما نحتاجه هو جبهة وطنية عراقية شعبية لمحاربة الارهاب.