موقع الناس     http://al-nnas.com/

ملاحظات عابرة على جلسة البرلمان العراقي
 


مالوم ابو رغيف

الأحد 23 /4/ 2006

الحكومة الجديدة لم تستطع الخروج من السكة التي يسير عليها قطار العملية السياسية الذي يسير الهوينا لكن ابوابه مقفلة امام ركاب لا يحملون بطاقات طائفية. الركاب معروفون ولم يكونوا خارج التوقعات والتكهنات.

الترويكا السياسية( شيعي ، كوردي ، سنى) التي تشكل هيكل حكومة ما يسمى بالوحدة الوطنية العام، ليست وليدة الواقع فقط، انما ايضا انعكاس لطموح بعض الكتل السياسية الدينية. فالتكتل الشيعي ممثلا بالمجلس الاعلى يطمح الى تاسيس فدرالية على اساس ديني وليس على اساس تنظيمي بأسم المذهب او المرجعية. اما الصدريون والدعويون فانهم يسعون الى الحصول على هيمنة على الشأن السياسي من خلال توافق مع السنة ضد النسة ضد الكورد في المسائل التي ستثار لاحقا. التكتل السني من جانبه وان رفض الفدارلية الجنوبية واجبره الواقع على الاعتراف بفدرالية كردستان، فانه لا يعترف باي تمثيل ولا سلطة ( في مناطقه ) مهما كانت خارج حدود مفهوم الطائفة العشائري . الكورد من جانبهم يحاولون قدر الامكان الابتعاد عن تأثيرات الصراع الطائفي بين الاحزاب والتيارت السياسية والاسلامية والوقاية من شرر تصادم المليشيات الطائفية فيما بينها لذلك فهم يلعبون دور المصلح والموفق بين الاطراف المتصارعة، دورا لا يمكن الاستغناء عنه في المرحلة الحالية.او في المستقبل.

اما من يطمح للركوب في العربة فليس له مقعد، الا اذا اراد ان يبقى واقفا فالعربة لا تتسع لأكثر من ثلاثة. وستكون اغلب الوزارات على هذا المنوال.

الخطابان السياسيان اللذان أُلقيا في مجلس النواب عكسا حالة ما يجب عمله في المرحلة القادمة، مرحلة تهدئة الصراع بين الكتل الدينية والطائفية وتاجيله الى فترة قادمة ستكون بالتأكيد حاسمة لكل الاطراف لان هذه الاطراف التي بدت هادئة بعض الشئ تتبادل القبل والعناق ستتبادل الاتهامات وستعلوا حناجرها بالصياح عندما يتم مناقشة

· تعديل الدستور.

· الموقف من الفدرالية التي يحضر لها السيد عبد العزيز الحكيم.

·
المليشيات

لقد تجنب السيد محمود المشهداني التطرق الى اغلب النقاط الساخنة محل خلاف الكتل المشكلة للحكومة، وبدى وكأنه يتلو خطبة جمعة في مسجد وليس في برلمان، حتى ان صوته كان اقرب نبرة ولحنا الى قارئ قرآن او واعظ . اغرق في النصح الديني على حساب السياسي واكثر من الصلاة على محمد وال محمد واصحاب محمد في بداية خطبته وفي نهايتها، محاولة واضحة للاشارة الى الايمان والأنطلاق من موقف ديني في حلحلة القضايا وهذا ما يوافق ويتفق مع طموحات المعممين والافندية المسلمين من كلا الطرفين السنة والشيعة.

