| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الجمعة 23/4/ 2010



خرق ديني ام خرق امني!!

مالوم ابو رغيف

بعد كل تفجير انتحاري أو تفخيخي وسقوط عدد كبير من الضحايا، قتلى وجرحى تسارع الأحزاب والكتل المتصارعة لتحميل الحكومة مسؤولية الخرق الأمني، ولا تفوّت الفضائيات الفرصة فعلى عجالة تقطع برامجها  وتخصص برامج تبث على الهواء مباشرة لإلقاء كل اللوم على الأجهزة الأمنية وتحميلها مسؤولية التفجيرات والخرق الأمني. لا شك إن التفجيرات وبهذه الأعداد والكثافة تشير إلى عدم مقدرة هذه الأجهزة على ضبط الأمن بسبب الصراع السياسي والطائفي والحزبي وغياب وحدة الإرادة والعمل للتصدي للإرهاب، إلا إن الخرق قبل إن يكون امنيا فانه خرق ديني، وإذا كان رجال الأمن يتحملون جزء من مسؤولية التقصير في ادعاء واجبهم الوظيفي والمهني والوطني، فان رجال الدين يتحملون المسؤولية كاملة.

فخلف هذا الخراب والمذابح هناك أيدلوجية إسلامية وخلف كل انتحاري هناك رجل دين وخلف كل سيارة وعبوة ناسفة هناك ممول غالبا ما يكون إسلامي. حتى البعث نفسه قد لبس عباءة الدين وقاد المقبور صدام بنفسه الحملة الإيمانية وأصبحت الصلاة والحج والصيام فروضا حزبية يكافئ من يواظب على أدائها بدرجة حزبية أعلى. وادخل البعث الديانة السلفية والوهابية فكانتا الأساس والقاعدة التي بني عليها الإرهاب والحقد والبغض.

يدهشنا صمت الحملان هذا، فلا احد يفتح فمه بكلمة حق و يتجرأ ليقول إن رجال الدين هم الذين يتحملون المسؤولية كاملة في تدهور منظومة القيم الأخلاقية والانهيار المريع للمنظومة الأمنية الاجتماعية بعد إن أصبح للدين والانتماء الطائفي تأثيرا كبيرا على بناء الشخصية العراقية وقل إلى درجة ملحوظة تأثير القيم الوطنية والإنسانية في تشكيل الشخصية العراقية.

فإذا كان الدين الإسلامي بريئا من الإرهاب، وإذا كان دينا للسماحة والتسامح والسلام الاجتماعي، فان تحويل المراكز الدينية إلى مراكز إرهابية ومستودعات لخزن الأسلحة وتجميع العبوات الناسفة ومقرات للتعذيب ومنابر لنشر الفتنة والتحريض على العنف وسكوت رجال الدين عن ذلك والاستمرار بنشر ثقافة الجهاد المسلح، فان هذا يمثل فضيحة كبرى للدين ولرجاله، ويشاركهم في هذه الفضيحة المخزية رجال الحكومة والسياسة والإعلام والتربية لعدم تسخير كل الطاقات لمحاربتهم وتفنيد ادعاءاتهم وسوقهم إلى المحاكم بتهمة نشر ثقافة الإرهاب والبغض والتحريض على القتل.

وإذا كان التحليل صحيحا، بان المنظومة المتحكمة بالشخصية العراقية في الوقت الحاضر هي منظومة القيم الدينية الطائفية، فان المناشدات الوطنية والإنسانية والإعلانات الدعائية لمكافحة الارهاب والتصدي له سوف لن تجدي نفعا ولن يكون تأثيرها إلا ضئيلا إذا استمرت الأحزاب الحاكمة والمنظمات المتنفذة والأجهزة التربوية والثقافية بتبني الفكر الديني والاستمرار في نهج بناء الشخصية العراقية وفق أنماط طائفية أو دينية بدلا من وشائج وطنية وتطلعات إنسانية مستقبلية مشتركة تهدف إلى التطور والتقدم نحو الأفضل المعرفي والرفاه الاجتماعي.


 

 

free web counter