موقع الناس     http://al-nnas.com/

المالكي العزيمة والمهمة الصعبة

 

مالوم ابو رغيف

الأثنين 22 /5/ 2006

لم يكن المناخ السياسي الذي شكل فيه السيد المالكي حكومته مناخ ملائم يخلو من الصعوبات والعراقيل التي وضعت امامه في كل خطوة يخطوها لانجاز المهمة الصعبة التي انيطت به ووضعت على كاهله ليكون اول رئيس وزراء حكومة دائمية عليها انجاز الكثير من البرامج والمهات المعطلة والمؤجلة منذ ان سقط النظام الهمجي الى يومنا هذا. كانت عملية التوفيق بين الاستحقاقات الانتخابية والوطنية والطائفية تبدو في غاية الصعوبة وربما في شبه مستحيلة لو تركت العملية من دون رعاية او اشراف واستخدام بعض الضغوطات والتطمينات بشكل شبه متوازن. لقد كان للامريكان وحلفائهم دورا هاما جدا في هذا التقارب الذي شهدناه بين المكونات المتصارعة والمختلفة دينيا وقوميا ومذهبيا وسياسيا.

ليس لان العراقيين لا يستطيعون الوصول لتكوين حكومة وطنية، لكن وكما هو معروف ان الشأن العراقي لم يعد شأنا وطنيا خالصا، فقد كان لدول الجوار والمحيط العربي والاسلامي دورا خبيثا تأمريا. فاغلب الاحزاب والمجوعات السياسية لها ما يربطها، وبما يسدد او يشتت خطاها حسب ما تقتضيه المصلحة السياسية والاقتصادية والطائفية لجهة الارتباط. فهناك من يخاف من عدوى الحرية والديمقراطية، وهناك من يخشى هجوما امريكيا وهناك من يموت ولا يرى سيطرة شيعية على عراق كان طول تاريخة الاسلامي تحكمه طغمة مذهبية. هناك بالطبع من يهمه ان لا يتحول العراق الى قوة اقتصادية كبيرة ومنافس في السوق ولا الى منافس سياحي وثقافي تزدهر فيه الفنون والعلم والمعرفة. وهناك من يلعب على اوتار الطائفية ومن يرقص على دبكات القومية ومن يولول على الشرعية المغتصبة وعلى امجاد يا عرب امجاد ببلادكم كرام اسياد مع ان العبودية ماركة دينية مسجلة بجبهة كل مواطن من الخليج الى المحيط، فالمواطن يسجد ويسبج بحمد ولي الامر اكثر من سجوده الى الله.

المشكلة الاساسية التي تواجه الدولة والشعب هي مشكلة الارهاب، وان كانت اغلب القوى متفقة على ضرورة محاربته، لكن هناك ايضا من يبرره بذريعة المقاومة وطرد المحتل. ورغم سوء الاوضاع الاقتصادية والامنية التي تلقي على كاهل الحكومة مهمات جسام تتطلب سرعة الحسم واتخاذ القرار، لكن هناك ايضا من يراهن على قابليته باقناع البعض على القاء سلاحهم والتخلي عن عبواتهم الناسفة واستخدام سكاكينهم لذبح النعاج وليس لحز رقبة الانسان، فيدعوا الى حوار معهم موهما نفسه والاخرين معه، بان ايادي من يود الحوار معهم ناصعة مثل يد موسى، وفاته ان يعرف ان يد موسى بيضاء من البرص وليس لانها لم تتطلخ في الدماء.