خلا خطاب السيد المشهداني من الاشارة الى الارهاب، الوحش الذي يشيع الرعب والهلع في نفوس العراقيين وكذلك من الاشارة الى المليشيات التي لا تقل خطرا عن الارهاب، محاولة اخرى لأبعاد نقاط الخلاف بين التكتليين المذهبيين. لم يذكر السيد المشهداني كردستان ولم يشر الى اهميتها والتقدم الحاصل فيها اكان من ناحية الاستقرار السياسي والامني ونجاح تجربة الفدرالية فيها، او الناحية العمرانية والاقتصادية التي تشهد تقدما متسارعا يصلح ان يكون نموذجا للاقتداء. وكذلك الى ضرورة الحديث الدائم عنها اذا ما كان طموح العرب منصبا الى الحفاظ على الوحدة الوطنية عملا فما بالك ان ننسهم حتى اثناء الحديث. كما ان السيد المشهداني لم يشر لا الى الدمقراطية ولا الى الفدرالية ولا الى المرأة ولا الى دورها في العملية السياسية او في مقارعة نظام البعثي الهمجي، رغم انها ممثلة بالبرلمان ايضا، ربما لتدينه، وهذا ما يكشفه مظهره الايماني ، فمن المؤمنين من لا يصافح يد المراة ومنهم مَن هومجبور على قبولها ومنهم مَن لا يود تحيتها حتى عن طريق المجاملة.

لقد استخدم السيد المشهداني اثناء تقديمه لنفسه تعبير شمال العراق ليس للاشارة الى الموقع الجغرافي بل للاشارة الى التكوين السكاني والسياسي، قد تكون زلة لسان، قد خانه التعبير او لم تحظره الكلمة، او فلة لتحفظ يخفيه السيد المشهداني وهذا ما لا يرجاه احد.

جزء غالب من الخطاب متشابه مع كليشات الخطب السياسية لبرلمانات التزوير العربية، ولعل اوضحها ما اعترض عليه السيد حميد مجيد موسى حول قطع الايدي والارجل، لو قالها وزير داخلية اووزير الدفاع لامكن تفهم ذلك، اما ان يقولها رئيس مجلس النواب، فانها نقطة تثير الاستغراب.

اما خطاب السيد جلال الطلباني فقد كان الى حد شاملا متوازنا بين التأكيد على المضي بالعملية السياسية على الصعيد الديمقراطي والاتحادي او على صعيد تطمين واشباع حاجات الناس وانهاء الازمات الخانقة والتعهد على انجاز ما تسمح له به صلاحياته الدستورية، وبين التصميم على القضاء على الارهاب. لكنه اكثر من المجاملة للسيد الجعفري واثنى عليه كثيرا، الذي بدى كئيبا بعض الشئ خاصة عندما أُنيطيت مسؤلية تشكيل الوزارة للسيد نوري المالكي حاليا جواد المالكي سابقا.

اسخف ملاحظتين في اجتماع مجلس النواب كانا لــ

بهاء الاعرجي الذي اعترض بشكل استفزازي يثير الاستغراب على تسمية مام جلال برئيس الجمهورية. فهل يعتقد الاعرجي ان المنطق الاعرج يصلح ان يكون مادة دستورية تسلب الرئيس منصبه ولقبه وتجعله عضوا عاديا في مجلس الرئاسة.؟

ولماذا لم يعترض السيد الااعرجي على تسمية السيد نوري المالكي برئيس الورزاء مع انه رئيس مجلس الوزراء ايضا.؟

الملاحظة الساذجة الثانية قالها عضو جبهة التوافق ...الجنابي فهي على وزن عرب وين طنبورة وين فلمرتين متتاليتن طالب الجنابي باطلاق سراح جميع الموقوفين في سجون الحكومة او في سجون القوات المتعددة الجنسية رغم حالة الارهاب المتفشية في العراق. فهل من المعقول ان الناس تُقتل وتُفجر وتُختطف ولا يعتقل احد؟ وان أُعتقل سارع البعض للمطالبة باطلاق سراحه! كان الافضل هو المطالبة بانجاز عمليات التحقيق وتقديم المتهميين للمحاكمات.

كمحصلة عامة يمكن القول ان كل شئ كان معدا ومرتبا على عجل، وان تاخير العملية السياسية بسبب مماطلة السيد الجعفري عن التنحي عن المنصب قد اضر بالعملية كلها وجعلها حكومة تشكل في الوقت الضائع.

ان اخفق السياسيون بتشكيل حكومة وحدة وطنية، فان الامل لا زال قائما ان يتداركوا الامر ويشكلوا وزارة يجيد وزرائها العمل ويقرنون القول مع الفعل..