| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأربعاء 21/4/ 2010



ما بعد هلاك نزلاء الحفر

مالوم ابو رغيف

يبدو إن الحكومات والمنظمات العربية بطيئة الاستيعاب والإدراك، فأخيرا وبعد مرور سبع سنوات على سقوط نظام البعث وبعد إن بذلت الدول والأحزاب والمنظمات العربية كل جهودها لإرجاع العراق إلى حظيرة الاستبداد العربي، أدركت بان لا المؤامرات ولا الخطط الخبيثة ولا المقاطعة ولا الإرهاب والتفجير قادرة على ثني العراقيين عن المضي إلى الأمام في إقامة دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم كل الظروف العسيرة ورغم فساد النفوس المريضة ورغم كل تركات نظام العار ألصدامي. الم يكن أجدر بالدول العربية إدراك هذه الحقيقة، حقيقة إن الإرهاب ومهما كانت شدته وعنفه لا يمكن له الانتصار وانه مهما كانت الأغلفة جذابة ومقدسة لا يمكن تسويق الإرهاب حتى لو كان المسوقون أنبياء مرسلون وليس حكام مستبدون و حفنة دكتاتوريين ؟

لو كفت هذه الدول العربية عن دعم الإرهاب وإسناده ، لما تحملنا كل هذه الخسائر البشرية التي لا تقدر بثمن ولا حل بنا الخراب والدمار وضياع الأموال.

هذه المرة، عندما هلك الإرهابيان ابو أيوب المصري وعمر البغدادي وختما حياتهما بنفس خاتمة العار والخزي للمقبورين صدام والزرقاوي، نزلاء حفر، لم يبكهما العربان، ولم يقيما لهما مآتم عزاء كما أقاموا للمجرم صدام وللمجرم الزرقاوي، ولم يندبهم الشعراء والصحفيون والبرلمانيون العرب. حتى رجال الدين الوهابيون والسلفيون والإخوان المسلمون لم تخضب دموعهم لحاياهم النحسة، لم ينطقوا بكلمة، لا حق ولا باطل، فضلوا الصمت، فقد أدركوا وهم الخبثاء بان الوقت لم يعد لصالحهمم وان الناس لم تعد تُخدع بالسم المداف بالعسل، ولا تغتر بقصص حور العين و(الفروخ) المخلدون ولا بالعشاء مع النبي، فمناظر الدماء المسفوكة على أرصفة الشوارع والأجسام المقطعة أفقدت الناس الشهية وشلت مقدراتهم الجسدية، فأي جنة هذه التي يكون ثمنها قتل الإنسان وأي مأدبة عشاء هذه التي تنصب على أجساد البشر!!

ليس الدول العربية وحدها التي أدركت بان من الصعب القضاء على إرادة الإنسان العراقي الجبارة في بناء مجتمع أفضل، رغم فساد الأحزاب والمسئولين، لقد أدرك الإسلاميون السلفيون والوهابيون والأصوليون أيضا، بان بريقهم ولمعانهم بدأ بالخفوت ومعدنهم بدأ بالصدأ ليدل على رداءة أصلهم. الإرهابيون بدورهم قد رأوا المصير المحتوم الذي ينتظرهم، خاتمة مخزية وعار أبدي لن يمحى أبدا، وجرائم تبقى حبيسة صدر مقترفيها تفتك بهم كما يفتك المرض الخبيث بصاحبه، وهلاك يتربص بهم في كل حين، اليوم أو غدا ثم تحل عليهم اللعنة الأبدية. فبدأ تدفقهم يقل، وإعلامهم يأفل، وفضائياتهم تبدل برامجها وتغير كلماتها ولهجتها.

ومثلما بدأت الدول العربية إدراك حقيقة إن لا جدوى ولا فائدة تأتي من معاونة الإرهاب وتسويقه بحجة الجهاد ومقاومة الاحتلال، وان أيامه بدأت معدودة وسيقبر مثل أصحابه في حفر العار، ستنكشف أيضا أحزاب وشخوص الإثارة الطائفية و القومية والدينية، وستغلق دكاكينهم ويعلنون إفلاسهم، فسياسة إثارة الأحقاد والبغض الطائفي لم تعد تنطلي على احد، فلم يعد التاريخ الإسلامي والعربي يملك ذاك البريق وتبين إن عصورنا التي تغنى بها الإسلاميون والقوميون العرب ليست سوى عصور ذهب مزيف، فلم نكن يوماً امة ليس فيها جياع، ولم نكن يوماً امة لا يظلم فيها الإنسان، ولم نكن في يوم امة لا يملكها ويحكمها الفاسدون.

 

 

free web counter