اليس من حمل السلاح هكذا وببساطه له ايضا ان يلقي السلاح هكذا وببساطة.؟ ام ترى ان الاكمة ما ورائها وليس العملية تصحيح خطا بقدر ما هي فرض شروط وتحقيق مصالح.؟

لم يجر تغيير يذكر على مواقف الاحزاب الممثلة بالبرلمان او المشاركة بالحكومة، فالموقف من العنف هو نفسه، اطراف تبرره تحت ذريعة المقاومة واخرى تحاربه لانه ارهابا محضا. غير ان محاربة الارهاب استندت لحد الان على جملة من القواعد والمبادئ الطائفية، اكان في الشعارات المرفوعة او في المفاهيم المطروحة. صحيح ان بعض من الارهاب يستند على مبادئ تكفيرية وهابية وسلفية، لكن هناك من يمارس الارهاب لغايات سياسية واهداف تشتم منها رائحة البلدان المجاروة او غير المجاروة، عربية ودولية. من يحاول تصوير الارهاب على انه ارهاب تكفيري فقط، يحاول تبيض صفحة ايران و غض النظر عن مساهمتها الخبيثة في زعزعة الامن والاستقرار وعرقلة اعمار ما خربه صدام بحروبه المتكررة وتحويل العراق الى مستنقع يغوص في احواله الامريكيون ليتلقنوا درسا موجعا يجعلهم يفكرون الف مرة قبل شن اي حرب ضد نظام الملالي. لكن في الطرف الثاني هناك من يحاول القاء كل تبعات الارهاب على ايران وعلى تدخلها في الشان الداخلي العراقي. بل الانكا من ذلك كله ان بعض من الطرفين الذان يتهمان احدهما الاخر بالطائفية، يتهمان القوات المتعددة الجنسية واسرائيل بتفجير السيارات المفخخة وذبح المواطنين وتخريب البنية التحتية، متناسين ان الامريكان يخسرون كل يوم قتلى وجرحى واموال طائلة والاكثر من هذا هو حصاد فشلهم المر في جعل العراق واحة للديمقراطية وحقوق الانسان.

لقد ابدى السيد المالكي ومن خلال تصريحاته عزما على مكافحة الارهاب والقضاء عليه، وموقفا حازما من المليشيات وضرورة حلها. لكننا لم نرى ردة الفعل الحقيقية على تصريحاته من القوى التي تساند ما يسمى المقاومة ومن القوى التي تمتلك المليشيات. واذا كانت العروس تقابل بالزغاريد ونثر قطع الحلوى، فان حكومة المالكي رغم انها تمثل اوسع تمثيل طائفي، قوبلت بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة وعربدة الرشاشات. اليس من حقنا ان نتسائل اين هو دور القوى الجديدة او القديمة المشتركة بالسلطة في تخفيف حدة الجنون المنفلت.؟

اين هو دورها في السيطرة على مناطق قوتها واين هو دورها في توظيف جماهيرها لقمع الارهابيين وتسليمهم ليد العدالة.؟

المالكي تتوفر فيه ولحد الان عناصر من القوة ومن الحزم المفقودة كليا عند سلفه الجعفري الذي واجه الامور بعدم مبالاة متناهية، مؤمنا بــ قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا..لكن عناصر القوة والحزم ان لم تقترن بالجرأة على اتخاذ القرار، والسرعة في التنفيذ، والاعتماد على كفائات حقيقة وليس ( دك عطية وياهو الجان) ستكون عناصر القوة والحزم هذه عوامل مهيجة للاحتقان الطائفي والسياسي، ومساهمة في رادءة الوضع لا تحسينه.

ما نحتاجه ارادة وحزم وسياسة متوازنة لا تخضع للمعايير الطائفية ولا ترتكز على الدين ولا على مسلماته ولا تترك الامور سائبة حتى تستفحل ويصبح من الصعب معالجتها والتحكم بها. ومحاسبة الرجال غير المناسبين لاماكنهم وفصلهم من الوضيفة. ففي وقت الازمات ليس من مكان للمجاملات.

لا زالت الامور التي ادت الى تعطيل تشكيل الحكومة قائمة، ولا زالت النيات مبطنة ـ ولا زال الصراع والاحتقان الطائفي كما هو، ولا زالت الدول المجاورة تتامر وتتدخل، ولا زلنا ننتظر ان يكون المالكي عند كلمته وعند وعده في ايقاف التدهور والخراب. فهل سيكون عند وعده..نتمنى ذلك ..